ads
ads

تقرير الأمم المتحدة يدق ناقوس الخطر: سباق الذكاء الاصطناعي الجامح يهدد بتعميق الهوة الاقتصادية العالمية

الذكاء الصناعي
الذكاء الصناعي

جنيف، الأمم المتحدة – حذّر تقرير جديد صادر عن الأمم المتحدة من أن التطورات السريعة وغير المُنظمة في مجال الذكاء الاصطناعي (AI) تخاطر بخلق فجوة تكنولوجية واقتصادية هائلة على مستوى العالم، مؤكداً أن سباق الابتكار قد تجاوز بكثير قدرة الدول النامية والجهات التنظيمية على الاستيعاب والتكيف. يدعو التقرير الحكومات والقطاع الخاص إلى اتخاذ إجراءات فورية لضمان أن تكون ثورة الذكاء الاصطناعي قوة دافعة للعدالة بدلاً من أن تكون محفزاً لعدم المساواة.

التفاوت الرقمي يترجم إلى تفاوت وظيفي

يؤكد التقرير، الذي نُشر في الثاني من ديسمبر 2025، أن التأثير المدمر لـ "أتمتة الوظائف" يتركز بشكل غير متناسب على فئات مجتمعية معينة، أبرزها النساء والشباب.

النساء: تميل النساء لشغل وظائف في القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على المهام الروتينية والقابلة للأتمتة بسهولة، مثل الأعمال المكتبية، والخدمات الإدارية، وبعض أدوار التصنيع. هذا يجعلهن عرضة بشكل خاص للفقدان السريع للوظائف مع تبني الشركات لأنظمة الذكاء الاصطناعي.

الشباب: يواجه الشباب، خاصة في الاقتصادات النامية، صعوبة مضاعفة؛ فهم يفتقرون إلى الخبرة الكافية للتنافس في سوق العمل الذي يتطلب مهارات رقمية متقدمة، بينما تختفي الوظائف المبتدئة التي كانت تشكل بوابة دخولهم إلى سوق العمل.

كما يُسلط التقرير الضوء على أن الدول التي لا تمتلك البنية التحتية التكنولوجية أو القدرات البحثية المتقدمة ستجد نفسها مجرد مستهلكين للذكاء الاصطناعي بدلاً من أن تكون منتجة له، مما يعزز هيمنة عدد قليل من عمالقة التكنولوجيا العالميين ويوسع الفجوة بين الشمال والجنوب العالميين.

خوارزميات منحازة تكرس التمييز

لا يقتصر الخطر على فقدان الوظائف فحسب، بل يمتد إلى خطر انحياز (Bias) التكنولوجيا ضد الفئات الضعيفة. ويشير التقرير إلى أن أنظمة الذكاء الاصطناعي يتم تدريبها غالباً على بيانات تاريخية تعكس التمييز المجتمعي القائم (مثل البيانات التي تظهر تفاوت الأجور أو محدودية وصول المرأة لمناصب قيادية).

عندما تُستخدم هذه الخوارزميات في اتخاذ قرارات هامة – مثل تقييم طلبات التوظيف، أو تحديد أهلية الحصول على القروض، أو حتى تقديرات العدالة الجنائية – فإنها تُكرس وتُضخم التمييز الموجود بالفعل، بدلاً من تصحيحه. هذا يشكل عقبة هائلة أمام جهود تحقيق المساواة الاجتماعية والإدماج.

توصيات الأمم المتحدة: مسار عادل للذكاء الاصطناعي

لمواجهة هذه التحديات، يطالب تقرير الأمم المتحدة بتبني "نهج عالمي منسق" يركز على شقين رئيسيين:

1. الاستثمار في القدرة البشرية والتنظيم الشامل:

التعليم والتدريب التحويلي: يجب على الحكومات الاستثمار بشكل مكثف في برامج إعادة التدريب والمهارات الرقمية، خاصة للفئات المعرضة للخطر. يجب أن تركز المناهج التعليمية على تطوير المهارات الناعمة والإبداع والتفكير النقدي التي يصعب على الذكاء الاصطناعي محاكاتها.

شبكات الأمان الاجتماعي: الدعوة إلى مراجعة شاملة لشبكات الأمان الاجتماعي لتكون قادرة على دعم العمال الذين يفقدون وظائفهم بسبب الأتمتة، بما في ذلك نقاش حول مفاهيم مثل الدخل الأساسي الشامل (UBI) أو الإعانات الموجهة.

التنظيم العابر للحدود: إنشاء أطر تنظيمية دولية واضحة لضمان الشفافية والمساءلة في تطوير ونشر أنظمة الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك آليات لتدقيق الخوارزميات للكشف عن الانحياز وإزالته.

2. تحقيق الشمول التكنولوجي (Tech Inclusion):

نقل التكنولوجيا وتوطينها: حث الشركات الكبرى على تيسير نقل تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى الدول النامية، ومساعدة هذه الدول في بناء قدراتها المحلية لتطوير حلول ذكاء اصطناعي تتناسب مع احتياجاتها الخاصة.

الوصول إلى البيانات: يجب العمل على ضمان وصول الباحثين والمطورين في جميع أنحاء العالم إلى مجموعات بيانات متنوعة وعالية الجودة لتقليل الانحياز في النماذج المدربة.

يختتم التقرير بالقول إن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة تاريخية للقضاء على الفقر وتعزيز التنمية المستدامة، ولكن هذا الهدف لن يتحقق إلا إذا تم توجيه التكنولوجيا بوعي كامل لمخاطرها الاجتماعية والاقتصادية، وإلا سيتحول إلى أداة تزيد من إثراء الأغنياء وتهميش الفقراء.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً