أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء الجمعة، أن القوات الأمريكية نفّذت ضربات جوية واسعة النطاق استهدفت عشرات الأهداف التابعة لتنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في سوريا، في رد وصفه بـ«الانتقامي القاسي جدًا»، وذلك عقب هجوم دموي استهدف قوات أمريكية في مدينة تدمر وسط البلاد، وأسفر عن مقتل ثلاثة أمريكيين.
وأكدت مصادر عسكرية أمريكية أن الضربات نُفذت يوم الجمعة وشملت نحو 70 هدفًا في مناطق متفرقة من وسط سوريا، موضحة أن العملية استهدفت بنية تحتية عسكرية للتنظيم، ومخازن أسلحة، ومراكز قيادة ومواقع عمليات.
وكتب ترامب على منصته «تروث سوشيال»، بعد وقت قصير من إعلان وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) بدء العملية العسكرية: «أعلن هنا أن الولايات المتحدة تنفذ ردًا قاسيًا جدًا، كما وعدت، ضد الإرهابيين القتلة المسؤولين»، مضيفًا: «نوجّه ضربات قوية للغاية ضد معاقل تنظيم داعش».
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، أسفرت الغارات عن مقتل خمسة عناصر على الأقل من التنظيم. وقال مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، إن من بين القتلى «قائد خلية مسؤولة عن تشغيل الطائرات المسيّرة» في محافظة دير الزور شرقي سوريا.
وأوضح مسؤولان أمريكيان، تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما، أن العملية العسكرية وُصفت بأنها «ضربة واسعة النطاق»، مؤكدين أن «المزيد من الضربات قد يُنفذ خلال الفترة المقبلة» في حال استمرار التهديدات. وأشار أحدهما إلى أن الهجمات نُفذت باستخدام طائرات مقاتلة من طراز «إف-15 إيغل» وطائرات الهجوم الأرضي «إيه-10 ثاندربولت»، إضافة إلى مروحيات «إيه إتش-64 أباتشي»، وطائرات «إف-16» انطلقت من قواعد في الأردن، إلى جانب استخدام مدفعية صاروخية من طراز «هيمارس».
وكان الجيش الأمريكي قد أعلن مقتل اثنين من أفراده، هما الرقيب إدغار برايان توريس-توفار والرقيب ويليام ناثانيال هوارد من الحرس الوطني في ولاية أيوا، في هجوم استهدف قافلة مشتركة للقوات الأمريكية والسورية في مدينة تدمر يوم السبت الماضي. كما قُتلت مدنية أمريكية كانت تعمل مترجمة، وأُصيب ثلاثة جنود أمريكيين آخرين بجروح متفاوتة. وأوضح البيان أن منفذ الهجوم يُشتبه في انتمائه لتنظيم داعش، وقد قُتل لاحقًا.
وفي بيان رسمي، قال وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث إن الضربات نُفذت ضمن «عملية ضربة هوك آي»، واصفًا إياها بأنها «إجراء انتقامي» على هجوم تدمر. وأضاف: «هذه ليست بداية حرب، بل إعلان انتقام. الولايات المتحدة، بقيادة الرئيس ترامب، لن تتردد ولن تتراجع عن الدفاع عن شعبها». وتابع محذرًا: «إذا استهدفتم الأمريكيين في أي مكان في العالم، فسوف نطاردكم ونقضي عليكم بلا رحمة».
ميدانيًا، سُمع دوي انفجارات قوية في مدينة دير الزور شرقي سوريا، فيما أفادت تقارير محلية بوقوع غارات جوية مكثفة في صحراء الرقة الشرقية، ضمن إطار العملية العسكرية الجارية.
وجدد ترامب تأكيده، مساء الجمعة، أن الجيش الأمريكي شن «ضربات قوية ضد معاقل داعش» في سوريا، معتبرًا أن القضاء على التنظيم شرط أساسي لاستقرار المنطقة. وقال في منشور له: «هذه منطقة غارقة في الدماء وتعاني من مشكلات كثيرة، لكنها تمتلك مستقبلًا مشرقًا إذا تم القضاء على داعش». كما وجّه تحذيرًا مباشرًا للتنظيمات المسلحة قائلًا: «كل من يهاجم الأمريكيين سيتلقى ضربة أشدّ مما تلقاه سابقًا».
من جهتها، أصدرت وزارة الخارجية السورية بيانًا أكدت فيه التزام دمشق «الثابت بمكافحة تنظيم داعش ومنع وجود أي ملاذات آمنة له على الأراضي السورية»، مشيرة إلى استمرار تكثيف العمليات العسكرية ضد التنظيم في مختلف المناطق التي يشكّل فيها تهديدًا أمنيًا.
وأضاف البيان أن الحكومة السورية تتقدّم «بخالص التعازي لعائلات الضحايا من رجال الأمن السوريين والأمريكيين الذين قُتلوا في الهجمات الإرهابية التي شهدتها تدمر وشمال سوريا الأسبوع الماضي»، معتبرة أن هذه الخسائر «تؤكد الحاجة إلى تعزيز التعاون الدولي في مواجهة الإرهاب».
ودعت الخارجية السورية الولايات المتحدة والدول الأعضاء في التحالف الدولي إلى دعم جهود دمشق في مكافحة التنظيمات المتطرفة، بما يسهم في حماية المدنيين واستعادة الأمن والاستقرار.
ويُعد مقتل الجنود الأمريكيين في تدمر أول خسائر بشرية للقوات الأمريكية في سوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد، في وقت تراجع فيه الوجود العسكري الأمريكي خلال السنوات الأخيرة ليقتصر على نحو ألف جندي.
وفي ختام تصريحاته، دافع الرئيس ترامب عن استمرار الوجود العسكري الأمريكي في سوريا، مؤكدًا أن القوات الأمريكية موجودة للحفاظ على «السلام في الشرق الأوسط». كما أشاد بالرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، مؤكدًا أن حكومته لا علاقة لها بالهجوم الذي وقع في 13 ديسمبر، مضيفًا: «ما يحدث في سوريا تطور مذهل… ولدينا سلام حقيقي في الشرق الأوسط لأول مرة منذ آلاف السنين».