تزامن تسريب معلومات حول الدعم المالي والعسكري لفصائل مسلحة في السويداء مع الاستعدادات للقاء بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب، في لحظة سياسية إقليمية حساسة.
قبل اللقاء، سعت إسرائيل إلى ترتيب ملفاتها الإقليمية بما يتوافق مع أولويات واشنطن، خصوصاً منع أي مسارات توتر جديدة قد تعقد جهود تثبيت التهدئة في المنطقة. في هذا الإطار، يكتسب ملف السويداء أهمية تتجاوز الجغرافيا المحلية، إذ تعكس مراجعة إرسال الأسلحة أو الرواتب إلى مجموعات مسلحة انفصالية تحوّلاً في السياسة الإسرائيلية باتجاه حصر الدعم بالجانب الإنساني فقط، عبر قنوات الطائفة الدرزية في المنطقة.
هذا التوجه يتوافق مع رؤية أميركية ترى أن تشجيع أي مشروع انفصالي في جنوب سوريا قد يهدد الاستقرار الهش ويقوّض فرص التفاهمات الأمنية الأوسع مع دمشق.
التسريبات التي نشرتها وسائل إعلام دولية، ونسبت إلى مصادر إسرائيلية، تكشف نقاشاً داخلياً في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، حيث تتنامى القناعة بأن الاستثمار في كيان درزي مستقل أو شبه مستقل جنوب سوريا لا يخدم المصالح الاستراتيجية لإسرائيل، بل قد يتحوّل إلى عبء سياسي وأمني إذا تعارض مع جهود التهدئة التي تسعى واشنطن إلى فرض إيقاعها.
قيادات الدروز في إسرائيل أوضحت أن الدعم يجب أن يقتصر على الجوانب الإنسانية والمادية والمعنوية لأبناء الطائفة، دون تبني مشروع انفصالي، خاصة بعد التطورات الدامية داخل السويداء التي أظهرت مخاطر الانزلاق إلى صراع داخلي. كما أبدت هذه القيادات حرصها على تفادي القطيعة مع دمشق والسعي لتفاهمات أمنية تضمن الاستقرار.
توقيت التسريب قبل لقاء مار ألاغو يحمل رسالة مزدوجة: أولاً إلى واشنطن لتأكيد استعداد إسرائيل لتعديل سلوكها بما يتوافق مع الرؤية الأميركية للاستقرار، وثانياً إلى الداخل الإسرائيلي لدعم التيار الذي يفضل التفاهمات الأمنية الهادئة على المغامرات الانفصالية.
في المحصلة، يعكس وقف الدعم العسكري والمالي للفصائل في السويداء تحولات أوسع في خريطة الأولويات الإقليمية، حيث تسعى إسرائيل، عشية لقاء فلوريدا، إلى إغلاق هوامش التصعيد والانتقال من سياسات اللعب على الأطراف إلى سياسات تثبيت الجبهات. وتظل السويداء جزءاً من معادلة الاستقرار، لا نقطة اشتعال جديدة، في انتظار نتائج التفاهمات المقبلة.