جدال وإشكاليات.. رحلة «الإجراءات الجنائية» حتى موافقة «النواب» على تعديلاته

مجلس النواب
مجلس النواب

وافقت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب برئاسة المستشار إبراهيم الهنيدي، نهائيًا، على مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية، وشهدت الجلسة الأخيرة جدلا كبيرا بين ممثل وزارة العدل (الحكومة) وأعضاء اللجنة التشريعية، خلال مناقشة عدد من بنود تعديلات القانون.

عقدت اللجنة اجتماعاً لنظره في ١٣ من يناير ٢٠٢٤، برئاسة المستشار إبراهيم الهنيدي، بحضور المستشار علاء الدين فؤاد، وزير شئون المجالس النيابية، والمستشار محمد عبد العليم كفافي، المستشار القانوني لرئيس مجلس النواب، بحضور أعضاء اللجنة.

تعديل قانون الإجراءات الجنائية

استعرضت اللجنة مشروع القانون المشار إليه ومذكرته الإيضاحية، واستعادت نظر الدستور وقانون العقوبات، والقانون المدني، وقانون الإجراءات الجنائية، وقانون المرافعات المدنية والتجارية وقانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩، والقانون رقم ٧٥ لسنة ١٩٦٣ في شأن تنظيم هيئة قضايا الدولة، وقانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم ٤٦ لسنة ۱۹۷۲ ، وقانون المحاماة الصادر بالقانون رقم ١٧ لسنة ۱۹۸۳ ، وقانون المالية العامة الموحد الصادر بالقانون رقم 6 لسنة ۲۰۲۲ ، واللائحة الداخلية للمجلس.

قانون الإجراءات الجنائية هو مجموعة القواعد التي تحكم الدعوى الجنائية من حيث إجراءات مباشرتها منذ لحظة وقوع الجريمة حتى الحكم فيها، وكذلك الحقوق والواجبات الناشئة عن محيط الروابط القانونية الناشئة عن تلك الإجراءات.

تنفيذ العقوبات

الدور الأساسي لقانون الإجراءات الجنائية هو تطبيق وتفعيل قواعد قانون العقوبات فهو قانون جنائي إجرائي لكيفية تنفيذ العقوبات بالشكل الذي يحفظ للمواطنين حقوقهم وحرياتهم المقررة دستوريا.

جاء مشروع القانون المعروض تنفيذاً للالتزام الدستوري القائم على الدولة بكفالة توفير الإمكانيات المادية والبشرية المتعلقة باستئناف الأحكام الصادرة في الجنايات، خلال 10 سنوات من تاريخ العمل بالدستور، والتي ستنتهي في ١٧ يناير ٢٠٢٤.

ونظرًا لما أفرزه الواقع العملي من تكدس القضايا حيث أصبح من الضروري إعادة النظر في بعض نصوص القانون القائم في ضوء عدم ملاءمتها للوقت الراهن ومرور ما يزيد على سبعين عاماً على إصداره تخللتها ظروف ومستجدات أوجبت إعادة النظر في القواعد التي تتصل بالمحاكمات الجنائية. حيث أصبح هناك ضرورة لذلك، نظراً لخطورة الجنايات وعقوباتها الجسيمة التي قد تصل إلى الإعدام بأن تنظر على درجة واحدة، ولا سيما أن الجنح وهي أقل خطورة تنظر على درجتين.

تخفيف العبء على النقض

كما أنه جاء هادفاً إلى تحقيق عدد من الأهداف أبرزها العدالة الناجزة وتطبيق أفضل صورها، وكذا تخفيف العبء على محكمة النقض، ويهدف كذلك إلى وضع أفضل الضمانات للمتقاضين نظراً لخطورة الجنايات وأثارها على المتهم وذويه على النحو السالف بيانه، ومن ثم بات لزامًا على الدولة أن تسارع إلى تعديله ليتفق مع الغايات السالف ذكرها.

انتظم مشروع القانون المعروض في ثلاث مواد بخلاف مادة النشر، واستبدلت المادة الأولى من مواد المشروع الفصلين الأول والثاني من الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون الإجراءات الجنائية، وقد استحدث المشروع في الفصل الأول من الباب الثالث الأحكام المنظمة لتشكيل محاكم الجنايات المستأنفة، وتحديد أدوار انعقادها ومكان الانعقاد ومواعيده، وكيفية اختيار قضاتها.

كما استحدث مشروع القانون في الفصل الثاني من الباب الثالث تنظيماً للإجراءات المتبعة أمام محكمة الجنايات المستأنفة، بما في ذلك إجراءات إعلان المتهم بالجلسة المحددة لنظر الاستئناف، ودرجة المحامي الذي يحق له المرافعة أمام المحكمة، ودوره وجزاء إخلاله بهذا الدور، وأتعاب المحامي المنتدب للدفاع عن المتهم، والإجراءات التي تتبع في سبيل عرض القضايا على المحكمة وسلطاتها في القبض على المتهم وحبسه احتياطياً أو الإفراج عنه.

أضافت المادة الثانية من مواد المشروع إلى قانون الإجراءات الجنائية المشار إليه مواد جديدة بأرقام (٤١٩) مكرراً ، ٤١٩ مكرراً ۱ ، ٤۱۹ مكرراً ٢ ، ٤١٩ مكرراً ۳ ، ٤١٩ مكرراً ٤ ، ٤١٩ مكرراً ٥ ، ٤١٩ مكرراً ٦ ، ٤١٩ مكرراً ٧، ٤١٩ مكرراً (۸، ٤۱۹ مكرراً (۹) وقد عينت نصوص المواد المستحدثة أصحاب الحق في الطعن بطريق الاستئناف في الأحكام الصادرة في مواد الجنايات من محكمة جنايات أول درجة، سواء في الدعوى الجنائية أو المدنية، وإجراءات الطعن وشروط قبوله، والإجراءات التي تتبع حيال الطعن بالاستئناف، وتنظيم التزام النيابة العامة بعرض الأحكام الحضورية الصادرة بالإعدام على محكمة النقض وفقا لقانون حالات وإجراءات الطعن بالنقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ .

أوجبت المادة الثالثة من مواد المشروع العمل بأحكامه اعتباراً من العام القضائي 2024/ 2025، والذي يبدأ من أول أكتوبر عام ٢٠٢٤ ، ولا تسري أحكامه إلا على الدعاوى التي لم يفصل فيها من محاكم الجنايات اعتباراً من تاريخ سريان هذا القانون، لما هو مقرر أن قانون المرافعات المدنية والتجارية يعتبر قانوناً عاماً بالنسبة لقانون الإجراءات الجنائية ويتعين الرجوع إليه لسد ما قد يوجد في القانون الأخير من نقص أو للإعانة على تنفيذ القواعد المنصوص عليها فيه.

أهم التعديلات على مشروع القانون

1- ارتأت اللجنة إجراءات بعض التعديلات على مشروع القانون كان أبرزها على النحو التالي: ١- ضم المادة ( ٣٦٦) مكرراً) لتصبح فقرة ثانية للمادة (٣٦٦) ، حتى ينسحب الحكم الوارد بالمادة (٣٦٧) إليهما.

2- حذف عبارة 'المشار إليها بالمادة (٣٦٦) من هذا القانون الواردة بالمادة (٣٦٧)، حتى ينسحب حكم استئناف الجنايات إلى القوانين ذات الصلة، والمتضمنة الجرائم في مواد الجنايات.

3- تعديل المادة (۳۷۷) وذلك للإبقاء على المحامين المقبولين للمرافعة أمام محاكم الاستئناف أو المحاكم الابتدائية للمرافعة أمام محكمة جنايات الدرجة الأولى وقصر المرافعة أمام محكمة الجنايات المستأنفة على المحامين المقبولين أمام محاكم الإستئناف، وذلك لمنح الفرصة لشباب المحامين للمرافعة أمام محاكم جنايات الدرجة الأولى.

4- إضافة فقرة جديدة كفقرة ثانية للمادة (١٩) مكرراً ( ٤ ) يكون نصها الآتي: 'وإذا كان مرفوعاً من هيئة قضايا الدولة، فيجب أن يكون التقرير موقعاً من مستشار بها على الأقل'، لسد الفراغ التشريعي.

5- تعديل المادتين (٤١٩) مكرراً / ٤ ) و ( ٤١٩) مكرراً (٥) برفع العبء الواقع على المتهم من ضرورة تقديم مذكرة من محام للطعن أمام محكمة الجنايات المستأنفة مع الاكتفاء بتقرير من المتهم أو وكيله ، وذلك تيسيرا على المتقاضين.

٦- إضافة عبارة 'أو كان الحكم صادراً بالإعدام' إلى عجز الفقرة الأولى من المادة (٤١٩) مكرراً / ٩)، وذلك نظراً لخطورة أحكام الإعدام وعدم تدارك تنفيذها ، وكذلك حذف الفقرة الثالثة والأخيرة منها، حيث إنها مستغرقة بنص المادة (۳۸۰) من المشروع.

استئناف أحكام الجنايات

بعدما تدارست اللجنة مشروع القانون المعروض، وبعد أن استمعت للسادة الأعضاء والسادة ممثلي الحكومة والجهات المعنية، ترى اللجنة أنه جاء متسقاً مع أحكام الدستور خاصة المادة (٢/٩٦) التي تنص على: وينظم القانون استئناف الأحكام الصادرة في الجنايات، وكذلك المادة (٢٤٠) منه التي تنص على أن: «تكفل الدولة توفير الإمكانيات المادية والبشرية المتعلقة باستئناف الأحكام الصادرة في الجنايات، خلال 10 سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور، وينظم القانون ذلك».

كما أنه جاء أيضاً تنفيذاً للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقها فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، ومتسقاً مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة.

إنجاز الدعاوى

تؤكد اللجنة أن مشروع القانون المعروض يعد نقلة نوعية في كفالة ضمانات حقوق الإنسان فيما يخص تيسير إجراءات التقاضي وإنجاز الدعاوى دون إخلال بقواعد المحاكمة المنصفة وحقوق الدفاع وترسيخاً لمبدأ التقاضي على درجتين، حفاظاً على تطبيق أفضل صور العدالة، ولتخفيف العبء عن محكمة النقض، فضلا عن أن مشروع القانون لم يعد مجرد حق أو أحد ضمانات التقاضي بل أصبح حاجة وضرورة على كافة الأصعدة للمتقاضين وللمحاكم والمجتمع ككل، فهو حلم ظل يراود الفقه المصري لعقود طويلة.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً