خبراء: موازنات الدول المستهلكة تعاني.. وتوقعات الوصول لـ99 دولار للبرميل يثير مخاوف الدول
مدحت يوسف: خفض سقف الإنتاج بفعل قرار 'أوبك' السبب
محمد محمود: سلاسل الإمداد العالمية كلمة السر في ارتفاع الأسعار
محمد عطا: صراع عالمي جديد بسبب خط أنابيب الغاز الروسى السيل الشمالى ٢
خالد اسماعيل: الشتاء البارد العام الجاري تسبب في إستنزاف الإحتياطى مع سلسلة من الأعاصير
يري الخبراء أن العالم يواجه أزمة طاقة طاحنة في ظل ارتفاع أسعار النفط العالمي نتيجة قرار منظمة أوبك بلس بتثبيت سقف الإنتاج، الأمر الذي أدي لارتفاع الأسعار والتوقعات لوصول النفط لأكثر من 100 دولار للبرميل، ما نتح عن ذلك ارتفاع أسعار الغاز الطبيعى والمسال.
وخلال السطور التالية، نرصد الصراع العالمي، وأسرار ارتفاعات الأسعار خلال الفترة المقبلة، وكيف تتأثر الدول والبلدان النامية.
خفض سقف الإنتاج
يرى مهندس مدحت يوسف نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، أن الفترة الحالية تشهد أزمة عالمية في الطاقة َذلك على ضوء قرار أوبك بلس بخفض الكميات المنتجة من النفط وخفض سقف الإنتاج.
وأوضح يوسف في تصريح خاص لأهل مصر ان ذلك القرار العقبه زيادة الطلب على النفط ومشتقاته مما أدى لارتفاع تدريجي لأسعار النفط والتي لم تتوقف عند حدود السعر العادل ما بين 60لـ65 دولار للبرميل، وذلك نتيجة لقرار أوبك بلس بالاستمرار في خفض سقف الإنتاج لنهاية العام الحالي.
ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي
وأضاف يوسف أن السوق العالمى للنفط تأثر بزيادة الأسعار، والذى نتج عنها زيادة سعر الغاز الطبيعى كنتيجة لانخفاض المعروض من المزايا، موضحا أن حدوث زيادة في الطلب على الغاز الطبيعى خاصة بدول أورربا الغربية تزامنا مع فصل الشتاء حيث بيستخدم في التدفئة، مضيفا أن أسعار الغاز المسال ارتفعت وتجاوزت الأسعار50 دولار لمليون وحدة حرارية.
الطلب على الغاز الروسي يرتفع
وأكد يوسف أن معظم دول العالم تأثرت سلبا لهذه الأوضاع خاصة الدول المستوردة وأوروبا خاصة، مشيرا الي زيادة الطلب على الغاز الروسي خلال خطوط الربط َالذي يمثل لهم طوق نجاة وهذا عكس التوجه الأمريكي والذى يعمل على حد اوربا من الاعتماد على الغاز الروسي.
وأكد أنه قد تزامن الحرج العالمي مع فصل الشتاء بمصر حيث انخفضت قدرات محطات الكهرباء وبالتالي توافر كميات غاز طبيعي يتوجه الي التصدير ما سيحقق مزايا مالية لمصر في ظل ارتفاع الغاز المسال.
أزمة سلاسل الإمداد
ومن جانبه يرى محمد محمود الخبير والباحث الاقتصادي أن هناك أزمة عالمية ليس في أسعار الطاقة فقط بل في سلاسل الإمداد العالمية وفي أسعار الغذاء حيث شهدت الفترة السابقة عدم استقرار واضح في أسعار زيوت النخيل والقمح والبترول والغاز.
وأوضح أن هناك صناعات شهدت تأثير واضح نتيجة أزمة اشباه الموصلات و قد تأثر إنتاج قطاع السيارات بشكل كبير بنقص أشباه المواصلات.
وأضاف أنه لا يمكن فصل سلاسل الإمداد عن بعضها فلا يمكن فصل تسعير المنتجات البترولية عن اسعار الغذاء وباقي سلاسل الإمداد للصناعات، انتشار فيروس كورونا المستجد له تأثير ايضا حيث تم رفع الحذر بشكل كبير في بعض الدول وهناك دول تعاني من مخاوف بخصوص انتشار موجه أخري مع دخول الشتاء، موضحا إلي ارتفاع استهلاك الغاز في أوروبا وحدوث أزمة طاقة بشكل كبير في أوروبا مع دخول فصل الشتاء وارتفاع الاستهلاك، مشيرا إلي أن هذه الأزمة تؤكد أن العالم لايزال يعتمد على الطاقة التقليدية بشكل أكبر بكثير من الطاقة البديلة .
الطاقة النظيفة محور عمل
وأكد أنه لابد من الاهتمام بالطاقة البديلة النظيفة، والذي لم يعد رفاهية بل أمر هام لاستمرار شكل الحياة بالصورة الحالية، فعندما شهد العالم طوابير السيارات في محطات البنزين كان مشهد مثير للدهشة وخصوصا أن هذا المشهد ليس في دولة نامية ولكن في بريطانيا !، وهو ما يؤكد مرة أخري ضعف منظومة سلاسل الإمداد العالمية في كثير من الأحيان، و خصوصا مع اأاخبار المتعلقة بانخفاض الإنتاج الصناعي في الصين وإفلاس العديد من شركات الكهرباء الصغيرة في بريطانيا.
صراع الكبار
ومن جانبه يقول محمد عطا الخبير الاقتصادي، إن صراع خط أنابيب الغاز الروسى السيل الشمالى ٢ هو فصل جديد من صراع الكبار الاقتصادى والسياسي، موضحا أنه تتصارع كلا من أمريكا وروسيا منذ أكثر من عام وتحديدا بعد انتهاء ما يقرب من ٩٨% من مشروع مد خط أنابيب الغاز الممتدة بين روسيا وألمانيا عن طريق بحر البلطيق، الأمر الذى أثار القلق والخوف الأمريكى تجاه موسكو لفرض السيطرة الاقتصادية على اوروبا بداية بألمانيا إلى جانب خوف واشنطن من تحول سلاح الطاقة إلى سلاح سياسي قوى بيد روسيا وهى ما دفع واشنطن لبذل كل ما فى وسعها من استخدام للقوة الامريكية لإيقاف هذا المشروع بالتهديد بفرض عقوبات كبيرة على الشركات المنفذة للمشروع والمشاركة فيه وكذلك عقوبات على المانيا.
انسحاب الشركات
وأضاف أن ذلك الأمر أدى لانسحاب الشركات من تكملة التمويل والتنفيد بما فيهم الشركة التى تمتلك سفينة تركيب تلك الأنبوب الممتد من روسيا لالمانيا وهذا ما أدى إلى تعطيل إتمام تنفيذ المشروع أكثر من عام، موضحا أن ألمانيا من أكثر المستفيدين من هذا المشروع، حيث أن برلين سوف تتخلص من فرض نفوذ و هيمنة أمريكا على أسعار الغار التى تصدره لأوروبا، وهو مبالغ فيه فهذا المشروع يضمن لألمانيا توفير ما يقرب من ٢٥% من سعر الغاز التى تستورده.
وأشار إلي أنه كان من أكبر العقبات لإتمام تلك المشروع، والذى لم يتبقى على إكتماله ١٢٠ كيلو متر هو نشوب خلاف على غرار ذلك المشروع بين أقوى حليفين فى حلف الناتو، وكذلك عدم وجود سفينة بديلة لتركيب الأنبوب بعد انسحاب الأولى، الأمر الذى استمر عائق أمام اتمام هذا المشروع.
تعويضات
وتابع أنه مؤخرا تم الاتفاق بين الحليفين أمريكا وألمانيا سعيا من برلين لتنفيذ باقى المشروع لضمان وصول الغاز لها من روسيا فى مقابل تعويض أوكرانيا ماديا عن خسائر عدم تحصيل رسوم الغاز من أراضيها الامر الذى كانت تتحجج به من ضمن اسباب رفضها وتضمن الاتفاق ايضا تنفيذ استثمارات أمريكية ألمانية على أرض أوكرنيا، وكذلك ضمان موافقة المانيا فرض واشنطن عقوبات كبيرة على روسيا فى حالة إستخدام سلاح الطاقة كسلاح سياسى، مضيفا أن استهلاك أوروبا من الطاقة يزيد سنويا نحو ١٥% من الغاز ومن المتوقع وصول كمية الاستهلاك نحو١٢٠ مليار متر مكعب بحلول ٢٠٣٠، الأمر الذى أدى إلى اشتعال الصراع العنيف بين واشنطن وموسكو لتحقيق المكاسب الاقتصادية إلى جانب فرض النفوذ السياسى.
الطريق نحو أزمة نفط عالمية
ومن جانبه يقول خالد اسماعيل المستشار الاقتصادي، أنه فى الوقت الذى كان فيه سعر النفط خلال فترة وباء كورونا بالعام الماضى فى أدنى سعر له وهوت لأقل من ثلاثون دولار للبرميل بفعل تداعيات فيرووس كورونا ومع إنخفاض الطلب على النفط حول العالم نجد أنفسنا الآن العالم يمر بأولى أزمات الطاقة مع بدء تعافى الإقتصاد العالمى من تأثيرات وباء كورونا وزيادة الطلب العالمى ومع ملاحظة تراجع إستخراج النفط والغاز والفحم وفى إطار التحول إلى الطاقة النظيفة.
وأكد أنه مع قدوم الشتاء البارد هذا العام فى أوروبا بدرجة أكبر من المعتاد مما أدى إلى إستنزاف الإحتياطى مع سلسلة من الإعاصير أدت إلى إغلاق مصاف النفط فى الخليج بأمريكا، وظهر النقص فى الامدادت فى الأسواق من أوربا إلى الصين مما سبب أزمة فى الطاقة.
ارتفاع أسعار إمدادت الكهرباء
وأوضح أن بريطانيا تعانى عجزا فى إمدادت الكهرباء وارتفاعا شديدا فى أسعارالكهرباء والغاز والفحم، وتجدر الإشارة هنا أيضا أن أزمة بريطانيا والمتعلقة بالبنزين فكان سببها الرئيسى هو عدم توفر سائقين لصهاريج توزيع البنزين واتجاه المجتمع لشراء البنزين وتخزينه مما زاد من المشكلة ، وفى الصين كان هناك انقطاع شبه كامل للكهرباء لبعض المدن الصينية وقامت الدولة بجدولة وتنظيم قطع الكهرباء وإجبار المصانع لتقليص أنشطتها لتخفيف الضغط على مصادر الطاقة المختلفة.
الاقتصاد الصناعى يعتمد على الوقود الأحفورى
وأضاف أنه على الرغم من الاتجاه لزيادة الطاقة المتجددة ولكن الاقتصاد الصناعى يعتمد بشكل أكبرعلى الوقود الأحفورى من الفحم والغاز والنفط ومع التعافى من الوباء لم يكن بالدولة مايكفى من الوقود خاصة وأن الصين هى أكبر مصدرللسلع والمنتجات للعالم وأكبر مستهلك للطاقة .
وإستنادا إلى تقرير الخبراء فإن الأزمة الحالية تأتى مع تبنى الدول المتقدمة لسياسات التغير المناخى بصورة متشددة وبأنظمة التحول إلى الطاقة المتجددة، مشيرا إلى أن الطاقة المتجددة تتصف بعدم الاستمرارية فنجد أن طاقة الرياح قد لاتكون متوفرة مع عدم وجود رياح كذلك الطاقة الشمسية قد لاتكون متوفرة مع عدم توافر نهار مشمش ، وفى دائرة الأزمة ومع الإتجاه لتقليص إستخدام الفحم والطاقة النووية فكان البديل هو الغاز.
وأوضح أنه في ظل التعافى وزيادة الطلب عليه ارتفعت أسعاره أيضا، وهنا فإن التحول نحو الطاقة النظيفة سوف يستغرق فترة زمنية ليست بالقليلة وسيكون خلالها لامفر من الاعتماد على الوقود الأحفورى، مضيفا أنه خلال تلك الفترة وصل خام برنت إلى مافوق ثمانون دولاروهنا تجدرالإشارة إن مع تلك الازمة فى الطاقة وارتفاع أسعارها سواء للنفط أو الغاز نجد أن هناك أطراف مستفيدة وأطراف متضررة من تلك الإرتفاعات فإذا مانظرنا إلى دول المنطقة نجد السعودية وهى من أكبر الدول المصدرة للنفط وتعد من أكبر المستفيدين لإرتفاع أسعار النفط وكانت قد قدرت فى موازنتها سعر برميل البترول عند سبعة وستون دولار والان السعر أعلى من ذلك، مما يحقق وفورات لديها وفى نفس الإطار معظم دول الخليج مثل الكويت والامارات .
موازنات الدول المستهلكة تعاني
وأكد أن هذا الإرتفاع فى الأسعار يكون له تأثير سلبى على موازنات الدول المستهلكة مثل الصين ودول أوروبا، وفى مصر نجد إنه تم تقدير متوسط سعر برميل النفط عند ستون دولار فى موازنتها، ومع إرتفاع أسعار النفط عن هذا السعر يكون له تأثير سلبى إذا لم تقم الحكومة بتوقيع عقود جديدة للتحوط من إرتفاع أسعار النفط، ومن جهة أخرى قد يكون التأثير ليس كبيرا خاصة مع تحرر أسعار الوقود ومراجعة الحكومة للأسعار كل ثلاث أشهر حسب الأسعار العالمية للبترول.
وجاءت توقعات غولدن ساكس بإرتفاع سعربرميل النفط وصولا الى تسعة وتسعون دولار.
وأشار إلى أنه على الرغم من التوجه للطاقة المتجددة إلا أن العالم مازال فى حاجة للطاقة الأحفورية من نفط وغاز وفحم، خاصة مع النمو السكانى واحتياجات الصناعة وتأثيره المباشر على المنظومة الاقتصادية.