بدأ جيروم باول، رئيس بنك الإحتياطي الفيدرالي، في التنازل عن التعبير «مؤقت» عند الحديث عن التضخم، وصرح بأنه قد يتم الإسراع في الخفض التدريجي لبرنامج شراء الأصول، في الوقت الذي ردد مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي تصريحاته، وذلك على الرغم من اكتشاف حالات الإصابة بالمتحور الجديد 'أوميكرون' رسميًا في الولايات المتحدة.
كما جاءت بيانات تقرير الوظائف الأمريكي لشهر نوفمبر متباينة مع تقرير الوظائف غير الزراعية الذي جاء مخيباً للآمال، فقد انخفض معدل البطالة على الرغم من ارتفاع معدل المشاركة في القوى العاملة.
وعلى صعيد الأصول، لا يزال منحنى العائد مستوياً، حيث سجلت عائدات السندات طويلة الأجل أدنى مستوياتها في عدة أشهر، في حين شهدت عوائد السندات قصيرة الأجل قفزة كبيرة وسط تلميحات بنك الاحتياطي الفيدرالي بتشديد السياسة النقدية.
في أثناء ذلك، استأنفت الأسهم في جميع أنحاء العالم هبوطها الأسبوع الماضي.
تحركات الأسواق
سوق السندات:
سجلت سندات الخزانة الأمريكية أداءً مختلطاً هذا الأسبوع، فعلى مستوى السندات قصيرة الأجل، خسرت سندات الخزانة بشكل حاد، حيث قام المتداولون بتسعير زيادة في أسعار الفائدة بعد تصريحات 'باول'، حول احتمالية تسريع وتيرة الخفض للبرنامج الفيدرالي لشراء السندات.
وتفاقمت الخسائر أيضًا خلال نهاية الأسبوع كرد فعل على تعليقات المزيد من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي الذين أعربوا عن دعمهم لتسريع وتيرة الخفض لبرنامج شراء الأصول.
وفي الوقت نفسه، ارتفعت سندات الخزانة الأمريكية ذات الآجال الطويلة، مدفوعة بتفضيل المستثمرين للابتعاد عن المخاطرة وهو الوضع الذي سيطر على الأسواق المالية الأمريكية بعد الإبلاغ عن أول حالة للإصابة بمتحور أوميكرون في كاليفورنيا يوم الأربعاء الماضي يذكر أن سندات الخزانة ارتفعت عبر جميع فترات الاستحقاق بعد صدور تقرير الوظائف الأمريكية المخيب للآمال يوم الجمعة.
العملات:
أغلق مؤشر الدولار دون تغيير تقريبًا، حيث شهد ارتفاعًا بمقدار (+0.03%) وتمكن من الإغلاق فوق المستوى الـ96. ارتفع الدولار يوم الاثنين مع انحسار المخاوف بشأن المتحور الجديد، ومع تحقيق مبيعات المنازل المعلقة لقفزة غير متوقعة.
ومع ذلك، انعكست هذه المكاسب يوم الثلاثاء، على الرغم من تصريحات 'باول'، التي تميل الى تشديد السياسة النقدية خلال إفادته أمام اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ.
واستمر الدولار في التداول ضمن نطاق ضيق لبقية الأسبوع لينهي الأسبوع دون تغيير تقريبًا، كما أغلق اليورو دون تغيير تقريبا (-0.02%) خلال الأسبوع. وكان اليورو قد استهل الأسبوع بأداء سلبي حيث تعرض لضغوط ناتجة عن تراجع ثقة المستهلك.
ومع ذلك، عكس خسائره في وقت لاحق يوم الثلاثاء، حيث ارتفع التضخم في منطقة اليورو أكثر من المتوقع، من ناحية أخرى، تراجع الجنيه الإسترليني (-0.76%) وسط توقعات بأن يعمل متحور أوميكرون الجديد على تأخير رفع سعر الفائدة من قبل بنك إنجلترا في اجتماعه القادم، والذي سيعقد في 16 ديسمبر الجاري.
يذكر أنه سادت حالة الابتعاد عن المخاطرة بالأسواق خلال معظم أيام الأسبوع وهو ما أدى إلى زيادة الطلب على عملات الملاذ الآمن مثل الفرنك السويسري (0.64%) والين الياباني (0.51%) اللذين سجلا أفضل أداءً على مدار الاسبوع.
وتراجعت أسعار الذهب بنسبة 1.07% لتستقر عند 1،783.29 دولار للأونصة، مسجلة بذلك ثالث خسائر أسبوعية على التوالي. جاء الانخفاض في أسعار الذهب نتيجة لتراجع الطلب على أصول الملاذ الآمن وعلى خلفية المؤشرات الدالة على اعتدال أعراض متحور أوميكرون وتصريحات باول التي تميل نحو تشديد السياسة النقدية.
وصرح 'باول'، يوم الأربعاء أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سينظر في إمكانية تسريع معدل الخفض التدريجي لبرنامج شراء الأصول في اجتماعه القادم في 14 ديسمبر يذكر أن أسعار الذهب ارتفعت يوم الجمعة مع صدور تقرير الوظائف الأمريكية والذي جاء مخيباً للآمال.
وفي الأسواق الناشئة، حقق مؤشر مورجان ستانلي لعملات الأسواق الناشئة مكاسب طفيفة، حيث ارتفع بنسبة 0.38% وسط تراجع المخاوف التي ظهرت وسط الأسبوع نتيجة متحور فيروس كورونا الجديد بشكل طفيف، ومع ضعف الدولار منتصف الأسبوع (الثلاثاء).
وفي نهاية الأسبوع، فقد المؤشر جزء من مكاسبه السابقة بسبب تأثر معنويات المستثمرين على خلفية توقعاتهم بتقليص الاحتياطي الفيدرالي لبرنامج شراء الأصول بشكل أسرع من المتوقع على الرغم من البيانات المختلطة الواردة بتقرير الوظائف الأمريكية، وحالة الخوف الناجمة عن الانتشار السريع لمتحور فيروس كورونا الجديد.
أما بالنسبة للعملات التي يتتبعها مؤشر بلومبرج، فقد تصدر البيزو المكسيكي المكاسب، حيث شهد ارتفاعًا بمقدار (+3.05%) نتيجة ضعف الدولار منتصف الأسبوع، وعلى خلفية اختيار الرئيس أوبرادور للسيدة فيكتوريا رودريغيز لتتقلد منصب المحافظ المقبل للبنك المركزي وتأكيدها على الالتزام باستقلال بنك المكسيك بعد أن تسبب ترشيحها في زعزعة الأسواق وإثارة القلق بشأن الاستقلال السياسي. من ناحية أخرى، تصدرت الليرة التركية الخسائر (-9.97%)، لتسجل بذلك أدنى مستوى لها على الإطلاق عند 13.7030/ دولار على خلفية الضغط السياسي على البنك المركزي لإبقاء سعر الفائدة منخفضًا.
أما في تركيا، عقب الاضطراب الحالي التي شهدته العملة المحلية، قرر البنك المركزي التدخل في سوق النقد الأجنبي يوم الأربعاء للمرة الأولى منذ سبع سنوات، وذلك عن طريق بيع عملات أجنبية من أجل استقرار الليرة، كما تدخل البنك مرة أخرى يوم الجمعة، حيث صرحت لجنة السياسة النقدية أنها قررت اتخاذ هذا الإجراء بسبب 'وصول السوق لأسعار صرف غير صحية'.
وخلال شهر نوفمبر، انخفضت قيمة الليرة التركية بأكثر من 29%. وكان البيزو التشيلي ثاني أسوأ أداء في الأسبوع (-1.12%)، حيث أشارت استطلاعات الرأي إلى أن اليساري غابرييل بوريك أصبح المرشح الأوفر حظًا في السباق الرئاسي، بالإضافة إلى تراجع أسعار النحاس خلال الأسبوع.
أسواق الأسهم:
سجلت الأسهم الأمريكية خسائر هذا الأسبوع حيث تأثرت الأسواق بتسجيل أول حالة إصابة بمتحور أوميكرون يتم اكتشافها في الولايات المتحدة، الى جانب تصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي المتتالية حول تسريع وتيرة خفض برنامج شراء السندات.
وكانت بيانات تقرير الوظائف لشهر نوفمبر الصادر يوم الجمعة مختلطة وذات تأثير ضئيل على الأسهم، كما هو الحال مع تصريحات باول، حيث يعتقد المستثمرون الآن أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيميل الى تشديد السياسة النقدية بغض النظر عن هذه البيانات. وسجل الانخفاض يوم الجمعة في نهاية تعاملات الأسبوع على الرغم من تعويض الأسهم لبعض خسائرها في جلسة الخميس والتي نتجت عن موجة البيع التي شهدتها تداولات بداية الأسبوع، حيث اتجه المستثمرون الى الشراء مع انخفاض أسعار الأسهم.
وخسر مؤشر ستاندرد آند بورز S&P 500 بنسبة 1.22% لينهي الأسبوع دون أعلى مستوى سجله في 18 نوفمبر بنحو 3.53%. كما أنهى مؤشر ناسداك المركب تداولات الأسبوع على متراجعًا بنسبة 2.62%، ليسجل أسبوعين متتاليين من الهبوط للمرة الأولى منذ سبتمبر 2021. وكانت أسهم قطاع التكنولوجيا من بين القطاعات الأسوأ أداء خلال الأسبوع.
كما أنهى مؤشر داو جونز الصناعي Dow Jones تعاملاته الأسبوعية على انخفاض بنسبة 0.91%. ارتفع مؤشر مؤشر VIX لقياس تقلبات الأسواق بمقدار 2.05 نقطة ليكسر مستوى الـ 30 نقطة للمرة الأولى منذ فبراير 2021. وفي الأسواق الأوروبية، هبط مؤشر Stoxx 600 أيضًا بنسبة 0.28%، ليغلق دون أعلى مستوى سجله في 17 نوفمبر 2021 بنسبة 5.55% وسط مخاوف ناتجة عن متحور أوميكرون وارتفاع حاد في عدد حالات الإصابة اليومية بفيروس كورونا.
بالانتقال إلى الأسواق الناشئة، ارتفع مؤشر مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة MSCI EM بشكل طفيف خلال الأسبوع، ليصعد بنسبة 0.12% حيث تراجعت المخاوف قليلاَ بشأن متحور كوفيد الجديد في منتصف الأسبوع. ومع ذلك، ففي نهاية الأسبوع، خسر المؤشر معظم مكاسبه حيث توقع المستثمرون أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتسريع وتيرة الخفض التدريجي لبرنامج شراء السندات، على الرغم من تضارب بيانات تقرير الوظائف الأمريكي، والمخاوف من الانتشار السريع لمتحور كورونا الجديد.
البترول:
تراجعت أسعار النفط بنسبة 3.9% خلال تداولات هذا الأسبوع، وذلك للأسبوع السادس على التوالي، وأغلق عند 69.88 دولارًا للبرميل، ليسجل النفط بذلك أطول سلسلة تراجعات أسبوعية منذ نوفمبر 2018. أدى الخوف من بطء النمو الاقتصادي، وما يلحقه من بطء الطلب على النفط بسبب القيود المفروضة على السفر نتيجة انتشار متحور أوميكرون إلى زيادة الضغط على أسعار النفط مما أدى الى هبوطها.
وفي هذه الأثناء، قررت 'أوبك بلس' الالتزام بخططها السابقة لزيادة الإنتاج في يناير، ولكنها تركت الباب مفتوحًا لتغيير السياسة بسرعة إذا عانى معدل الطلب من الإجراءات الاحترازية المفروضة لاحتواء انتشار متحور أوميكرون، كما صرحوا أنهم من المحتمل أن يجتمعوا مرة أخرى قبل اجتماعهم التالي المقرر عقده في 4 يناير.