توقع محمد عبد العال الخبير المصرفى، أن تتجه لجنة السياسة النقدية المنبثقة عن مجلس إدارة البنك المركزى المصرى، فى اجتماعها الأخير المزمع انعقاده يوم الخميس القادم السادس عشر من سبتمبر الحالى؛ للإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير للمرة السابعة على التوالي.
وأضاف "عبد العال"؛ فى تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أن اتجاه المركزى لأبناء على أسعار الفائدة يعني أن مستويات أسعار الفائدة القائمة مازالت مستمرة فى اتساقها وتوازنها، مع معظم المؤشرات الاقتصادية الرئيسية.
وأوضح أنه بالبحث عن أهم الأسباب والفعاليات التي قد تدعوها إلى ذلك سنجد العديد من الدلائل منها ارتفاع معدل التضخم السنوي العام لأسعار سلع المستهلكين لإجمالي الجمهورية المعلن من جهاز التعبئة العامة والإحصاء إلى ٦,٤ ٪ في أغسطس الماضي؛ مقارنة بـ٦,١٪ فى الشهر السابق، إلا أن معدل التضخم السنوي الأساسي المعلن من قبل البنك المركزى (والذى لا يُدخل فى اعتباره تاثير السلع شديدة أو موسمية التقلب ) قد انخفض إلى ٤,٥ ٪ فى شهر أغسطس الماضى مقابل ٤,٦ ٪ في يوليو، وتشير التوقعات باستمرار ارتفاع معدل التضخم خلال الفترة القادمة لأسباب مختلفة من أهمها تأثير الارتفاعات المحتملة في أسعار النفط، والسلع الاستهلاكية والاستراتيجية عالميا، وهو ما قد ينعكس بعد حين على أسعار السلع المحلية، ورغم تلك التقلبات الطفيفة صعودا وهبوطا فى معدلات التضخم ورغم اتجاهه التصاعدي، إلا أنه من المتوقع أن يظل معدل التضخم محدود الارتفاع، ليسجل رقما أحاديا قابعا بين حدي المدى الذي استهدفه البنك المركزي وهو (٧ % زائد أو ناقص ٢ ٪ ) أي بين تسعة وخمسة في المائة حتى نهاية الربع الرابع من عام ٢٠٢٢، وفي ضوء ذلك يكون التفكير فى أي تعديل لأسعار الفائدة فى المرحلة الحالية أمراً قد يكون غير مبرر.
وأشار إلى أن أرقام التضخم الحالية أو المتوقعة مقارنة بمتوسط منحنى العائد على الجنيه، مازالت تشير إلى فارق عائد حقيقى معقول جدا، وهو ما كان يتيح للسلطة النقدية إمكانية أن تقوم بإجراء خفض جديد، ولكنها قد تفضل الاستمرار على المستوى الحالي لأسعار الفائدة دعماً لمدخرات القطاع العائلي وإتاحة عوائد مميزة على مدخراتهم، بما يضمن لهم دخل ثابت يساعد على خلق طلب مشتق على السلع والخدمات، فلا إنتاج بدون استهلاك وأيضا جذبا لتحويلات المصريين العاملين فى الخارج، وحفاظاً على تدفق الاستثمار الأجنبي غير المباشر فى أوراق الدين العام الحكومية.
وأشار عبدالعال إلى أن أحد الأسباب التى ربما تدعو إلى ثبات الفائدة هو التحوط ضد أى مخاطر محتملة لظواهر ركود، فى بعض الأنشطة نتيجة انخفاض الطلب الاستهلاكى، خاصة بعد التحسن الملحوظ فى مؤشر مديري المشتريات خلال شهر أغسطس الماضى، حيث سجل ٤٩,٨ نقطة مقابل ٤٩,١ نقطة فى شهر يوليو السابق، وهو ما يعني أن هيكل أسعار الفائدة الحالي قد نجح فى المساهمة فى تحقيق الانتعاش الاقتصادي في العام، وساعد على نمو الطلب المحلي والتوسع القياسي فى نشاط القطاع الخاص(غير البترولي )، لافتا إلى أنه فى ظل هيكل أسعار الفائدة القائم والمستمر من مطلع العام، والذى يعكس في حقيقة الأمر الأهداف الكبرى للسياسة النقدية وأهمها تحقيق استقرار الأسعار، وخفض معدل البطالة، وقد أكدت بيانات الجهاز المركزى للإحصاء تراجع معدل البطالة خلال الربع الثاني من عام ٢٠٢١ ، لتبلغ ٧,٣٪ بالمقارنة مع معدل ٩,٦٪ خلال الربع المماثل في العام السابق.
وأضاف أن السياسة النقدية الحكيمة فى إدارتها لسياسة تغيرات سعر الفائدة لعبت دورا مهما فى دعم النمو وتوفير السيولة اللازمة للأنشطة الاقتصادية، مما ساعد على العبور الآمن من صدمة كوفيد ١٩، ومن أبرز إيجابيات ونتائج تلك السياسة هو استمرار تدفق النقد الأجنبي من جميع المصادر، الأمر الذى عكس استمرار نمو الاحتياطي بالنقد الأجنبى لدى البنك المركزى المصرى، والذى ينمو شهرياً وإيجابيا مسجلا فى نهاية أغسطس الماضى ٤٠,٦٧ مليار دولار أمريكي، ومقتربا بالتدريج من مستواه السابق قبل الجائحة، واحتفاظ مصر احتياطى نقدى جيد يغطى الاحتياجات الاستيرادية والاستراتيجية وسداد الالتزامات الدولية فى مواعيدها لمدد تصل إلى سبع شهور هو أمر ساعد على استقرار سوق النقد وتوفر السيولة بالنقد الأجنبي، ودعم استقرار الجنيه المصري، كما شجع تحويلات العاملين المصريين فى الخارج وجذب شرائح أكبر ومتنامية من الاستثمار الأجنبي غير المباشر فى أوراق الدين العام الحكومية.
وأشار لإى أنه فى ظل هيكل أسعار الفائدة الحالي حققت مؤشرات الاقتصاد الكلى استقرارا شهد به كل مؤسسات التصنيف الائتمانى الدولية التي أبقت على تصنيف مصر الائتمانى دون تغير منذ الجائحة وحتى الآن، مع الاحتفاظ بالنظرة المستقبلية المستقرة للاقتصاد المصرى، كما حقق الاقتصاد المصرى مؤشرات مالية قوية تمثل فى تحقيق فائض أولي١,٤٪ وانخفاض العجز الكلي إلى ٧,٤ ٪ مع توقع تحقيق معدل نمو ٥,٥٪ وتحسن معدلات التشغيل.
وأوضح أن لجنة السياسة النقدية تراعى دائما أن تتوافق توجهاتها وفقا لتطور الأوضاع المحلية والإقليمية والعالمية ولصالح الاقتصاد المصرى والمواطنين، وسوف تظل سياسة نقدية فائقة التيسير شديدة المرونة فى دفع النمو الاقتصادي ودعم الاقتصاد القومى، والحفاظ على استقرار الأسعار واتخاذ كل الخطوات والإجراءات التي تتطلبها مستحدثات الأحداث العالمية والمحلية، وهذا ما تؤكد دائماً لجنة السياسة النقدية الموقرة فى بياناتها.