خبراء: ارتفاعين خلال العام لأسعار المحروقات المحلية
تحوط الحكومة ضد ارتفاع أسعار برميل النفط قلل الأثار السلبية للأسواق المحلية
تباينت الآراء والتوقعات حول أسعار النفط خلال العام الجاري 2022، واعتمدت تلك التوقعات على العديد من المؤثرات التي قد تنعكس على أسعار الخام.
وفي ذلك الصدد، قال أيمن فودة خبير سوق المال، إنه فى ظل احتواء تداعيات أوميكرون الجديد وتراجع المخزونات، ونقص القدرات الإنتاجية الذي دعمها نقص إنتاج النفط الصخرى الأمريكى بسبب ضغوط الحد من الاتفاق، وصل الإنتاج الأمريكى إلى 11.9 برميل يوميا خلال العام مقابل 13 مليون برميل فى 2019.
وأوضح أنه قد ارتفعت العقود الآجلة للخام خلال العام المنقضى بأكثر من 50% بالرغم من تراجعها بـ0.9% خلال الربع الأخير، والذي جاء مدفوعا بالتعافى الذي شهدته الاقتصادات العالمية من جائحة كورونا، والذي قلت معه الإغلاقات التي كانت لفترات قصيرة فى حالة من التعايش مع الأزمة وانتشار العديد من اللقاحات واكتشاف بعض الأدوية مؤخرا للعلاج من أعراض الإصابة.
وأضاف "فودة"، أن إدارة الطاقة الأمريكية هي التى توقعت هبوط خام برنت إلى 66 دولار للبرميل وخام تكساس الخفيف إلى 62 دولار حال ضبط سلاسل التوريد، وعودة التوازن بين العرض والطلب مع استمرار ضبابية المشهد، حول إمكانية احتواء فيروس كورونا.
وأشار إلى أنه رغم تباين التوقعات من المؤسسات المالية والنفطية العالمية، إلا أن الخام استمر فى الارتفاع مع الشهر الأول من العام وحقق قمة جديدة تجاوز بها 87 دولار، والتى لن يصل إليها منذ 30 أكتوبر 2014، موضحا أن ذلك يقود إلى تحقيق السيناريو الأكثر تفاؤلا لسوق النفط بفعل مخاوف الإمدادات المتكررة، والتى تعددت أسبابها ما بين تراجع الإنتاج و اضطراب سلاسل الإمداد و تراجع الاستثمارات علاوة على انحسار نسبي لمخاوف أوميكرون الجديد، واستمرار الطلب مع الفتح التدريجي للاقتصادات العالمية، وخاصة الكبرى وعودة حركة الطيران والسياحة تدريجيا، مما يشير إليه انخفاض مستوى المخزونات ونقص القدرات الإنتاجية لدى العديد من الدول، والذي يذهب بالتوقعات لوصول سعر خام برنت إلى مستويات الـ100 دولار خلال العام، وكذلك خام تكساس الخفيف ليصل إلى 94-96 دولار للبرميل مع استمرار احتواء تأثير أوميكرون و تنامى الطلب مع تسارع الاقتصادات لتعويض فترة الركود التى خلفها الفيروس، خلال العامين الماضيين وهو نمى بتوقعات معدلات النمو العالمية خلال 2022 مقارنة بالمعدلات المحققة خلال العام المنقضي.
وأكد أن ذلك سينعكس على أسعار الوقود محليا فى إطار ارتفاع الأسعار عالميا، ويضاف لذلك اتجاه الحكومة لإلغاء الدعم على المحروقات، والذى يتوقع معه ارتفاع أسعار البنزين خلال المراجعة الدورية لأسعار الوقود لمرتين خلال العام، وصولا إلى 8.75 جنيه للمتر البنزين 92 و 7.50 للتر البنزين 80، مع ارتفاع باقى المحروقات من السولار والمازوت لمرة واحدة، مع تلك المراجعات حفاظا على مستويات التكلفة الإنتاجية للمصانع و لتشجيع قطاع التصدير.
ومن جانبه، قال رمزي الجرم الخبير الاقتصادي، إنه ظل حالة عدم اليقين التي تواجه كافة الاقتصادات العالمية، بسبب استمرار أمد جائحة كورونا، ظهرت العديد من التوقعات بشأن أسعار النفط العالمية في عام 2022، حيث سجلت متوسطات أسعار النفط في بداية عام 2021 نحو 52 دولار للبرميل في بداية العام، ولكن إجراءات أوبك، في شأن إحداث التوزان في سوق الخام، أدى زيادة سعره ليصل إلى نحو 86 دولار للبرميل، قبل أن يتراجع إلى حد ما في نهاية العام نفسه، إلا أن غالبية التوقعات من جانب الخبراء والبنوك الاستثمارية، تُشير إلى استئناف أسعار النفط لمسارها الصعودي في 2022، إذا لم يحدث دفعة جديدة في الإمدادات، وبما يفوق التوقعات، وكانت أبرز التوقعات من بنك جولدن ساكس الأمريكي، الذي توقع ارتفاع أسعار النفط العالمية في عام 2022 إلى متوسط 85 دولار للبرميل، ولم يستبعد اقتراب مستوى الأسعار إلى متوسط 100 دولار للبرميل، في حالة نمو الطلب إلى مستوى قياسي، وتراجع الاستثمار في الصناعة النفطية بشكل ملموس.
على جانب أخر، توقعت وكالة الطاقة الدولية أن يصل استهلاك النفط في عام 2022 إلى 95.53 مليون برميل يوميا، بالمقارنة بنحو 96.20 مليون برميل يوميا في عام 2021،ليقترب إلى حجم الاستهلاك اليومي في عام 2019، والذي بلغ نحو 99.55 مليون برميل يوميا، فيما توقع بنك باركليز، ارتفاع متوسط أسعار النفط العالمية في عام 2022، إلى متوسط 80 دولار للبرميل لخام برنت، ونحو 77 دولار للبرميل لخام غرب تكساس الوسيط، إلا أنه من المتوقع أن تقفز الأسعار بشكل غير متوقع، في حالة إحتواء أزمة كورونا وارتفاع مستويات الطلب.
ومع انتظار موعد انعقاد لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية خلال الأيام القليلة القادمة، تستعد لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية، المُشكلة بقرار من رئيس الوزراء رقم 274 لسنة 2018، لدراسة العديد من العوامل التي سيتم مراعاتها بشأن عملية التسعير، لعل اهمها: سعر برميل البترول (برنت) وسعر الصرف، وتكاليف التكرير والنقل والرسوم الأخرى عن الثلاث أشهر الماضية في ظل وجود تذبذب شديد في سعر النفط (برنت) ما بين 72 إلى 78 دولار للبرميل الواحد خلال فترة الاحتساب المنوه عنها، وهذا المعدل، يعتبر مرتفعاً الى حد ما، عن معدل الأسعار في الربع الثاني والربع الثالث من العام 2021، فضلا عن العوامل الجيوسياسية التي تواجه المنطقة، بالاضافة الى تثبيت معدلات الإنتاج دون زيادة من قِبل الدول المنتجة والمصدرة ووجود تحالفات أوبك بقيادة روسيا، كل تلك العوامل وغيرها من المتغيرات الأخرى، ربما ستكون لها تداعيات سلبية على عملية الاستيراد التي تقوم بها الحكومة، لسداد احتياجاتها من البترول، حيث تستورد اكثر من 250 الف برميل خام يوميا، بمتوسط اسعار ما بين 73 إلى 74 دولار للبرميل.
على جانب آخر، فإن تطوير تكرير البترول الخام، سوف يؤدي إلى تخفيض التكلفة إلى حد ما، مما سيواجه الزيادة في الأسعار العالمية للبترول الخام المنوه عنها أو يحد من تصاعد الأسعار إلى حد ما، كما أن ثبات سعر صرف الدولار الأمريكي، بالاضافة إلى اتجاه القيادة السياسية نحو تخفيف الأعباء المعيشية، خلال الفترة القادمة، مع استمرار أمد جائحة كورونا، ربما يكون في صالح تثبيت أسعار البترول، كما كان في الربع الثالث من العام 2021، عند 7 جنيهات لبنزين 80 & 8.25 جنيه للبنزين 92 & 9.25 جنيه لبنزين 95.
كما أن توقيع الحكومة لعقود مع عدد من الدول المُصدرة للنفط، من أجل التحوط ضد ارتفاع أسعار النفط، فضلا عن تحريك أسعار المواد البترولية، في آخر تسعير لها، من خلال آلية التسعير التلقائي الذي تبنته الحكومة منذ فترة؛ قد قلل كثيراً من الآثار السلبية نتيجة الزيادات المستمرة في أسعار النفط العالمية؛ إلا أن الاستمرار في الزيادة المضطردة في الفترة القادمة، سوف يؤدي الى ارتفاع قيمة العجز الكلي المستهدف في موازنة العام المالي القادم.
وعلى وجه العموم، ومن مُنطلق المصلحة العامة، ربما يكون من المفيد جداً على المستوي الاقتصادي، أن تتلقى الحكومة اي صدمة متعلقة بأي زيادات محتملة في أسعار الوقود، وتتحملها الموازنة العامة، افضل، من ترك الزيادة يتحملها المواطنين، لأن تلك الزيادة، سوف يكون لها تداعيات سلبية ملموسة على زيادة اسعار غالبية السلع، سواء السلع الوسيطة أو السلع النهاية، بل وأسعار المواد الخام، فضلا عن زيادة اسعار النقل وغيرها، وما لتلك التداعيات من آثار سلبية قد تتواكب مع الزيادات المقررة في الحد الأدنى للدخول، والزيادات المقررة للمعلمين، مما قد يخلق موجة كبيرة من التضخم، في المقابل اذا ما تلقت الحكومة صدمة زيادة الأسعار، فلن تكون لها آثار واسعة الانتشار.