حولت الأسواق تركيزها هذا الأسبوع إلى اتجاه البنوك المركزية نحو تشديد السياسة النقدية، حيث رفع الاحتياطي الفيدرالي، إلى جانب ثمانية بنوك مركزية أخرى في الأسواق المتقدمة والناشئة، أسعار الفائدة الرئيسية مع تصاعد معدلات التضخم العالمي.
وكما كان متوقعًا، رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة الرئيسي إلى 0.25%، مع نظرة تشديدية تجاه البيان والمخطط النقطي.
وعكس المخطط النقطي، بدء دورة تشديد للسياسة النقدية ذات وتيرة أسرع وأكثر قوة، مع توقعات بستة ارتفاعات إضافية لسعر الفائدة هذا العام، مما يعني زيادة بمعدل الفائدة في كل اجتماع للسياسة النقدية في عام 2022 وثلاثة ارتفاعات في عام 2023، مع رفع السعر الرئيسي للفائدة فوق المعدل المحايد.
علاوة على ذلك، قام بنك الاحتياطي الفيدرالي بمراجعة التضخم صعودًا بشكل كبير وعدل الناتج المحلي الإجمالي لعام 2022 بالخفض.
وأغلقت عوائد سندات الخزانة الأسبوع على ارتفاع نتيجة ميل بنك الاحتياطي الفيدرالي نحو تشديد السياسة النقدية مع استقرار منحنى العائد.
من ناحية أخرى، ارتفعت مؤشرات الأسهم الأمريكية الرئيسية، وشهدت أفضل أداء أسبوعي لها منذ نوفمبر 2020 حيث طمأن باول الأسواق بأن الاقتصاد الأمريكي يمكنه تحمل سياسة نقدية أكثر تشددًا.
واستمرت التطورات الجيوسياسية في الخلفية حيث تلاشت الآمال في تحقيق نتائج إيجابية من المفاوضات في نهاية الأسبوع بعد أن كثفت روسيا هجماتها وادعت أن أوكرانيا كانت "غير واقعية" بشأن المطالب.
ومع ذلك، أغلق النفط الأسبوع على انخفاض، بسبب احتمالية إحياء الاتفاق النووي الإيراني، واحتمال ارتفاع المعروض من دول أوبك.
تحركات الأسواق
سوق السندات:
أنهت عوائد سندات الخزانة الأمريكية تداولات الأسبوع على ارتفاع، مع تركز الارتفاعات في الآجال القصيرة، حيث بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي دورة لتشديد السياسة النقدية، حيث جاءت نتائج اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة متشددة مع مخطط النقطي، الذي يشير إلى دورة تشديد أسرع وأكثر قوة، لتعكس زيادة في أسعار الفائدة في كل اجتماع للجنة هذا العام.
بدأت عوائد سندات الخزانة الأمريكية الأسبوع على ارتفاع، حيث كان المستثمرون يترقبون نتائج الاجتماع الهام لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، حيث كانت لديهم آمال حذرة في إمكانية التوصل إلى اتفاق بين روسيا وأوكرانيا خلال الأسبوع.
استمرت زيادات أسعار العائد لجميع سندات الخزانة تقريبًا، باستثناء سندات الخزانة لأجل 30 عامًا، يوم الأربعاء بعد اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي والمؤتمر الصحفي لباول.
أنهت عائدات سندات الخزانة لأجل 30 عامًا تداولات اليوم على انخفاض حيث كان المستثمرون يخشون من أن زيادة أسعار الفائدة ستؤدي في النهاية إلى ضعف الاقتصاد.
وفي يوم الجمعة، تراجعت وتيرة تسارع الارتفاعات في سندات الخزانة لأجل 5 إلى 30 عامًا، بسبب مخاوف حول النمو الاقتصادي، حيث أشار العديد من المتحدثين في الاحتياطي الفيدرالي إلى موقف للسياسة النقدية أكثر تشديداً، إلى جانب تأجيل المحادثات بين موسكو وكييف مرة أخرى.
أشارت التعليقات من المتحدثين الفيدراليين: والر وباركين وبولارد إلى دعم لتحريك سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، مما زاد من مخاوف المستثمرين بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي وسط مسار تشديد صارم بالفعل.
علاوة على ذلك، تم تأجيل المحادثات بين موسكو وكييف مرة أخرى وقامت القوات الروسية بالضغط من جديد، عن طريق شن هجمات على المدن الأوكرانية، مما زاد من التهديد لمعدلات النمو العالمي.
وفيما يتعلق بالعائدات، ارتفعت جميع عوائد سندات الخزانة، وعلى الأخص الآجال القصيرة حيث قفزت عوائد السندات لأجل سنتين بمقدار 18.92 نقطة أساس لتصل إلى 1.939%، وتقترب من مستوى 2%، بينما ارتفعت عوائد 5 سنوات بمقدار 19.57 نقطة أساس لتصل إلى 2.144٪.
أما بالنسبة للآجال الأطول، فقد زادت عوائد السندات لأجل 10 سنوات بمقدار 15.69 نقطة أساس لتستقر عند 2.152% بينما زادت عوائد 30 عامًا بمعدل 6.70 نقطة أساس لتصل إلى 2.423%.
ومن الجدير بالذكر أن عائدات 2 و 5 و 10 سنوات وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ 2019 يوم الأربعاء بعد اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة.
العملات:
خسر مؤشر الدولار نسبة 0.9%، بعد أن حقق مكاسب لثلاثة أسابيع على التوالي.
ويعكس رد فعل أسواق العملات نتائج اجتماع الاحتياطي الفيدرالي والذي مال نحو تشديد السياسة النقدية والتي قامت الأسواق بتسعيرها بالفعل.
علاوة على ذلك، فقد الدولار الذي يعتبر ملاذًا آمنًا زخمه حيث ظل المتداولون متفائلين بشأن المحادثات بين موسكو وكييف، مما ساعد في تعزيز العملات ذات المخاطر. وعلى صعيد العملات ذات المخاطر المرتفعة، أوقف اليورو سلسلة خسائره التي استمرت خمسة أسابيع، وارتفع بنسبة 1.27% على خلفية التحسن الواسع النطاق في شهية المستثمرين تجاه المخاطرة.
وسجل الجنيه الإسترليني مكاسبه الأولى في أربعة أسابيع، حيث ارتفع بنسبة 1.08%، وهو أعلى صعود بقياس أسبوعي له في عام 2022.
وتجدر الإشارة إلى أن بنك إنجلترا رفع سعر الفائدة للاجتماع الثالث على التوالي؛ ومع ذلك، تحولت اللهجة إلى موقف أقل تشددًا فيما يتعلق بالخطط المستقبلية لتشديد السياسة النقدية.
الذهب
تراجعت أسعار الذهب بنسبة -3.36% على مدار الأسبوع لتصل إلى 1921 دولارًا أمريكيًا مع تحسن المعنويات بشأن الأزمة الأوكرانية وعلى خلفية ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية حيث بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي دورة التشديد النقدي.
عملات الأسواق الناشئة
على صعيد الأسواق الناشئة، ارتفع مؤشر مورجان ستانلي لعملات لأسواق الناشئة MSCI EM بنسبة 0.83%، حيث تباينت معنويات المخاطرة خلال الأسبوع، إذ حسنت الأنباء الإيجابية نسبيًا التي وردت خلال منتصف الأسبوع من معنويات المستثمرين، والتي أشارت إلى تقدم المحادثات بين أوكرانيا وروسيا بشكل كبير نحو التوصل إلى اتفاق.
ومع ذلك، فإن تحذير الرئيس الأمريكي بايدن للرئيس الصيني بخصوص دعم الصين لغزو روسيا لأوكرانيا أثر بشكل طفيف على معنويات المخاطرة في الأسواق الناشئة.
خلال هذا الأسبوع، ارتفعت غالبية عملات الأسواق الناشئة التي يتتبعها مؤشر بلومبرج، حيث ارتفعت 17 عملة من أصل 24 عملة مدرجة في المؤشر.
كان الروبل الروسي (+28.83%)، والفورنت المجري (+3.22%)، والزلوتي البولندي (+2.74%) الأفضل أداءً في الأسبوع، إذ حققوا مكاسب على خلفية تزايد الآمال للتوصل إلى حل للأزمة الروسية - الأوكرانية بعدما أشارت عدة تقارير في منتصف الأسبوع إلى إحراز تقدم ملحوظ في المحادثات.
وجاء البيزو المكسيكي في المرتبة الثانية بعدما حقق مكاسب بنسبة (+2.71%) عقب ظهور أنباء تفيد بأن البلاد ستبقي صادراتها من النفط الخام عند حوالي مليون برميل يوميًا من أجل الاستفادة من الارتفاع الأخير في الأسعار.
من ناحية أخرى، كان السول البيروفي (-2.03%) الأسوأ أداء، ليسجل بذلك أكبر خسارة أسبوعية له منذ يوليو 2021.
وجاءت الخسائر بعد أن وافق الكونغرس البيروفي يوم الاثنين الماضي على بدء إجراءات اقالة الرئيس بيدرو كاستيلو بسبب تهم فساد بعد أن فشل في جمع ما يكفي من الأصوات خلال المحاولة السابقة لعزل الرئيس بيدرو كاستيلو في ديسمبر، إذ صوت الكونغرس الذي تقوده المعارضة بأغلبية 76 صوتًا مقابل 41 صوتًا لبدء إجراءات العزل، ومع ذلك، يظل يحتاج الكونغرس في النهاية إلى 87 صوتًا لإقالة الرئيس.
أسواق الأسهم:
سجلت مؤشرات الأسهم الأمريكية الرئيسية أفضل أداء أسبوعي لها منذ نوفمبر 2020، لتتمكن بذلك من تقليص حجم الخسائر التي تكبدتها الأسبوعيين الماضيين.
وأكد باول خلال المؤتمر الصحفي الذي عٌقد بعد اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة يوم الأربعاء، على قوة اقتصاد الولايات المتحدة بعدما استبعد احتمالية حدوث ركود، وهو الأمر الذي تفاعلت معه مؤشرات الأسهم بصورة إيجابية.
علاوة على ذلك، أدت المحادثات الدبلوماسية التي انعقدت خلال هذا الأسبوع بين روسيا وأوكرانيا إلى تحسن معنويات المخاطرة بشكل طفيف، الأمر الذي يشير إلى أن الجانب الروسي قد خفف من حدة موقفه التفاوضي، وأن الطرفين يمكن أن يتوصلا إلى اتفاق في القريب العاجل.
علاوة على ذلك، أرسلت الصين إشارات غير تصعيدية من خلال رئيسها، شي جين بينغ، لتؤكد على أنها لا تدعم الحرب في أوكرانيا، وذلك خلال الاجتماع المُنعقد عن طريق الفيديو مع الرئيس بايدن.
ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورزS&P 500 بنسبة 6.16% خلال تعاملات هذا الأسبوع ليستقر عند أعلى مستوي له في شهر بعدما حقق سلسلة مكاسب دامت لأربعة أيام على التوالي.
وحققت جميع القطاعات المٌدرجة في المؤشر مكاسب عدا قطاع الطاقة الذي انخفض بنسبة (-3.58%) في ظل تراجع أسعار النفط للأسبوع الثاني على التوالي.
وأظهرت أسهم التكنولوجيا الرئيسية أداءً قوياً خلال الأسبوع، إذ حقق مؤشر ناسداك المركب Nasdaq مكاسب بنسبة 8.17%، ليصل بذلك إلى أعلى مستوى له في شهر.
كما ارتفعت أسهم الشركات ذات القيمة السوقية الضخمة بشكل كبير، إذ صعدت أسهم شركة ميتا Meta Platform بنسبة (+15.39%)، وصعدت أسهم أبل Apple Inc بنسبة (+5.98%)، بينما صعدت أسهم ألفابت Alphabet Inc بنسبة (+4.82%).
وكسر مؤشر داو جونز الصناعي Dow Jones سلسلة الخسائر التي دامت لخمسة أسابيع، إذ وردت تقارير عن تحقيقه لمكاسب بنسبة 5.5% بعدما ارتفع خلال جميع جلسات التداول هذا الأسبوع، ليسجل بذلك أطول سلسلة مكاسب في 2022.
وتراجعت تقلبات الأسواق طبقًا لقراءات مؤشر VIX لقياس تقلبات الأسواق الذي انخفض بمقدار 6.88 نقطة ليستقر عند مستوى 23.87 نقطة، أي أدنى من متوسطه البالغ 26.1 نقطة منذ بداية العام.
حققت الأسهم الأوروبية مكاسب، وذلك للأسبوع الثاني على التوالي على خلفية ورود أخبار عن تقدم المحادثات الجارية بين روسيا وأوكرانيا، حيث ارتفع مؤشر STOXX 600 بنسبة 5.43%، ليسجل بذلك أكبر مكسب أسبوعي له منذ نوفمبر 2020.
وارتفع 18 قطاعًا من أصل 20 قطاعًا مدرجين في هذا المؤشر، إذ قادت هذه المكاسب قطاعي الخدمات (+9.15%) والتكنولوجيا (+9.12%)، بينما كان قطاع الطاقة (-0.58%) وقطاع الموارد الأساسية (-0.35%) الخاسرين الوحيدين.
وبالانتقال إلى الأسواق الناشئة، ارتفع مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة MSCI EM بنسبة 3.44% على مدار الأسبوع، ليقلص بذلك الخسائر التي تكبدها منذ بداية العام وحتى تاريخه بنسبة -8.85% (مقارنة بنسبة -11.45% المُسجلة الأسبوع الماضي)، ليسجل بذلك أول مكسب أسبوعي له في خمسة أسابيع وسط ورود تقارير تشير إلى أن أوكرانيا وروسيا أحرزتا تقدمًا ملحوظًا في المحادثات، حيث وضعا خطة تتضمن وقف إطلاق النار، وانسحاب روسيا من أوكرانيا بشرط تخلي كييف عن مساعي الانضمام إلى الناتو، وتعهدها بعدم استضافة قواعد عسكرية أو أسلحة أجنبية مقابل الحصول على حماية من الغرب.
وجاءت مكاسب مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة MSCI EM حتى بعد إعلان سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي يوم الأربعاء، إذ رفع مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة لأول مرة منذ عام 2018، كما أشاروا إلى ست زيادات أخرى هذا العام في محاولة لترويض ارتفاع الأسعار التي وصلت إلى أعلى مستوى لها في أربعة عقود.
ومن الجدير بالذكر أن الأسهم الآسيوية قلصت معظم الخسائر التي تكبدتها الأسبوع الماضي بعدما تعهدت الصين يوم الأربعاء بتخفيف الإجراءات الصارمة المفروضة، ودعم قطاعي الطاقة والتكنولوجيا، وتنفيذ سياسات من شأنها تحفيز الاقتصاد.
وارتفع مؤشرHang Seng بنسبة 4.18% بعدما خسر أكثر من 6% من قيمته الأسبوع الماضي، بينما تراجع مؤشر شنغهاي المركب Shanghai Composite بنسبة -1.77% بعدما انخفض بشدة يوم الإثنين (-2.60%،) ويوم الثلاثاء (-4.95%) على خلفية تداعيات عمليات الإغلاق المفروضة في مدن متعددة بالصين نتيجة ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا، وحذر المستثمرين بشكل عام قبل صدور نتائج اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة.
من الجدير بالذكر أن تقلبات أسواق السلع الأساسية أثرت بالسلب أيضًا على مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة خلال بداية هذا الأسبوع.
وعلى صعيد الأسواق بأمريكا اللاتينية، حقق مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة بأمريكا اللاتينية MSCI EM مكاسب بنسبة 4.01% خلال تعاملات هذا الأسبوع، حيث ارتفع المؤشر منذ بداية العام وحتى تاريخه بنسبة 17.3%، على الرغم من حدوث انخفاض أسبوعي في أسعار السلع، والذي يؤثر عادة على أصول المنطقة المٌصدرة.
وفي هذه الأثناء، ارتفع مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة والحدودية باستثناء روسيا MSCI EFM CEEC بنسبة 6.09%.
ملحوظة: يمثل مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة والحدودية باستثناء روسيا أسهم الشركات ذات القيمة السوقية الكبيرة والمتوسطة في 4 دول من الأسواق الناشئة، و7 دول من الأسواق الحدودية، وذلك يتضمن بولندا (54.6%)، والمجر (+ 15.89%)، وجمهورية التشيك (11.32%)، ورومانيا (6.3%)، وكازاخستان (+ 5.71%). يحتوي المؤشر على 37 سهم ا معظمها متركز في القطاعات المالية، والمرافق، والمواد، والطاقة، والسلع الاستهلاكية. وتبلغ القيمة السوقية للمؤشر حوالي 83 مليون يورو.
البترول:
انخفضت أسعار النفط بنسبة -4.21%، للأسبوع الثاني علي التوالي لتصل إلى 107.93 دولار للبرميل، على خلفية تصريحات منظمة أوبك حول زيادة دول الخليج إنتاج النفط، إلى جانب وجود توقعات بانخفاض الطلب نتيجة عودة انتشار فيروس كورونا في الصين.
علاوة على ذلك، أدى تزايد حالة التفاؤل المحيطة بإحياء الاتفاق النووي مع إيران المٌبرم عام 2015 إلى تخفيف الضغط على أسعار النفط.