قال الدكتور رمزي الجرم الخبير الاقتصادي، إنه على الرغم من زيادة حدة التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية؛ ليكسر حاجز 9٪ وفي تطور خطير لم يحدث منذ نحو 40 عامًا مضت، إلا الولايات المتحدة الأمريكية، مازالت هي المُتحكم الأكبر في الاقتصاد العالمي بفضل قوتها العسكرية وقدرتها العلمية ومساحتها الشاسعة وحجم صادراتها الصناعية المتطورة والمنتجات الزراعية والمواد الأولية المصنعة والسياحة والتعليم والطب.
وأشار "الجرم"، في تصريحات له، أنه مازال العالم يثق في عملتها ويلجأ إليها كمخزن للثروة في أوقات الأزمات المالية أو التوترات السياسية، إلا أنها لا تستفيد دائما من ارتفاع عملتها، لأن ذلك يُقلص من تنافسية صادراتها، ويرفع العجز التجاري لها مع شركائها التجاريين، ويدفع الشركات الأجنبية والأمريكية إلى مغادرة الأراضي الأمريكية، بسبب زيادة تكلفة الإنتاج في السوق الأمريكي بالمقارنة بنظيرتها في الأسواق الأخرى، مما سيؤدي إلى زيادة معدل البطالة في الاقتصاد الأمريكي.
وأوضح أنه أدى ارتفاع أسعار الدولار الأمريكي إلى إجبار الاقتصادات الأخرى، إلى رفع أسعار الفائدة لديها للدفاع عن عملتها المحلية.
وأوضح أن ارتفاع سعر الدولار أيضًا، أدى إلى خلق صعوبات مالية شديدة في بلدان كثيرة، وبشكل خاص، تلك الدول المدينة للولايات المتحدة الأمريكية، لأن الديون بالدولار الأمريكي؛ فارتفاع أسعار الدولار، تؤدي حتمًا إلى زيادة عبء الديون على الدول المدينة للولايات المتحدة الأمريكية، بنفس معدل ارتفاع سعره، فالدولة المدينة للولايات المتحدة بمليار دولار مثلًا، ستترتفع قيمة المديونية بنحو 20 مليار دولار، إذا زادت أسعار الدولار بمعدل 20٪.
وأضاف أن الولايات المتحدة تلجأ بين الحين والآخر، إلى السعي نحو تخفيض عملتها، لتحقيق مكاسب اقتصادية عديدة، على خلفية أن الاستمرار في ارتفاع سعر الدولار، سيجعل الصادرات الأمريكية مرتفعة الثمن، بالمقارنة بالمنتجات الأوربية مثلًا.
وأشار إلى أن الاستمرار في ارتفاع أسعار الدولار، يُقلص أنشطة السياحة والدراسة من الدول الأخرى؛ بسبب ارتفاع تكاليف السفر والإقامة والأجور، خصوصًا مع وجود بدائل أقل تكلفة في البلدان الأخرى.
ونوه إلى أن العملة الأمريكية، لها خصوصية مختلفة عن مثيلاتها من العملات الأخرى، على خلفية أن إرتفاع سعر الدولار قد لا يكون بسبب قوة الاقتصاد الأمريكي، وإنما ربما يكون أيضًا بسبب اللجوء الاضطراري إلى الاحتفاظ به من جانب الدول والشركات والأفراد في جميع أنحاء العالم، حتى أنه في بعض الأحيان، تَجهل الولايات المتحدة الأمريكية تمامًا مئات المليارات من الدولارات التي في حوزة الأفراد أو خزائن الشركات والمتاجر في أنحاء العالم، حتى أن بعض الدول مثل السلفادور وزمبابوي وبعض الدول الأخرى؛ ألغت عملتها، واستخدمت الدولار كعملة بديلة فترة من الوقت، بل أن 65 دولة على مستوى العالم على الأقل، تستخدم الدولار كعملة موازية لعملتها الوطنية، حتى كوبا الأشد عداءً لأمريكا، أطلقت عملة جديدة في عام 1994(CUC) وتم ربطها بالدولار الأمريكي، بعد انهيار اقتصادها، على خلفية توقف الدعم السوفياتي في تلك الفترة.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية، تستخدم عملتها التي تعتبر الأقوى عالميًا، لكسب كل الجولات، فتارة تتعمد في رفع أسعار الدولار الأمريكي عالميًا، لأغراض مالية واقتصادية مُحددة، ثم تُعاود في تخفيض عملتها من أجل تحقيق مكاسب؛ بشأن زيادة تنافسية صادراتها ومنتجاتها ومواجهة شبح البطالة في الاقتصاد الأمريكي.