قال إسلام جمال الدين الخبير الاقتصادى، إن مصر تسعى جاهدةً للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي، وقد وصلت للمرحلة النهائية بشأن برنامج جديد للتعاون من أجل الإصلاح الاقتصادي وتجاوز الأزمة الاقتصادية الحالية حيث تتفاوض الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولي للتعاون بشأن برنامج إصلاح اقتصادي جديد مصحوب بتمويل يسهم في سد الفجوة التي تعاني منها مصر.
وأضاف جمال الدين في تصريح لـ"أهل مصر"، أن سبب توجه مصر إلى الصندوق هو الحصول على شهادة ثقة جديدة في الاقتصاد المصري أمام المؤسسات المالية الدولية والمستثمرين من أجل جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة بعد أن أظهرت التجربة العملية أن الأموال الساخنة، والتي تعني استثمارات الأجانب في أدوات الدين المصرية مثل السندات وأذون الخزانة لا جدوى منها بعد الانسحاب المفاجئ من الأسواق الناشئة ومن بينها مصر نظرًا لارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية.
وأوضح أنه تم الكشف عن عدد من النقاط الخلافية في المفاوضات الحالية الدائرة بين مصر وصندوق النقد الدولي، حيث تمثل نقاطًا جوهرية من وجهة نظر الصندوق، وعلى الجانب الآخر في مصر تجد الحكومة المصرية أن هناك صعوبة بالغة في تنفيذ هذه المتطلبات في التوقيت الحالي نظرًا لأنها تمس الدعم وتؤثر على محدودي الدخل في مصر وهو ما يتعارض مع رؤية الدولة المصرية.
وأضاف أن أبرز النقاط الخلافية والتي يطالب صندوق النقد الدولي مصر بتحقيقها النقطة الأولى هي رفع الدعم بشكل كامل عن الخبز والمحروقات، للمساعدة في خفض عجز الموازنة، والثانية هي تثبيت سعر الفائدة لكل القطاعات ورفع الدعم عن فوائد المبادرات للقطاعات المختلفة، والثالثة أن يكون سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري حرًا بالكامل ومرنًا، أما الرابعة خروج الدولة من القطاعات الإنتاجية المختلفة وإحلالها بالقطاع الخاص، مضيفا أن كلمة السر في الخلاف أو مربط الفرس نجدها في فكرة رفع الدعم بالكامل وبشكل مفاجئ نظرًا لأنه يؤثر في عجز الموازنة المصرية، فالشرط الأول لصندوق النقد الدولي هو رفع الدعم بشكل كامل عن الخبز والمحروقات، وفي المقابل تقوم الحكومة المصرية بتقديم الدعم العيني في شكل دعم لرغيف الخبز والكهرباء والمنتجات البترولية ووجهة نظرها أنها لن تستطيع أن تقوم بإلغاء الدعم بالكامل، ولكن ستقوم بتقليص الدعم تدريجيًا وهي وجهة نظر سليمة نظرًا لأن الإلغاء المفاجئ سيؤثر على قطاع عريض في المجتمع المصري ويمس محدودي الدخل.
وتابع: على سبيل المثال أشار الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى ضرورة تحريك سعر رغيف الخبز المدعوم إلى أكثر من خمسة قروش قائلاً على هامش افتتاح مدينة جديدة للصناعات الغذائية في أغسطس 2021، حان الوقت لرفع ثمن الرغيف، من غير المعقول أن يكون ثمن 20 رغيفًا معادلاً لثمن سيجارة ويجب إعادة تنظيم الأمور حيث إن التكلفة الفعلية وصلت الآن إلى أكثر من 70 قرشًا، ونظرًا لأن الرئيس يشعر بالمواطن أكد على أن الدولة ستراعي الفئات الأكثر فقرًا، وستدرس تأثير ذلك عليهم من عدمه، مع ضمان عدم تأثرهم بذلك.
وفيما يخص دعم المحروقات، أشار الخبير الاقتصادى إلى أنه يتم التقليص تدريجيًا منذ بداية تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي قامت به مصر، ففي 13 يوليو الماضي أقرّت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات النفطية في مصر تعديل الأسعار الحالية السائدة في السوق المحلية، وذلك للربع في يوليو وسبتمبر 2022، إذ عدلت سعر بيع منتجات البنزين بأنواعها المختلفة.
وفيما يخص الشرط الأول رفع الدعم بشكل كامل عن الخبز والمحروقات، قال: الحكومة المصرية ترفضه لأنه لا يتوافق مع رؤية القيادة السياسة، التي تؤكد على ضرورة استمرار الدعم، خاصة في رغيف الخبز، ومبادرات حياة كريمة، وحق محدودي الدخل في الحصول على مسكن آمن وحياة كريمة، متابعا أن الشرط الثاني تثبيت سعر الفائدة لكل القطاعات ورفع الدعم عن فوائد المبادرات للقطاعات المختلفة، مثل قروض القطاع الصناعي، والزراعي، والتمويل العقاري والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، التي تكون بفوائد منخفضة وتدعمها الدولة نجد أن الحكومة أعلنت أنها مستمرة في تقديمها لدعم الاقتصاد بغض النظر عن الجهة التي تديرها أو تتحمل أعباءها.
وأوضح ان الشرط الثالث أن يكون سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري حرًا بالكامل ومرنًا، لأنهم يرون أن سعر الدولار ما زال مدارًا، ولم يُترك للعرض والطلب بشكل كامل فإننا نجد أن الدولة المصرية أبدت موافقتها في أن يكون الجنيه المصري مرنًا أمام الدولار ولن تقوم بتثبيته وقد ظهر ذلك جليًا في الفترة الماضية من تحريك لسعر الجنيه أمام الدولار، وتم رفض أن يترك الجنيه حرًا بالكامل.
وأضاف أن الشرط الرابع والأخير هو خروج الحكومة من القطاعات الإنتاجية المختلفة وإحلالها بالقطاع الخاص، وهو ما بدأت الحكومة في الاستجابة له بالفعل من خلال طرحها بعض الشركات الحكومية في البورصة، وتم البدء بشركة الغزل والنسيج، بجانب بيع بعض الحصص في عدد من الشركات لصالح مستثمرين خليجيين.
واكد الخبير الاقتصادى إنه غالبًا ستحصل مصر على القرض الذي تريده من صندوق النقد الدولي، ولكن يتوقع حصولها على شريحة أقل من التي تم طلبها في بداية المفاوضات بينها وبين الصندوق، ولكن الشيء الهام في الأمر أن حصول مصر على القرض سيكون وفق رؤيتها التي تؤكد على ضرورة استمرار الدعم، خاصةً رغيف الخبز، والحفاظ على حقوق محدودي الدخل دون المساس بها، وليس وفقًا لرؤية صندوق النقد الدولي.