قال الدكتور إسلام جمال الدين شوقي، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، إنه الجنيه المصري يشهد حاليًا انخفاضات يومية بعدة قروش، بنسبة تقدر حتى الآن بحوالي 1.5%، ومن المرجح أن يستمر الجنيه في انخفاضه بوتيرة أسرع خلال الأيام المقبلة، حتى يصل إلى المستوى الذي يقدره السوق حاليًا بين 21 و22 جنيهًا للدولار بنهاية العام، وقد يكون هذا المستوى هو السعر الاستكشافي المستهدف من قبل السوق حيث يجري تداوله في السوق السوداء أو في تسعير بعض السلع مثل الذهب.
وأوضح "شوقي"، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أن تحديد قيمة الجنيه مسألة محل شد وجذب بين صندوق النقد الدولي ومصر، حيث يتسبب الانخفاض المستمر لقيمة الجنيه في معاناة المصريين من أزمة اقتصادية مركبة تتمثل في فقدانهم معظم قيمة مدخراتهم بالعملة المحلية من جهة، وارتفاع أسعار السلع والخدمات أضعافًا مضاعفة من جهة أخرى، خاصةً في ظل وجود معدلات تضخم مرتفعة من الأساس.
وأوضح أن هناك وجهة نظر أخرى ترى أن تخفيض قيمة الجنيه تساهم في تخفيض الفجوة التمويلية من خلال خفض حجم الواردات لأن قيمتها ستصبح مرتفعة، وبالتالي ستصبح الصادرات أقل قيمة وجذابة للدول الأخرى مما يؤدي إلى زيادة الصادرات وتقليل عجز ميزان المدفوعات ولكي يتم تحقيق ذلك يجب العمل على زيادة الإنتاج حتى نتمكن من زيادة الصادرات وإلا لن نجني شيء في هذه الحالة.
وأضاف أنه لكي تتمكن مصر من الحصول على قرض صندوق النقد الدولي، وفي نفس الوقت يتجنب البنك المركزي المصري حدوث صدمة تضخمية كبيرة في حالة التعويم الفوري لذلك يقوم بعملية خفض تدريجي للجنيه أمام الدولار مما يعطي إشارة إلى أن هناك مستهدف معين يجب الوصول إليه في الأجل القصير، وقد يكون ذلك في إطار الاتفاق بين مصر وصندوق النقد، بهدف إيجاد مرونة في سعر الصرف وخفضه في حدود نسبة معينة، ويُعدُ تخفيض الجنيه بهذا الشكل التدريجي، هو أفضل السيناريوهات المطروحة، لأنه لا يوجد مبرر للخفض الفوري لقيمة الجنيه ، حتى لا يؤثر ذلك على الأسعار ويرتفع معدل التضخم بشكل كبير وحتى لا تحدث اضطرابات اجتماعية في حال انخفاض قيمة الجنيه بوتيرة أكبر.
كيفية الخروج من الأزمات؟
وأضاف أن أولى الخطوات أن يكون هناك مرونة حقيقية في سعر صرف الجنيه، ولن يتحقق ذلك ألا إذا لم يتدخل من قِبل البنك المركزي في سعر صرف الجنيه ويمنعه من الخضوع لآليات السوق المتمثلة في الطلب والعرض، ولكن يجب أولًا العمل على إعادة هيكلة الاقتصاد المصري ليصبح اقتصادًا إنتاجيًا، بحيث يضاف إليه مصادر إيرادات جديدة بالعملة الأجنبية، ويزداد الإنتاج وتنخفض الواردات وتزداد الصادرات وتنمو السياحة، مما يساعد الدولة على تخطي أزمة الديون وتستطيع السداد وسيتم تحسين مستوى الدخل، ومع مرور الوقت سيعاود الجنيه ارتفاعه مجددًا وسيتم السيطرة على معدلات التضخم.
وأشار إلى ضرورة البحث عن المجالات التي تتمتع مصر بميزة نسبية فيها مثل مجال الطاقة والعمل على زيادتها حيث تلعب المنطقة الاقتصادية في قناة السويس دورًا كبيرًا في مجالات التنمية ولنضرب مثال على ذلك توقيع مصر والهند في يوليو الماضي، على مذكرة تفاهم لإقامة مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر بقيمة 8 مليار دولار في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
ونوه إلى أنه تمتلك مصر وفرة في موارد إنتاج طاقة الرياح والطاقة الشمسية يمكن من خلالها توليد طاقة متجددة لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، كما أن مصر تُعدُ سوقًا واعدةً لتصبح قوة عالمية في سلسلة قيمة الطاقة الخضراء.
وتابع أنه من أجل تحقيق ذلك يجب على مصر العمل في الفترة المقبلة على سرعة التحول نحو الاقتصاد الأخضر، والاقتصاد الأصفر، والاقتصاد الأزرق، حيث تُعدُ هذه الاقتصادات أهم أنواع اقتصاديات التنمية، حيث يتم عن طريقها تحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة وإنقاذ كوكب الأرض من تداعيات التغيرات المناخية.
وأكد على ضرورة مشاركة القطاع الخاص في الاستثمار، بهدف أن يصل نصيبه إلى نحو 65 % من إجمالي الاستثمارات المنفذة في غضون أربع سنوات كما سبق وأن أعلنته الحكومة، وفي وجهة نظري يجب العمل على سرعة مشاركة القطاع الخاص بمعدل أكبر من ذلك وليس في غضون 4 سنوات وإزالة جميع العقبات أمام المستثمر لذلك من الهام والضروري جدًا عودة وزارة الاستثمار لتقوم بدورها المنوط في تشجيع الاستثمار وإزالة جميع العقبات التي تواجه المستثمرين.