مرونة صرف الجنيه.. جولدمان ساكس يتوقع مستقبل العملة المصرية

سعر الجنيه المصري
سعر الجنيه المصري
كتب : أهل مصر

قال تقرير صادر عن بنك الاستثمار الأمريكى جولدمان ساكس، إن مصر أحرزت تقدما كبيرا فى إصلاح سعر الصرف لكن السوق لم تصل لمرحلة التوازن بعد.

مرونة الجنيه المصري

وقال البنك، إن التزام البنك المركزى بمرونة سعر الصرف فى الوقت الحالى يبدو حقيقيا، إذ لم يعد يتدخل بشكل مباشر أو غير مباشر فى سوق الصرف الأجنبى، خاصة أن سعر صرف يحوز على جزء كبير من اهتمام صندوق النقد الدولى الذى يراقب السوق عن قرب ووضع تدابير ومؤشرات فى برنامجه مع مصر الممتد لـ46 شهر للتأكد من استمرار الالتزام، كما يدعم الاضطراب الذى شهده سوق الصرف الأسبوع الماضى ذلك.

السيولة بالعملة الأجنبية

ويرى البنك أن عدم تدخل البنك المركزى لا يعنى بالضرورة أن سوق الصرف يعمل بشكل حر، برغم التحسن فى السيولة بالعملة الأجنبية وانخفاض السعر فى السوق السوداء، لكن القيود على استخدام العملة الأجنبية تعنى أن السوق الرسمى مازالت تحت ضغط، ولذلك فسعر الصرف الرسمى ليس هو سعر السوق أى أنه ليس السعر الذى يغطى الطلبات المشروعة على العملة الأجنبية.

البطاقات البنكية

ولم يحدد بنك الاستثمار الأمريكى القيود على استخدامات النقد الأجنبى لكن البنوك مؤخرًا وضعت حدودًا لاستخدامات البطاقات البنكية فى الخارج بسبب تلاعبات وصلت بحجم استخدام البطاقات فى ديسمبر إلى 5 أضعاف المتوسط اليومى فى الربع الثالث من 2022 بحسب بيان سابق للمركزى، كما كان هناك قيود على الاستيراد أزيلت بشكل رسمى نهاية الشهر الماضى.

سعر الدولار فى السوق السوداء

قال البنك إن سعر الدولار فى السوق السوداء انخفض لعدة أسباب بينها زيادة المعروض من الدولار بفضل الشهادات مرتفعة العائد وزيادة إيرادات السياحة وحصيلة التحويلات، بجانب تراجع الطلب على العملة الأجنبية بسبب انخفاض قيمة العملة ورفع الفائدة وعدم اليقين بشأن الأداء الاقتصادى فى المدى القريب، وكذلك زيادة الثقة فى العملة المحلية مع إتمام برنامج الصندوق والعمل على الإفراج عن البضائع فى الموانئ، وإبطاء وتيرة الاستثمار الحكومى فى المشروعات القومية.

استخدام النقد الأجنبى

وأشار إلى أن وجود قيود على استخدام النقد الأجنبى يشير إلى أن هناك طلب غير ملبى، ولذلك يوجد سوق موازى بأسعار أعلى، ورغم أن السوق الموازى انخفضت فيه الأسعار بشكل ملحوظ لكن تغير أى من أسباب انخفاضه، سيؤدى إلى اتساع الفجوة بين السعرين من جديد، وهو ما سيتطلب من السلطات حينها إذا مازالت متمسكة بمرونة سعر الصرف أن تخفض قيمة الجنيه من جديد.

ويرى محللو جولدمان ساكس أن العودة لسوق صرف حر يعمل بفاعلية يتطلب تلبية الطلب المعلق على العملات الأجنبية، مع رفع تدريجى للقيود على الصرف الأجنبى.

تلبية الطلبات المعلقة

وأشار إلى تسارع وتيرة تلبية الطلبات المعلقة فى الأيام الماضية، مع تحسن الصورة الكلية للمعروض من النقد الأجنبى، لكن تتبقى بعض الأمور التى يجب فعلها مثل أن قيام كل بنك بمخاطبة الآلاف من عملائه لإخبارهم باستعداده لتلبية طلباتهم المعلقة، رغم أن ذلك يستهلك الكثير من الوقت وكذلك يتطلب عددًا كبيرًا من الموظفين لفعل ذلك.

معروض النقد الأجنبى

أوضح البنك أن الزيادة فى معروض النقد الأجنبى فى المدى القريب مثل تسارع تدفقات الأموال الساخنة، قد يؤدى لتخمة مؤقتة من السيولة فى سوق الإنتربنك، بما يؤدى إلى ارتفاع مؤقت فى قيمة الجنيه رغم استمرار وجود طلب غير مغطى وهو ما حدث الأسبوع الماضى حينما ارتفع الدولار إلى 32 جنيه قبل أن ينخفض لما دون الـ30 جنيه.

وقال جولدمان ساكس، إنه من المستحيل الجزم بموعد محدد لتلبية الطلب المعلق لأن ذلك يعتمد على حجم المنح من البنوك لإغلاق الطلبات وحجم الطلبات المتأخرة، لكن وفق التقديرات فإن الأمر يتطلب من أيام إلى أسابيع، وبمجرد تلبية جميع الطلبات يجب إلغاء كافة القيود لما يجلب الطلب للسوق الرسمى ليصبح السوق موحد ويعمل وفق آليات العرض والطلب بشكل حقيقى.

التوازن فى سوق الصرف

وأشار إلى وجود عدم يقين حقيقى حول السعر الذى سيحقق التوازن فى سوق الصرف، إذ أنه بمجرد رفع القيود سيرتفع الطلب على العملة الأجنبية، بما يضع ضغوطًا على الجنيه، ولتجنب تخفيض قيمة العملة، يجب العمل على زيادة المعروض من النقد الأجنبى.

أوضح أن السياسات العامة ستلعب دورًا فى ذلك عبر إدارة العرض والطلب من جانبها بما يضمن عدم اضطراب سعر الصرف بشكل مفرط.

فعلى جانب الطلب يجب على السياسات النقدية والمالية أن تظل متشددة ومتفاعلة مع الأوضاع السائدة لكبح التضخم والتحكم فى الطلب وخفض نمو فائض المعروض النقدى، وعلى جانب العرض، فإن بيع أصول الدولة للأجانب وتلبية أهداف الاقتراض ستكون ذات أهمية بجانب إدارة تدفقات المحافظ المالية بشكل فعال، إذ يرى محللو البنك أن تدفق أموال كبيرة من تجارة الفائدة أمر مضر باستقرار العملة والحسابات الخارجية على المدى الطويل.

وأشار البنك إلى أن الثقة ستلعب دورًا فعالًا أيضًا، لذلك فأى حياد عن سياسة الحكومة التى أقرتها فى خطاب النوايا الموجه لصندوق النقد سيقوض استقرار سوق النقد الأجنبى وكذلك السياسة النقدية.

العوامل الخارجة

أضاف أنه من المؤكد أن هناك الكثير من العوامل الخارجة عن سيطرة السلطات والتى ستلعب أيضًا دورًا مهمًا فى تحديد التوازن الجديد.

وتشمل هذه العوامل، التطورات فى الاقتصاد العالمى والأسواق المالية، والجغرافيا السياسية الإقليمية والعالمية، ومسار أسعار السلع الأساسية، وتدفق التحويلات من المصريين فى الخارج.

وقال البنك إن الحد من تعرض مصر للصدمات ومنع الاختلالات الخارجية من التراكم بشكل غير مستدام سيكون عبر الأهداف الرئيسية لأجندة الإصلاح، إذ أنه من الناحية العملية يمكن تحقيق ذلك من خلال سياسات مصممة لتضييق العجز التجارى وتحسين مزيج التمويل (أى زيادة الاستثمار الأجنبى المباشر وتقليل الديون).

الإصلاحات الحكومية

وأشار إلى أن حزمة الإصلاحات الحكومية تستند على الالتزام بتعزيز نمو القطاع الخاص من خلال الحد بشكل كبير من مزاحمة الدولة والجهات السيادية وتحسين بيئة الأعمال، بهدف زيادة الإنتاجية والقدرة على التصدير، وتضييق العجز التجارى، وفى الوقت نفسه تشجيع المزيد من الاستثمار الأجنبى المباشر وتقليل الاعتماد على الديون.

وشدد على أهمية التقدم فى أجندة الإصلاح بالنسبة للآفاق الاقتصادية على المدى المتوسط إلى الطويل فى مصر، خاصة أن الوضع لم يعد كما كان فى الماضى عندما كان من الممكن تمويل الاختلالات الخارجية بشكل مريح برأس المال الأجنبى، سواء كان ذلك بالاقتراض الرسمى أو إصدار الديون أو تدفقات الأموال الساخنة، وذلك لثلاثة أسباب رئيسية هى تشديد الأوضاع المالية والنقدية عالميًا، وانخفاض قدرة مصر على تحمل الديون، كما أن شروط التمويل من المؤسسات الدولية أصبحت أكثر صرامة.

البنية التحتية

وقال إنه إذا فشلت مصر فى جذب تدفقات الاستثمار الأجنبى فإن الأمر سيستغرق وقتًا أطول لتنفيذ الإصلاحات.

وأشار بنك الاستثمار الأمريكى إلى أن مصر تتمتع بالعديد من المزايا النسبية، بما فى ذلك كونها قاعدة تصنيع منخفضة التكلفة (مدعومة بتخفيضات متتالية لقيمة العملة خلال العام الماضي)، وتوافر العمالة الماهرة، والبنية التحتية المحسنة كثيرًا، وسوق محلية كبيرة وشابة، وتوافر الطاقة (بما فى ذلك المتجددة)، وأخيراً ملكيتها لقناة السويس، التى يتدفق من خلالها جزء كبير من التجارة العالمية.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً