قال الدكتور محمد عبد الوهاب، الخبير الاقتصادي، والمحلل المالي، إن ارتفاع سعر الدولار في البنوك صباح اليوم يدور حول عدة محاور أبرزها هو خروج الأموال الساخنة من مصر نتيجة خوف المستثمرين الأجانب حالياً من ضخ أموال جديدة في أدوات الدين في ظل استمرار العدوان الصهيوني على غزة، بالإضافة إلى هجمات الحوثيين في البحر الأحمر مما يؤثر على انخفاض إيرادات قناة السويس.
ما أسباب ارتفاع سعر الدولار في البنوك؟
وأضاف عبد الوهاب لـ 'أهل مصر'، أنه لا يمكن الاعتماد على الأموال الساخنة، لأنها تأتي من أجل العائد الكبير فقط، مشيرا إلى أن الحكومة المصرية يجب أن تتعلم الدرس في ما يخص الأموال الساخنة والذي أجبرها على خفض سعر العملة وتحرير الجنيه ثلاث مرات متتالية في 2018 و2020 و2022.
واستشهد عبد الوهاب بما قاله وزير المالية الأسبق 'محمد معيط'، أنه لا يجب أن تعتمد الدولة على تلك الأموال، إذا جاءت مجدداً قائلا: فليست لدينا مشكلة، بل يشدد على أن الدولة وضعت استراتيجية تنص على عدم الاعتماد على هذا النوع من الأموال مرة أخرى.
لماذا رفع المركزي المصري سعر الفائدة إلى 6%؟
وكشف عبد الوهاب أن قيام البنك المركزي المصري برفع سعر الفائدة إلى مستوى 6% بعد تحرير سعر صرف الجنيه في مارس الماضي، جعل مصر في المركز الثالث لأعلى عائد على السندات بالعملة المحلية من بين 23 اقتصاداً نامياً وفق تقارير دولية، مما يشكل ضغطاً شديداً على الموازنة العامة وإيرادات الدولة.
وتوقع عبد الوهاب استمرار ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه المصري بشكل في حالة عدم اتخاذ أية إجراءات احترازية وأهمها عدم الاعتماد المفرط على تلك الأموال في دعم استقرار سوق الصرف وزيادة الاحتياطيات الأجنبية وتغطية عجز الأصول الأجنبية لدى القطاع المصرفي، مؤكدا أن النتيجة ستكون إضعاف الاقتصاد المحلي وتهاوي قيمة العملة المحلي قد تستمر سنوات طويلة.
وطالب عبد الوهاب الحكومة المصرية بعدم الاعتماد على الأموال الساخنة في شراء احتياجاتها أو سداد الديون خاصة بعد دخول مصر عما يزيد عن 30 مليار دولار تدفقات دولارية في أقل من شهر ومن المعروف أن الأموال الساخنة تدخل بسرعة وأيضا يكون لها حرية الخروج بسرعة.
نتيجة اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية
وفي مطلع عام 2022، حينما كان سعر صرف الدولار أمام الجنيه نحو 15.8 جنيه للدولار الواحد، واحتياطي العملات الأجنبية عند 41 مليار دولار، خرجت من مصر نحو 20 مليار دولار “أموال ساخنة”، وقالت الحكومة وقتها إن ذلك جاء نتيجة “اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية”.
وخلال أقل من شهر في عام 2022، ارتفع سعر الدولار أمام الجنيه ليسجل في نهاية مارس من ذات العام 18.3 جنيه للدولار الواحد، فيما انخفض احتياطي النقد الأجنبي إلى 37 مليار دولار، وواصل التراجع حتى نهاية العام حتى سجل 34 مليارا، حسب بيانات البنك المركزي المصري.
وحتى منتصف يونيو الحالي، يبلغ سعر صرف الدولار أمام الجنيه في السوق المصرية نحو 47.65 جنيها للدولار الواحد، فيما سجل احتياطي النقد الأجنبي أعلى مستوى له على الإطلاق في مايو الماضي، عند 46.12 مليار دولار.
أهم عوامل جذب الأموال الساخنة
وأشار إلى أن استقرار الاقتصادات يكون عامل جذب للأموال الساخنة لذلك فهي تبقى مستمرة طالما لم تجد مايغريها للحصول على أرباح مثل تناقص سعر الفائدة بالداخل أو إيجاد سعر فائدة أعلى بسوق آخر أو نتيجة لانخفاض سعر الصرف، فمثلا في حال انخفاض الدولار سيجد أصحاب الأموال الساخنة فرصة ذهبية لبيع أصولهم والخروج بأموالهم للفوز بربح إلى جانب العائد من الاستثمار.
وتابع أن خروج الأموال الساخنة عادة ما يأتي بنتائج عكسية لأنها تعمل بشكل حر وسط استقرار أسعار الصرف، لافتا إلى أنه لا يمكن التحوط من الخروج السريع لتلك الأموال في ظل عدم وضع قيودا على حركة الدخول والخروج.