خبراء: قطاعي الأدوية والأغذية أهم القطاعات التي سيتم استحواذات كبري بها
تسعى الحكومة المصرية إلى تعزيز بيئة الاستثمار وزيادة جاذبية السوق المحلي، مما يسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وتعزيز مكانة مصر كوجهة استثمارية رئيسية في المنطقة، وتعتبر صفقات الاستحواذ جزءًا أساسيًا من حركة الاقتصاد المصري، حيث تشهد البلاد نشاطًا متزايدًا في هذا المجال خلال الفترة الأخيرة، خاصة في قطاعي الأدوية والأغذية، ومع تزايد الاهتمام من قبل المستثمرين المحليين والدوليين، يبرز دور هذين القطاعين كرافد رئيسي لنمو الاقتصاد الوطني.
فقد أصبح القطاع الدوائي، الذي يشهد ابتكارات وتطورات مستمرة، وقطاع الأغذية، الذي يلبي احتياجات السوق المتزايدة، محط أنظار الشركات العالمية الراغبة في توسيع عملياتها، ومع تحرر سعر الصرف وتحسن مناخ الاستثمار، تتزايد فرص الاستحواذ على شركات رائدة، مما يسهم في تعزيز الإنتاج المحلي، وتوفير المزيد من فرص العمل، وضمان استدامة النمو الاقتصادي، من خلال تحليل هذه التطورات، يظهر أن الاستحواذات في مصر ليست مجرد عمليات تجارية، بل هي خطوة استراتيجية نحو تحقيق رؤية شاملة للتنمية الاقتصادية المستدامة.
صفقات منتظرة
قالت حنان رمسيس خبير أسواق المال، إن هناك العديد من الصفقات التي سيتم عقدها خلال المرحلة المقبلة، وتحديداً في قطاعي الأدوية والأغذية والمشروبات، نظرا لأن قطاع الأدوية يعتمد على المواد الخام المتوافرة داخل مصر، كما أن مصر تمتلك سبق في مصانع الأدوية المتواجدة منذ فترة طويلة.
وأضافت رمسيس، أن قطاع الأغذية والمشروبات جاء نتيجة توافر الحاصلات الزراعية والأيدي العاملة قليلة التكلفة بجانب السوق المتسع، وهو ما يدفع القطاعين للإنطلاق وعقد صفقات هامة خلال الفترة المقبلة، بجانب القطاعين الذي تم ذكرهم سيكون هناك استحواذات أخري في قطاعات مختلفة ولكن أقل من القطاعين السابقين، من بينهم قطاع الدفع الإلكتروني، باعتباره من القطاعات الذي يهتم بهم المستثمر الأجنبي أو العربي، لكونه على اطلاع بأن قاعدة المستهلكين في مصر كبيرة للغاية، بجانب وجود خدمات عبر الإنترنت مثل مصاريف المدارس والجامعات وما إلي ذلك، خاصة في ظل وجود عدد كبير من الجامعات، مع وجود جامعات جديدة يتم العمل على افتتاحها.
وأشارت إلي أنه من المتوقع عقد صفقات أخري في مجال التعليم وذلك نتيجة لوجود استثمارات سعودية في هذا المجال عبر اهتمام الشركات، بجانب الرغبة في الاستثمار بمجال العقارات والتطوير مثلما حدث في صفقة رأس الحكمة عبر شركات بالم هيلز وطلعت مصطفي وسوديك وإعمار، ولكن الأقرب للتنفيذ هي صفقات الأغذية والمشروبات والأدوية أسوة بما تم في 'دومتي'، والتي ارتفعت أكثر من 60% في أقل من 5 جلسات تداول، حيث ارتفع السعر من 18 جنيه لنحو 30.50 جنيه.
وأوضحت أن نشاط الاستحواذ من الأنشطة التي تحرك رواكد السوق، حيث أن سهم 'دومتي' كان في اتجاه عرضي قبل الحديث عن الصفقة، وبعد الإعلان ارتفع السهم، بجانب ارتفاع أسهم قطاع الأغذية والمشروبات بشكل كبير.
صفقات الاستحواذ
قال عمرو عبدالله، خبير أسواق المال، إن وجود نشاط ملحوظ في صفقات الاستحواذ، حيث يشهد السوق المصري حاليًا عددًا من الصفقات الحيوية التي تشمل قطاعات متنوعة، مع التركيز على استراتيجيات الشركات الكبرى التي تسعى لتعزيز وجودها في السوق.
أوضح عبدالله في تصريحات لـ'أهل مصر'، أن الشركات الكبرى، سواء كانت محلية أو أجنبية، تقوم بالاستحواذ على شركات محلية لتعزيز وجودها في السوق، وبشكل خاص في مجالات التكنولوجيا والاتصالات، وهذه الاستحواذات لا تعكس فقط رغبة الشركات في التوسع، بل تشير أيضًا إلى أهمية الابتكار والتكنولوجيا كعوامل محورية في استراتيجيات النمو.
كما أشار إلى اهتمام متزايد من البنوك الأجنبية بالاستحواذ على حصص في بنوك محلية، مثل بنك القاهرة والمصرف المتحد، ويأتي هذا الاهتمام في وقت تتجه فيه البلاد نحو رقمنة الخدمات المصرفية، مما يوفر فرصًا جديدة لتعزيز الكفاءة وزيادة الربحية.
وأكد أن العديد من الشركات العقارية تتطلع إلى الاستحواذ على أراض جديدة أو شركات تطوير عقاري لتعزيز محفظتها، وهذه الخطوة تعكس استمرار الطلب على العقارات في مصر، خاصة في ظل مشاريع التنمية الكبيرة التي تشهدها البلاد، موضحاً أنه بالإضافة إلى ذلك، تركز الشركات على الشراكات الاستراتيجية مع الشركات الأجنبية لتعزيز قدرتها التنافسية، هذه الشراكات تمثل فرصة لتبادل المعرفة والخبرات، مما يعزز من قدرة الشركات على التكيف مع التغيرات السريعة في السوق.
وتحدث عبدالله عن صفقة 'راس الحكمة' التي تعتبر من بين أبرز الصفقات في السوق المصري، بالإضافة إلى ذلك، هناك تصريحات تشير إلى وجود صفقات مستقبلية محتملة في قطاعات مثل الأدوية والتكنولوجيا، مما يفتح الأفق أمام المزيد من فرص الاستثمار.
وتوقع أن تتضمن بعض الاحتمالات المتوقعة الاستحواذات في قطاع الأدوية مع زيادة الطلب على المنتجات الصحية، قد نشهد استحواذات جديدة لشركات محلية أو إقليمية على شركات دوائية مصرية، بجانب الشركات التكنولوجية التي من المتوقع أن تتجه الشركات الكبرى نحو الاستحواذ على شركات ناشئة في مجال التكنولوجيا لتعزيز الابتكار وزيادة قدرتها التنافسية.
يشدد عبدالله على أن هذه التوقعات تعتمد بشكل كبير على الأوضاع الاقتصادية والتمويلية في البلاد. استقرار سعر الصرف، الذي بدأ يظهر بعد صفقة 'راس الحكمة'، يعد عاملاً مهمًا لتحقيق هذا النمو، مشيراً إلى أهمية السيطرة على التضخم، مما سيساعد في تخفيض سعر الفائدة ويعزز الاستقرار الاقتصادي وجذب المزيد من الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة.
استحواذات القطاع الغذائي
وأكد النائب الدكتور محمد عطية الفيومي، أمين صندوق الاتحاد العام للغرف التجارية ورئيس غرفة القليوبية التجارية، أن صفقات الاستحواذ في السوق المصرية شهدت زيادة ملحوظة منذ قرار تحرير سعر الصرف الذي صدر في 6 مارس الماضي.
وفي الأسبوع الماضي، تقدمت شركة 'آرلا فودز' الدنماركية بعرض للاستحواذ على شركة 'دومتي' بسعر 31.48 جنيه للسهم، مما يعكس قيمة تصل إلى 8.9 مليار جنيه مصري (183 مليون دولار) مقابل 100% من أسهم الشركة. هذه الخطوة تعتبر واحدة من عدة صفقات استحواذ تعكس توجهات السوق الإيجابية.
وأشار الفيومي إلى أن هذه الصفقات كان لها تأثير إيجابي على البورصة، حيث عززت الثقة لدى المستثمرين، متوقعاً أن تستمر صفقات الاستحواذ في الازدهار خلال الفترة المقبلة، خاصة مع الانتعاش الاقتصادي المتوقع لمصر ورغبة العديد من المستثمرين الخليجيين في دخول السوق المصري.
أوضح الفيومي أن كافة أنواع الاستثمار، سواء من خلال الاستحواذات أو ضخ استثمارات جديدة في الشركات والمصانع، تعد مفيدة للاقتصاد، مؤكداً على أهمية أن تؤدي هذه الاستحواذات إلى نمو وزيادة في عدد الأيدي العاملة، بالإضافة إلى توفير المنتجات داخل السوق المصري وتعزيز التصدير.
وتناول الفيومي أيضًا عددًا من القطاعات التي من المتوقع أن تشهد صفقات دمج واستحواذ في المستقبل، بما في ذلك القطاع المالي وقطاع الطاقة المتجددة والصناعي، وتقدر قيمة هذه الاستثمارات بحوالي 20 مليار جنيه، ومن المتوقع إتمامها خلال النصف الثاني من العام القادم.
وأكد أمين صندوق الاتحاد العام للغرف التجارية أن السوق المحلي يتمتع بفرص واعدة وجاذبة للمستثمرين، خاصة مع استقرار سعر الصرف بعد قرارات البنك المركزي الأخيرة والقضاء على فجوة الأسعار في السوق الموازي.
شهدت مصر عدة صفقات استحواذ كبرى منذ مارس 2022، منها استحواذ شركة أبوظبي التنموية القابضة على 8 شركات بقيمة 2.6 مليار دولار، بالإضافة إلى استحواذ صندوق الاستثمارات العامة السعودي على 4 شركات بقيمة 1.3 مليار دولار. كما استحوذت مجموعة طلعت مصطفى على 39% من 7 فنادق بقيمة 800 مليون دولار.