تشهد الأسواق المالية العالمية تحولات كبيرة مع تصاعد التوترات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين، وفي قلب هذا الصراع، يبرز عنصران أساسيان: الدولار الأمريكي والذهب، حيث تتخذ الصين خطوات متسارعة لتنويع احتياطاتها وتقليل اعتمادها على سندات الخزانة الأمريكية، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الاقتصاد العالمي.
انخفاض حيازات الصين من سندات الخزانة الأمريكية
وفقًا لبيانات وزارة الخزانة الأمريكية، انخفضت حيازات الصين من سندات الخزانة الأمريكية إلى 759 مليار دولار في عام 2024، وهو أدنى مستوى لها منذ عام 2009 وهذا الانخفاض لا يشمل السندات التي تمتلكها الصين عبر حسابات في دول أخرى، مما يعكس إستراتيجية بكين لإخفاء حجم احتياطاتها الحقيقية.
أسباب التحول في الاستثمارات الصينية
تنويع الاحتياطيات: الصين تسعى إلى تقليل اعتمادها على الأصول الأمريكية، حيث تتجه نحو استثمارات أخرى مثل الذهب، مما يقلل من تأثير العقوبات أو القيود المحتملة على أصولها.
مخاوف جيوسياسية: يرى الخبراء أن بكين تعتبر الاحتفاظ بكميات ضخمة من السندات الأمريكية مخاطرة، خاصة في ظل تصاعد التوترات بين البلدين.
تحويل الأصول عبر دول أخرى: تشير البيانات إلى أن جزءًا من السندات الصينية يتم الاحتفاظ به من خلال جهات إيداع مثل 'يوروكلير' في بلجيكا و'كليرستريم' في لوكسمبورغ، مما يعكس نهجًا إستراتيجيًا في إدارة الاحتياطيات.
ارتفاع الاستثمار في الذهب
مع تقليل الاعتماد على سندات الخزانة الأمريكية، زادت استثمارات الصين في الذهب، حيث أضاف بنك الشعب الصيني 15.24 طنًا من الذهب إلى احتياطياته في الربع الأخير من عام 2024، ويعكس هذا التوجه رغبة بكين في امتلاك أصول أكثر استقرارًا مقارنة بالدولار الأمريكي، خاصة مع ارتفاع سعر الذهب بنسبة 12% منذ بداية العام.
أثر التحولات الصينية على الأسواق العالمية
الضغط على سوق السندات الأمريكية: مع تراجع مشتريات الصين، قد تواجه الولايات المتحدة صعوبة أكبر في تمويل عجز الميزانية.
تقلبات سعر الدولار: إذا استمرت الصين في تقليل حيازاتها من الدولار، فقد يؤدي ذلك إلى ضعف العملة الأمريكية على المدى الطويل.
تعزيز مكانة الذهب: الزيادة في الطلب على الذهب من قبل الصين ودول أخرى قد تدفع بأسعاره إلى مستويات أعلى.
التوقعات المستقبلية
يرى بعض المحللين أن استمرار الصين في تقليل حيازاتها من الدولار الأمريكي قد يؤدي إلى إعادة تشكيل النظام المالي العالمي، ومع ذلك، فإن الدولار لا يزال مهيمنًا في الأسواق العالمية، مما يجعل أي تحول جذري يحتاج إلى فترة طويلة من الزمن.
بينما تواصل الصين تقليل اعتمادها على الدولار وزيادة احتياطاتها من الذهب، يبقى المستقبل المالي العالمي غير مؤكد، هل نشهد تحولًا جذريًا في هيمنة الدولار، أم أن التوازن الحالي سيستمر رغم هذه التغيرات؟ الأيام القادمة ستكشف لنا المزيد عن مسار هذا الصراع الاقتصادي المتصاعد.