يجتمع قادة العالم اليوم الثلاثاء المقبل في الحدث الذي يوصف بالأهم كل عام، لمناقشة الملفات الاقتصادية التي تشغل العالم، إلى جانب ملفات أخرى تؤثر بشكل مباشر على حياة ملايين البشر.
يعد المنتدى الاقتصادي العالمي، الذي يعقد في يناير الثاني من كل عام بمدينة دافوس السويسرية، الملتقى الإبداعي الأكثر أهمية، حيث ينخرط كبار قادة العالم في أنشطة تعاونية بهدف تشكيل جداول أعمال عالمية وإقليمية وصناعية، تعمل على تحقيق الأفضل للبشرية.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوقع على أمر تنفيذي يفرض عقوبات جديدة على إيران بينما ينظر وزير الخزانة ستيفن منوشين ونائب الرئيس مايك بينس في المكتب البيضاوي للبيت الأبيض في واشنطن.
ومن المقرر أن يجتمع هذا العام نحو 3 آلاف مشارك من جميع أنحاء العالم، بهدف مناقشة قضايا حول إصلاح الرأسمالية، ومساعدة الحكومات والمؤسسات الدولية في مراقبة التقدم المحقق في أهداف اتفاق باريس للمناخ، وأهداف التنمية المستدامة، وتعزيز الحوار حول التكنولوجيا وإدارة التجارة.
من جانبه يقول البروفيسور ورجل الأعمال الألماني، كلاوس شواب، مؤسس ورئيس المنتدى: "الناس ثائرون ضد النخبة الاقتصادية التي يعتقدون أنها خذلتهم، وضد جهودنا الرامية إلى إبقاء ظاهرة الاحتباس الحراري ضمن نطاق السيطرة"، بحسب الموقع الرسمي للمنتدى.
ويضيف: "مع وجود العالم أمام مفترق طرق حاسم، يتعين علينا هذا العام تطوير بيان دافوس 2020، لإعادة تصور الغرض الذي يجب أن تتبناه الشركات والحكومات، هذا ما أسس المنتدى من أجله قبل 50 عامًا، وهذا ما نريد المساهمة فيه خلال الخمسين عامًا القادمة".
ما دور المنتدى؟
جرت العادة، أن يناقش الحضور المسائل الاقتصادية الشائكة خلال جلسات المنتدى، وعلى مدار العقود الثلاثة الماضية، عالج الملتقى العديد من القضايا العالمية، ويحمل هذا العام شعار "أصحاب المصلحة من أجل عالم متماسك ومستدام".
كان المنتدى تاريخيًا، بمثابة منصة للتناقش والتفاوض الدولي، ومن المرجح أن تركز فعالياته على كيفية الاستجابة لقضية التغير المناخي وحماية التنوع البيولوجي، والتخلص من الديون طويلة الأجل وتجنب حرب التكنولوجيا.
كيف يتم تأمين قادة العالم في المنتدى؟
في عام 2018، أشارت شبكة "سي إن بي سي" إلى أن الإجراءات والتدابير الأمنية المطبقة خلال انعقاد المؤتمر، تقدر تكلفتها بنحو 9 ملايين فرنك سويسري (9.30 مليون دولار)، وهذا إذا كان مستوى التأمين طبيعيًا، لكنها تزداد بشكل كبير إذا ارتفع مستوى التهديد إلى 2 (مرتفع) أو 3 (استثنائي).
وإجمالًا قد يتطلب نشر القوات المقدرة بالآلاف وتشمل جنود من النخبة وقناصة، نحو 28 مليون فرنك سويسري (29 مليون دولار) خلال كل اجتماع.
ما أبرز التوقعات هذا العام؟
إلى جانب الساسة وخبراء الاقتصاد ورواد الأعمال، يشارك في دافوس 2020 الذي ينطلق الثلاثاء، المقبل، ممثلو نحو ألف من أكبر الشركات في العالم، ومن المقرر أن يكون هناك 600 متحدث على الأقل، خلال فعالياته، بحسب وكالة "يورونيوز".
نظر المنتدى العام الماضي فيما إذا كانت طريقة قياس القيمة الاقتصادية بحاجة إلى تحديث أم لا، ولم يتم التوصل إلى نتيجة حاسمة، لكنه أثار جهودًا للبحث في كيفية تحقيق رفاهية المستهلك.
ويمكن أن يُستخدم المنتدى كمنصة من قبل قادة العالم للإدلاء ببيانات حول المبادرات المخططة في بلدانهم، ومن المقرر هذا العام حضور الناشطة البيئية الشابة، جريتا ثونبرج، والتي ستدعو إلى وقف فوري للاستثمارات في الوقود الأحفوري، بحسب "يورو نيوز".
ووفقًا للموقع الرسمي للمنتدى، فهناك سبعة محاور رئيسية للنقاش هذا العام، من بينها كيفية إنقاذ الكوكب، المجتمع ومستقبل العمل، توظيف التكنولوجيا في خدمة الناس، جعل الأنشطة التجارية أفضل، ضمان مستقبل صحي أحسن، إلى جانب القضايا الجيوسياسية.
المنتدى الذي يستضيف هذه المرة نحو 119 مليارديرًا من أنحاء العالم، بثروة إجمالية تبلغ نحو نصف تريليون دولار، لم يغفل جدوله الحديث عن كيفية جعل الاقتصادات أكثر عدلًا والتطرق للمشكلة الأكثر جدلًا بين الاقتصاديين وهي "عدم المساواة في الثروة"، حسبما أفادت وكالة "بلومبيرج".
ترامب قيد المراقبة
لم يحضر الرئيس الأمريكي فعاليات المنتدى في العام الماضي، بسبب الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة، لكن خلال خطابه في دافوس 2018، اتسمت كلماته عن التجارة بالحدة، ما اعتبر مؤشرًا مبكرًا حول التوترات التي ستحل في وقت لاحق.
بالنظر إلى نجاح واشنطن وبكين في توقيع المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري مع الصين الأسبوع الماضي، فمن المتوقع أن تكون لهجته أقل حدة هذا العام، خاصة بعد تصريحاته الأخيرة التي جاء فيها: "نريد أن يأتي قادة الأعمال هؤلاء إلى الولايات المتحدة".
ومع ذلك، فإن الأعين ستتجه صوب ترامب وتصريحاته، لاستنباط ما إذا كانت تشير إلى أي مناورة جيوسياسية، بعد قراره الأخير بقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، الأمر الذي زاد من حدة التوترات في الشرق الأوسط، بحسب صحيفة "فايننشال تايمز".
التساؤل الأهم: هل سيتعافى النمو العالمي؟
رغم أن الخطاب التجاري لترامب أصبح أقل حدة، لا تزال التوترات التي أثارتها إدارته تثير أسئلة حول مستقبل النمو العالمي، وقد أشار صندوق النقد الدولي إلى "الحواجز التجارية" باعتبارها سببًا رئيسيًا في خفض توقعاته للنمو.
في وقت سابق من هذا الشهر، خفض البنك الدولي توقعاته للنمو العالمي للعام الجاري بمقدار 0.2% إلى 2.5%، محذرًا من أن هدوء التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، لن يكون كافيًا لتحسن الاقتصاد سريعًا.
هذا يعني أن على حضور دافوس هذا العام –بينهم قادة دول ورجال أعمال وخبراء- التعامل مع مسألة ما إذا كانت هناك حاجة إلى جهود جديدة لتحفيز النمو، وحال كان ذلك مطلوبًا، فما الجهة التي يجب أن تقود هذه الجهود؛ الحكومات أم البنوك المركزية؟