الحب من أسمى مشاعر الإنسانية، ومن أول المشاعر التي تُزرع فينا منذ سن الطفولة، ولكن هناك حالات يكون الحب فيها حالة مرضية تتطلب العلاج، ولا يصنف على أنه الحب الشديد، بل هو هوس العشق أو ما يسمى بـ'ضلالة الحب'، وهو نوع من أنواع الإضراب النفسي والعقلي حيث يتوهم لدى الشخص أن هناك آخر أو آخرين يحبونه كمعجب أو معجبين سريين.
وبالرغم من عدم خروجه من مكانه يتوهم بأحداث وأنشطة جرت مع المعجب السري الخاص به، ولا يعبأ بأن المنطق ينفي تخيلاته ويظل مقتنعا بأنه على علاقة وطيدة بشخص مشهور ما، ولهذه الحالة المرضية قصص كثيرة ترويها لنا الدكتورة هالة حماد استشاري علم النفس، وكانت أولها قصة فتاة أحبت الرئيس الراحل محمد حسني مبارك.
الدكتورة هالة حماد استشاري الطب النفسي
عن الفتاة التي أحبت حسني مبارك
كانت فتاة عزباء في الثلاثين من عمرها، تعيش مع أسرة حالتها المادية متواضعة في إحدى مناطق مدينة الأسكندرية، تعاني من الصم والبكم فقط تتحدث بالإشارة وتستطيع الكتابة، بالإضافة إلى أنها صاحبة ذكاء محدود، ليست إعاقة ذهنية كاملة ولكن كانت تعاني من حالة ذكاء ضعيفة.
أحمل طفلا من حسني مبارك
بدأت القصة من بداية التسعينات في مستشفى نايريمان للطب النفسي، أثناء تواجد الدكتورة هالة حماد كنائبة في جامعة الأسكندرية، حيث قدمت الفتاة باصطحاب أسرتها وهي على يقين بأنها متزوجة من حسني مبارك وحامل منه، وبرغم عدم قدرتها على الكلام أو السمع إلا أنها كانت تحدث بالإشارة وتكتب ما تقول وما هي مقتنعة به وبالأحداث التي تجري بينها وبين حسني مبارك.
تروي الدكتورة هالة أنها كانت تشير على بطنها أحيانا قائلة بأنها حامل، وأحيانا أخرى تنهار من البكاء، مؤكدة أنها مقتنعة بالكامل أنها على علاقة بالرئيس الراحل محمد حسني مبارك، والمنطق كان عكس هذا تماما، كما أنها كانت من أسرة ضعيفة ماديا وهي بمستوى جمال ضعيف.
كيف نكتشف ضلالة الحب؟
أوضحت الدكتورة هالة، أن المختص عليه أن يرجع للأسرة والتأكد من الأحداث التي ترويها المريضة، ومع الحوار يتم اكتشاف أن ما تقصه المريضة كله عبارة عن أوهام وأنها لم تخرج من المنزل أو حتى ظروفهم لا يمكن أن تجمع بينها وبين الرئيس، كما أن الفتاة لم تكن حامل أو حتى متزوجة.
مرض ضلالة الحب
ضلالة الحب
وأشارت الدكتورة هالة، إلى أن مريض ضلالة الحب يتخيل أحد المشاهير أنه يحبه ويتخيل الكثير من الأحداث من الخروج وتناول أكلات محددة ويذكر كافة التفاصيل بينما هو لم يخرج من المستشفى، كما تصف الحالة أنها تكون مصابة بضلالة واحدة بينما باقي المخ يعمل بكفاءة.
عادة من يصاب بضلالة الحب هو الفتيات أكثر كما تكثر مع أشخاص بعيدي المنال مشهور أو شخص مات أو غيره، ويتخيل الكثير من الرسائل والأفعال الغير ضارة في العادة فهي عبارة عن خروج أو جلوس في مطعم ما أو التنزه في مكان ما.
بدأ الحديث عن ضلالة الحب والمسمى ب 'Erotomania' في عام 1885 وبدأت الكتابة عن حالات متشابهة في التوهم علاقة غير حقيقية مع المشاهير، وقد يأتي بسبب مرض عقلي آخر أو تبعا لمشاكل مثل الإدمان ومضادات الإكتئاب.
علاج ضلالة الحب
تعتبر حالة ضلالة الحب من أكثر الحالات التي تكون صعبة في العلاج وليس من السهل علاجها، والمريضة عليها أن تبقى مدة طويلة في المستشفى، في البداية يبدأ العلاج الدوائي إلى أن تبدأ أن تختفي الضلالات شيء فشيئا ثم يبدا الحوار المنطقي حول كيفية حدوث علاقة بينها وبين من تتوهم به، فكيف تقابل ذلك المشهور بينما هي مازالت في المستشفى لم تخرج أبدا؟، حيث في البداية المنطق يقابل بالرفض التام من قبل المريضة حيث تكون مقتنعة تماما بمخيلاتها وتؤكد أنها قابلته في المكان والزمان وبالأحداث بالتفصيل، ولكن عندما يبدأ الدواء يقوم بمفعوله تبدأ الضلالة تخف وتبدأ تقتنع بكلام المختص وهنا يكون الفارق في حالتها الصحية ويبدأ شفائها.
وفي النهاية، أوضحت الدكتورة هالة حماد، أن حالات ضلالة الحب كثيرة ورأتها في مصر وفي انجلترا، وتم علاجها وهناك الكثير من التفاصيل حول المرض والتي تختصر بتهيؤات حول تبادل الحب مع شخص من المشاهير وعلاقة قوية يتبادلا الزيارة فيها والخروج.