كان أحدهما ساجدا يبكي داعيا ربه أن يفرج كرب والدته، وإذ بهتافها يدق لتتلقي بادرة أمل وحصادا لدعاء نجلها، إذ بُشرت بنبأ استجابة الرئيس لحالتها، فأصابتها الدهشة مرددة: 'متأكدين إنكم قاصديني أنا وولادي'، وأغلقت هاتفها وتعالى صياحها ونجليها من شدة الفرح.
'ربنا يجبر بخاطره أبو الغلابة، زي ما جبر خاطر ولادي'، بتلك الكلمات بدأت 'كريمة أحمد محمود'، والدة الطفلين المكفوفين بالبحيرة، حديثها لـ«أهل مصر»، عقب استجابة الرئيس عبدالفتاح السيسي لحالة نجليها بتوفير كل سبل الدعم والرعاية لهما.
وأشارت والدة الطفلين 'محمد ومحمود'، إلى أنها لم تتوقع أن يستجيب الرئيس لحالة طلفيها، مضيفة أنها عانت منذ صغرها حيث ولدوا مكفوفين، وتخلى عنهما والدهما عقب إداركه بإعقاتهما.
وأضافت أنها عملت في تنظيف المنازل وغسيل السجاد لدى الأهالي، قائلة: 'كنت بصوم علشان أوفر الأكل لأولادي ياكلوه'، مشيرة إلى أن الدخل التي كانت تتحصل عليه من هذه الأعمال لم يكفي لحاجة أولادها.
وتابعت باكية عندما تتذكر آلامها، أنها تعرضت لشتى أنواع الظلم بعد ترك زوجها لها، وتولت هي تربية طفلين كفيفين وأشارت قائلة: 'مكنتش بلاقي معلقة سكر أحلي الشاي اللي هاكل بيه العيش علشان أوفر أكلي لأولادي'.
وتضيف وعلامات الحزن تخيم على وجهها، أن نجلها 'محمود'، قام ذات يوم أثناء عمله برهن مشترياته لدى صاحب محل كنتاكي لشراء وجبة عشاء لها، قائلة: 'هما أملي في الحياة وسندي وعكازي' .
'بحق السلآم ربنا يسلمك من كل أذى وكل شر'، بتلك الجملة تحدث 'محمود'، أحد الطفلين الكفيفين لـ«أهل مصر»، حيث دعا بهذه العبارة للرئيس عقب توليه حالتهم، مشيرين أن تلك الاستجابة كانت طوق النجاة لحماية والدتهم من السجن.
وتابع، أنه من بادر بالعمل، حيث استغل انشغال والدته في تنظيف أحد المنازل وقرر النزول إلى العمل قائلا: 'بكيت لما سمعت صاحب القرض بيهدد ماما بالسجن، لو مدفعتش الفلوس'، مشيرا أن تلك المكالمة كانت الدافع وراء عمله، حيث قام ببيع إحدى الحقائب البلاستيك واشترى نعناع وينسون وقرر بيعها للأهالي'.
وأضاف أنه كاد أن يفقد حياته في اليوم الأول من عمله، إثر تعرضه لحادث، مضيفا أن والدته هي التي تقوم على خدمتهم وتولى جميع أمور حياتهم من ماكل وملبس وتعليم، وتابع قائلا: 'لو عطيتها روحي هيكون قليل عليها'.
' انت الأمل وزعت فينا الأمل'، تابع الطفل الآخر 'محمد'، باعثا رسالته هذه إلى السيسي، واصفا إياه أنه أبا للغلابة، مضيفا أنه كان يذهب مع والدته أثناء قيامها بتنظيف منازل المواطنين، مشيرا أنه لم يخجل يوما من عمل والدته بل أنها موضع فخر لهم.
' فقدان البصر نعمة ربنا أنعم بيها عليا'، قال محمد هذه العبارة ضاحكا راضيا بقضاء ربه، مضيفا أنه لم يعترض يوما على أمر ربه، مشيرا أن عمله وأخيه يعد جهادا في سبيل الله، من أجل توفير قوت يومهم وسداد ديون والدتهم.
وأشار محمد إلى أنهم يقوموا ببيع الكاسات والشاور للأهالي، بمساندة والدتهم، كما أنهم التحقوا للدراسة بمدرسة النور للمكفوفين، معبرا عن غضبه بسبب رفض المشايخ لتحفيطهم القرآن الكريم كونهم مكفوفين، متابعا أنه يعتمد في حفظ القرآن على الإذاعة.
وفي ختام حديثهم، وجه الأطفال الشكر والعرفان إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي على استجابته لهم قائلين: 'ربنا يحفظه لمصر ويسلمه من كل شر وأذى، هو أملنا وأمل المصريين'، مناشدين إياه بتوفير مسكن لهم ومشروع للإنفاق منه قائلين: 'لو اتعملنا مشروع مش هننزل الشارع نشتغل، ونعرض حياتنا للخطر وهنركز في دراستنا'.