اعلان

نفسي أكمل تعليمي وأنام على سرير.. «فاطمة» 16عامًا أول سائقة تروسيكل في قنا: «تركت المدرسة عشان أساعد في مصروف البيت» (فيديو وصور)

محررة أهل مصر أثناء لقائها مع فاطمة بهنسي أول سائقة تروسيكل في قنا
محررة أهل مصر أثناء لقائها مع فاطمة بهنسي أول سائقة تروسيكل في قنا

لم يسمع أحد حديثها الذي يكسوا الحرمان والعوز والشقاء نبراته إلا وانهمرت عيناه بالدموع حزنًا وألما وشفقة عليها؛ نحيفة الجسد شحب وجهها من حرارة الشمس التي أصبحت لا تفارقها؛ بحثًا عن لقمة العيش، الحيرة تغلب على ملامحها وكأن رساما عالميا أراد تصميمها للتعبير عن شدة وتأثير الظروف القاسية على الإنسان، م تعرف للطفولة معنى مثل بقية الأطفال بل دفنتها بداخلها لتتحول إلى "فتاة التروسيكل" كما لقبها أهالي قريتها وهي في سن ال 13 عامًا، حرمت نفسها من التعليم لتنفق على أشقائها وتوفر لهم مصروفات مدارسهم، حياة أقل ما يُقال عنها مريرة عاشتها أول سائقة تروسيكل في قنا.

فاطمة بهنسي أول سائقة تروسيكل في قنا

داخل قرية صغيرة يعاشرها الفقر تسمى 'نجع الحاج سلام' بمركز فرشوط محافظة قنا، تعيش الطفلة 'فاطمة حسين بهنسي'، 16 عامًا، أول سائقة تروسيكل بالمحافظة، بمنزل أسرتها الآيل للسقوط والمبني من الطوب اللبن معرش غرفتين فقط منه بجريد النخيل من قبل إحدى الجمعيات الخيرية، مع أشقائها الأربعة 3 فتيات وولد ووالديها، ليس لديهم دخل شهري ثابت سوى دعم تكافل وكرامة لوالدتها، بينما والدها عامل أجري قد يعمل عدة أيام فقط طوال الشهر لعدم وجود عمل مناسب له.

فاطمة بهنسي فتاة التروسيكل في قنا

محررة أهل مصر أثناء لقائها مع سائقة تروسيكل في قنا

قصة فتاة التروسيكل في قنا

قالت «فتاة التروسيكل» خلال حديثها مع «أهل مصر»، إن ترتيبها بين إخوتها الأوسط، وبدأت تقود التروسيكل منذ عامين ونصف لمساعدة والدها في توفير مستلزمات أسرتها، وذلك بعد أن احترفت القيادة خلال مصاحبتها لوالدها في عمله منذ بداية سنوات عمرها، فتعلمت سريعًا وحفظت جميع الطرق بمركز فرشوط وطريقة البيع والشراء، الأمر لم يكن صدفة أمامها بل خططت من البداية أن تساند والدها وتحاول أن تمحي نظرات الحرمان التي تملأ عيون شقيقتيها الأصغر منها، فكانت دائمًا تدمع على حالتهما التي جعلتها أكثر إصرارًا على أن تعمل طوال الوقت لتوفير جزء من متطلباتهم.

منزل الطفلة فاطمة بهنسي أول سائقة تروسيكل في قنا

وأضافت «أول سائقة تروسيكل في قنا»، أن يومها يبدأ في الخامسة صباحًا تستيقظ من نومها وتعد وجبة الإفطار لوالدها أذا كان خارج للعمل وتستقل التروسيكل لتتجه به إلى مدينة فرشوط لتحميل البضائع بمختلف أنواعها وتوصيلها للجهة الأخرى مقابل أجر تدخره كاملًا للعودة به للمنزل دون شراء أي مأكولات لها على رغم من تواجدها طوال النهار في الشارع لكنها تفضل أن تأكل مع أشقائها لتوفير ما عملت به خلال قيادة التروسيكل في قضاء احتياجات أخرى، ثم تعود ثانية بعد آذان المغرب إلى منزلها.

وذكرت «بهنسي»، أنها كانت تشعر بالقلق عند خروجها للعمل بالتروسيكل في البداية لعدم قدرتها على مواجهة التجار وحساب أجرتها بالشكل الصحيح، وذلك لأميتها حيث حرمت نفسها من التعليم وهجرت مدرستها وهي في الصف الرابع الإبتدائي تاركة خلفها مستقبلها وأصدقائها وأحلامها التي كانت ترسمها بعد الحصول على شهادة المؤهل العالي، لتقف بجانب والدها ومساعدته في تربية أشقائها وتعليمهم، وذلك أثر عليها في بداية عملها مع بعض الناس فقط لأن هناك من كان يشفق عليها ويعطيها أكثر من أجرتها رأفة بها وبجسدها النحيف الذي يصارع من أجل لقمة العيش لإسعاد أسرتها.

'الشغل مش عيب أحسن ما أمد ايدي' بهذه الكلمات علقت أول سائقة تروسيكل في قنا على الانتقادات والمدايقات التي واجهتها في شوارع مركز فرشوط، كونها فتاة وقيادة التروسيكل للعمل بها في الأسواق مهنة الرجال في المجتمع القنائي، لكنها لا تبالي ولا تسمع لأحد تركز في عملها فقط وكيف تحصل على دخل يساعد في تلبية احتياجاتهم، كما أنها واجهت نوع من التنمر والسخرية على حالتها من قبل البعض كونها طفلة صغيرة ولا تستطيع حمل بعض أنواع البضائع الثقيلة فتطلب من آخرين مساعدتها في حملها ووضعها داخل التروسيكل، وتلك المواقف من التحديات الصعبة التي قررت مواجهتها والتغلب عليها بالعمل أكثر.

فاطمة بهنسي فتاة التروسيكل في قنا

وأشارت «فتاة التروسيكل»، أن الأيام تثقل عليها لكن لم تتراجع لعدم وجود أحد يساعدها في توفير دخل لأسرتها فوالدها يعاني من ضعف في بصره لا يستطيع قيادة التروسيكل وذلك من أسباب إكمالها لمسيرته، وشقيقها الأكبر بعام واحد يحتاج إلى عملية في عينيه حيث أصيب منذ سنوات ولم يتم علاجه لعدم استطاعتهم على تكلفتها المادية، بينما والدتها فدائمًا جليسة على الفراش تعاني من الضغط والسكر وألم في رجليها لها أدوية معينة لا يمكن نقصها حتى لا تتعرض حياتها للخطر هكذا حال أسرة «الطفلة فاطمة» المعروفة في قريتها 'فتاة التروسيكل'.

'أختي لو متجهزتش خلال شهرين خطوبتها هتتفسخ ساعدوني'، بنبرة يقتلها الحزن طالبت «فتاة التروسيكل» في قنا مساعدتها بسرعة عاجلة في توفير جهاز شقيقتها التي حُدد زفافها في شهر نوفمبر المقبل، وعبرت عن استيائها من طلبها للمساعدة لكن خوفًا على مستقبل شقيقتها من فسخ خطبتها لعدم تجهيزها جعلها لم تفكر في شئ وتطلب المساعدة فليس لديهم أي دخل إضافي أو أحد يمكنه سحب قرض من إحدى الجمعيات لتوفير متطلباتها فسنها صغير وأيضًا أشقائها والقرض يحتاج إلى ضمان، لذلك وجهت استغاثاتها لفاعلين الخير بالمساعدة في توفير ما ينقص شقيقتها حتى يُعقد زفافها وتكون أدت مهمتها تجاهها.

«نفسي أنام على سرير وأكمل تعليمي» بهذه الجملة التي حمل معاناة على أكتافها معاناة أعوام طويلة ختمت «فتاة التروسيكل» حديثها مع «اهل مصر»، حيث أنها تتمنى العيش في حياة كريمة داخل منزل آدمي وتوفير مشروع خاص بهم يستطيعون من خلال إيجاد لقمة العيش، كما أنها توجه معاناتها للمسئولين في قنا بالنظر إلى حالة أسرتها والمساعدة في علاج والديها وإجراء عملية جراحية لشقيقها بالمجان، كما أنها تطرقت إلى حلمها في التعليم التي تركته منذ عامين وتتمنى إكماله وتكون مثل باقي فتيات قريتها.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً