دائما تؤكد المرأة بأنها تستطيع أن تتحمل بصلابة وجلد أعباء الحياة وتقف لتواجه بقوة وصبر وتصبح فجأة هى الأب والأم لأبنائها، وتمثل الحاجة 'إلهام' ابنة محافظة دمياط، نموذجًا من هذه السيدات المكافحات ذات الصبر والجَلَد.
'توفى زوجى منذ 27 عاما وترك لى 3 أطفال، ولم يترك لنا أي دخل يعيننا على تجاوز محنتنا، فشمّرت ذراعي واعتبرته هو مصدر رزق لتربية أولادى، الذى أصبحت لهم الأب والأم معا'، هكذا بدأت تروى الحاجة إلهام خير الله، تبلغ من العمر ٥٨ عاما، تقطن قرية ميت أبو غالب بمحافظة دمياط، لـ'أهل مصر' تفاصيل قصتها.
تقول الحاجة إلهام: 'زوجى كان أُرزقى على باب الله يوم يشتغل وباقى الأيام يرفع يده إلى السماء داعيا الله أن يعينه على مسؤوليتنا ويفتح له أبواب الرزق ولكن أصيب بفشل كلوى وظل يعانى منه على مدار ٨ سنوات'.
وتُضيف الحاجة إلهام: 'بعد مرض زوجى كان لابد وأن أُفكر فى النزول من بيتى للعمل حتى أصرف على علاجه، و أربى أولادى وبالفعل كنت أشوى الاسماك بفرن من القش، واستمر الحال على ذلك سنوات إلى أن توفى زوجى، وهنا ازدادت المسؤولية وأصبح الحمل ثقيل على عاتقى، فأصبحت الأب والأم لأطفالى الثلاثة الصغار'.
وتُتابع: 'كنت أسمع انتقاد الناس لى لأن الرجالة فى الريف بيعتبروا عمل المرأة عيب ولكن كنت أقول لهم (ما عيب إلا العيب) طالما بشتغل وبتعب وبأكل أولادى من عرق جبينى'، متابعة: 'مرت السنوات والحِمل يزداد عليّ والمسؤولية أصبحت أكبر رغم مساعدة والدتى وشقيقها (خالي) لى ولأولادى حيث بنوا لى منزلًا أعيش فيه حتى الآن'.
واستطردت: 'عقب ذلك فكرت فى شراء فرن يعمل بالغاز حتى أعمل من داخل المنزل وبالفعل أصبحت أقوم بعمل الفطير المشتلت والكماج والقرص الفلاحى وبيعها لمن حولى حسب الطلب، والحمد لله منتجاتى يُقبل عليها الجميع'.
وعن بداية يومها، تقول الحاجة إلهام: 'أستيقظ من نومى قبل آذان الفجر وأصلى الفجر وأبدأ فى عملية (العجين) للفطير والكماج ثم أقوم بالصعود على سطح المنزل لأضع الطعام للطيور التى قمت بتربيتها حتى لا أحتاج لشرائها، بمعنى أُحاول أن أقتصد وأوفر من أجل أبنائى، والحمد لله بعد مرور 27 عاما على وفاة زوجى استطعت أن أُزوج 2 من أولادى وما زال ابنى أحمد الذى يبلغ من العمر 27 عاما مقيما معى وأسعى من أجل زواجه الآن وربنا يقدرني على ذلك'.
واستكملت: 'ابنى يساعدنى أيضا فى العمل لأننى قمت بعمل قرض بشاير الخير من جمعية المشروعات الصغيرة وفتحت له سوبر ماركت، وهو يأخذ الفطير المشلتت والكماج (عيش باللبن) وبيعه فى المحل'.
وأردفت الحاجة إلهام: 'الحمد لله ربنا كان لى السند على مدار سنوات، كنت أنام ودموعى على خدى وذات مرة حلمت بأننى أقف على جبل عال ولم أستطيع النزول وإذا بطفل صغير يطلع ليأخذ بيدى ونعبر سويا نهر كبير، وتفسرت رؤيتى وربنا استجاب لدعائى وحقق حلمى وذهبت لحج بيت الله من عرق جبينى'.
واختتمت حديثها بقولها: 'ربنا يعطى لكل إنسان بقدر تعبه وسعيه والحمد لله ربنا أعطانى وسترنى أنا وأولادى وطالما لا تغضب الله وتسعى من أجل رزقك ربنا سوف يبارك لك فيه ويساندك، فالعمل شرف وأولادى يقولون لى (أنت وسام على صدرنا دائما) ويفتخرون بى'.