تهل نسائم أكتوبر النصر ومصر تتعرض لهجمة شرسة في حروب الجيل الرابع المنخرطة فيها منذ 9 سنوات، وقدمت خلالها نموذجًا خاصًا بها في مقاومة عمليات تدمير الدولة باستخدام أدوات الحرب النفسية الزاحفة نحو عقول المصريين عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإعلامية، التي تدار من جانب جماعة الإخوان الإرهابية وحلفائها؛ سواء في الدوحة أو إسطنبول أو لندن ،وتصدى فيها عقل أكتوبر المنتصر دوما لقصف العقول بالفوضى والشائعات والدعوات المشبوهة والتشويه المنهجي لرموز ومؤسسات الدولة.
تحرك عقل أكتوبر بهدوء ليكشف للشعب المصرى وجه جماعة الإخوان الإرهابية، وإلى أي مدى تكره مصر والمصريين، وبدلا من استخدام الجماعة الإرهابية للمصريين ليكونوا طلقات رصاص تصيب جسد دولتهم، قرر المصريين دفن تلك الجماعة إلى الأبد، والتخلص من بقاياها.
انتصر عقل أكتوبر على مشغلي الجماعة في أقبية أجهزة الاستخبارات القطرية والتركية وعرضهم لخسارة مليارات اخرى من الدولارات انفقوها على عملية تدمير مصر بواسطة شخصيات خائنة قذرة احترفت القوادة السياسية مثل الهارب محمد على و ايمن نور و محمد ناصر الشهير بكناريا وحول ضغطهم إلى ضغط مضاد عرى انقساماتهم ، وكأسماك القرش التهموا لحوم بعضهم البعض وتعددت التسريبات القادمة من معسكرهم تحمل فضائحهم الجنسية المخزية وتحولها الى ترندات داخل مصر وخارجها .
تتقاطع العقلية التي أدارت معركة العبور العظيم مع العقلية التي تدير معركة مواجهة الفاشية الدينية في عدة محاور أهمها على الإطلاق التحام الشعب المصري مع قيادته، وحالة الوحدة التي تجمع المصريين من أجل تحقيق هدف واحد وهو الانتصار وتحرير الأرض في أكتوبر ثم التخلص من براثن حكم الجماعة الإرهابية.
في المعركتين كان الوعي الفطري للمصريين هو البطل، رغم عنف الحملات النفسية وعمليات نشر الإحباط واليأس، إلا أن المصريين تحدوا كل ذلك وقرروا فرض إرادتهم على العالم، صلابتهم وقوة تحملهم وتمسكهم بحريتهم واستقلالهم هزمت كل دعاوى الانهزام، وتمكنت القيادة السياسية فى الحالتين بالتفاف الشعب حولها من تجنيب مصر مخاطر الانزلاق إلى النفق المظلم وتحقيق الأمن والاستقرار.
عقل أكتوبر يعي جيدًا أن الحرب الجديدة تستهدف تعطيل برنامجه التنموي الطموح وأن العدو يستغل اثارة الجانبية الصعبة للضغط على الناس، ودفعهم للخروج وتدمير الدولة بأكلمها، أو إشعال حربًا أهلية تأكل الأخضر واليابس.
تنخدع القوى المهاجمة للدولة المصرية فى شعور المصريين بالغضب من تبعات الإصلاح الاقتصادي، يراهنون على استخدامهم فى انهاء دولتهم وانهاء مشروعها الاقليمى او تدمير جيشها القوى الشريف ، ترى هذه القوى العدوانية أن وجود مصر يعطل مصالحها القائمة على الاستغلال والهيمنة وشهدنا ذلك فى نكسة 1967 .
لكن العقل المصرى تعلم الدرس سريعا وقرر ان العلم ونقد الذات هو طريقه الدائم للانتصار، ظهر نتيجة ذلك فى حالة التخطيط المتقن التى ظهر عليها الجيش المصرى وباقى مؤسسات الدولة فى حرب اكتوبر، اطلقت صافرات الانذار بعودة الدولة المصرية القوية بعد سنوات من التيه، وكان لابد من تعطيل ذلك العقل مرة اخرى وتهيأت الاجواء لظهور الفاشية الدينية فى أواخر السبعينات لتلاحق العقل المصرى المنتصر فى اكتوبر، ورغم وصول جماعة الاخوان ممثل الفاشية الدينية الى كرسى الحكم، الا انه استطاع العودة من جديد ليدهش العالم بثورة 30 يونيو، يقود عقل اكتوبر أبناء وأحفاد الذين عبروا للنصر لعبور جديد مع جيشهم لانهاء احتجاز الاسلام السياسى لعقل مصر وتحريرها من براثن الفاشية الدينية.
يتميز عقل أكتوبر بأنه عقل ناقد لا يخادع نفسه واعى لكل ما يدور حوله لا يراوغ فى الحل ولا يقبل أنصاف الحلول ويبحث دائما عن الحل المبتكر وغير المتوقع ظهر ذلك فى تحطيم الساتر الترابى بخراطيم المياه، ثم ظهر بعد ذلك فى يونيو وهو يدير معركة القضاء على فيروس سى واستخراج الغاز المصرى تحت قصف اعلامى لا يتوقف لينتهى المرض اللعين الذى افترس اكباد المصريين، وينتهى العمل فى حقول الغاز قبل موعده الرسمى لتصبح مصر من بين اهم مراكز الطاقة فى العالم.
لا يلجأ عقل أكتوبر لتجزئة الحل بل يقوم بحل شامل للأزمة التى يواجهها حتى يقتلع أسبابها ويقوم بذلك وفق منهج وخطة متدرجة منضبطة ولا يتورط فى الاندفاع أو التراجع، لا يتأثر بالأجواء الدعائية المحيطة به حتى لا تجبره على تغيير قراره حسب أهوائها لأنه ثابت فى رؤيته وحركته قائمة على المنهج والخطة فقرار حرب أكتوبر تم حسابه بدقة متناهية ولم يتأثر متخذ القرار بالأجواء المحيطة التى طالبته بالإسراع قبل اتمام الاستعداد .
عندما نضع هذه المحددات ونطبقها على حركة الدولة المصرية الآن نجد أنها تدار وفق هذا العقل وكل قراراتها منذ ثورة 30 يونيو مرجعيتها الأولى خبرات عقل أكتوبر، فأول مافعلته الدولة المصرية عقب يونيو كان اعترافها بوجود قصور فادح فى وظائف الدولة وقررت فورا التعامل ومواجهة الأزمات المتراكمة كأزمة انقطاع التيار الكهربائى وانتشارالعشوائيات والاستيلاء على اراضى الدولة والبناء العشوائى ووفق خبرات عقل أكتوبر لم تقبل الدولة المصرية أسلوب المراوغة بل اختارت المواجهة وأصدرت قرارات الاصلاح الاقتصادى ومواجهة البناء العشوائى ومخالفات البناء رغم ما يمكن ان تسببه من ازعاج وتراجع فى الشعبية لأن عقل يونيو لن يقبل بخداع نفسه أو خداع الناس.
يخوض هذا العقل الفريد الان حربا لا تقل شراسة عن حرب تحرير الأرض من الاحتلال لأنه الان يحرر الأمة من احتلال العوز والمرض والجهل ، يخوض عقل اكتوبر حربا عنوانها التشكيك فى كل ما ينجزه أو يقوم به من أجل الأمة أنها الحرب القذرة التى يقف وراءها ويديرها تحالف الشر من الفاشيست الاخوان وأسيادهم فى الخارج. لم يدرك أعداء هذه الأمة الصامدة أن العقل الذى استعدناه من ظلام التغييب قادر على سحقهم فى حرب التشكيك.. وان قدر الأمة المصرية صانعة التاريخ هو الانتصار.