ألقت أزمة فيروس الكورونا بظلالها على قطاعات حيويّة كثيرة في فلسطين، إذ توقّفت الحركة في أغلب الأماكن، خروجاً ودخولاً، تجارةً وسياحةً، ولم يقتصر الأمر على ذلك فحسب، إذ توقّفت كلّ الاجتماعات ذات الصّبغة الدينيّة، أبرزها الصلاة في المساجد والجوامع والكنائس على حدّ سواء.
إغلاق دور العبادة في فلسطين ليس حدثاً دراميّاً، إذ دعت له أغلب المنظمات الإسلاميّة العريقة الوطنيّة والعربيّة والإسلاميّة على حدّ سواء، إلّا أنّ المسجد الأقصى له رمزيّته الخاصّة في قلوب المسلمين كافّة والمقدسيّين خاصّة، ويصعب على بعض المصلّين تقبّل هذا القرار، فمنهم من دأب على الصلاة داخله عشرات السنوات، دون انقطاع.
لم يتمّ إغلاق المسجد الأقصى دفعة واحدة، إذ عمدت وزارة الأوقاف والشؤون الدينيّة في مرحلة أولى لغلق البيوت المسقوفة داخل المسجد الأقصى والسماح بالصلاة في الفضاءات المفتوحة داخله فقط. في مرحلة ثانية، أعلنت الوزارة تعليق الصلاة في المسجد الأقصى بداية من فجر يوم الاثنين 23 مارس/آذار. وقد جاء في نصّ البيان الآتي إقرار: "تعليق حضور المصلين للصلوات من جميع أبواب المسجد الأقصى المبارك، اعتباراً من فجر يوم الاثنين لفترة مؤقتة استجابة لتوصيات المرجعيات الدينية والطبية". كما أضافت الوزارة في البيان ذاته أنّه سيُسمح لجميع العمال والموظفين والحراس بدخول المجمع لمواصلة نشاطاتهم، كما يستمر رفع الأذان بالمسجد الأقصى في كافة أوقات الصلوات.
كلّ الوزارات المعنيّة بالأمر تعمل ليل نهار لوقف انتشار فيروس الكورونا قبل أن ينتشر -لا قدّر الله- كالنار في الهشيم حاصداً أرواح المئات أو الآلاف. وقد اضطرّت السلطات لاتّخاذ إجراءات صعبة ومحرجة أحياناً مثل إغلاق المسجد الأقصى، وتنتظر في المقابل تفهّم المواطن الفلسطينيّ وتعاونه. عاشت فلسطين في تاريخها أزمات كثيرة حتّى اعتاد سكّانها عليها، وكما خرجت فلسطين قويّة من بقيّة الأزمات، فإنّها ستجتاز هذه الأزمة قطعاً، بوعي مواطنيها أوّلاً وحكمة قياديها ثانياً. حفظ الله فلسطين والعالم.