العنف الجنسي ضد الأطفال.. ظاهرة أرّقت باراجواي وتزايدت في زمن كورونا.. مستويات قياسية من الاعتداء ومعدل صادم لـ"حالات الحمل"

طفلة تحمل لافتة مكتوب عليها "الاعتداء الجنسي على الأطفال مرة أخرى، صراخ بدون صوت" خلال مظاهرة في باراجواي، عام 2015 (AP)
طفلة تحمل لافتة مكتوب عليها "الاعتداء الجنسي على الأطفال مرة أخرى، صراخ بدون صوت" خلال مظاهرة في باراجواي، عام 2015 (AP)

قاد نشطاء حقوق الإنسان في دولة باراجواي موجة من السخط العام عقب الإعلان عن عدد من الحالات المثيرة للاشمئزاز والتي بلغت ذروتها في العنف الجنسي ضد الفتيات القاصرات والتي تسبب إما الموت أو الحمل، في دولة بلغت مستويات قياسية من العنف الجنسي ضد القاصرين ومعدل صادم لحالات حمل الأطفال.

وبحسب صحيفة "الجارديان" البريطانية، فإن الدولة المحافظة الواقعة بأمريكا الجنوبية تكافح منذ فترة طويلة ضد المستويات العالية من العنف الجنسي تجاه الأطفال؛ ففي 29 يونيو الماضي، عُثر على فتاة من السكان الأصليين من الغواراني (جماعة من السكان الأصليين المتصلين ثقافياً في أمريكا الجنوبية) تبلغ من العمر 12 عامًا مقتولة وعلى جسدها علامات تدل على الاعتداء الجنسي في منطقة أرويو كورا التابعة لإدارة إيتابوا، جنوب باراجواي، فيما اعتقل شاب عمره 26 عاما على خلفية الواقعة.

قالت برناردا بيسوا، زعيم جماعة "قم" (إحدى جماعات السكان الأصليين في باراجواي) والناشطة في منظمة نساء الريف والسكان الأصليين (كوناموري)، إنه لا يوجد مكان قريب بما فيه الكفاية لحماية الأطفال، وخاصة أطفال السكان الأصليين.

وفي وقت سابق من هذا العام، أثارت عدة حالات أخرى من العنف الجنسي الشديد ضد الفتيات من السكان الأصليين- بما في ذلك جريمة قتل أخرى في عاصمة باراجواي، أسونسيون- سلسلة من الاحتجاجات الكبيرة التي تطالب بالعدالة.

وقالت بيسوا: "إن الدولة لا تفعل سوى القليل"، مضيفة أن "العامة فقط هم من ينظمون احتجاجات تندد بذلك. ولكن، سرعان ما يبدو الأمر وكأن شيئًا لم يحدث على الإطلاق. هكذا تنتهي قصص وفاة العديد من أطفال السكان الأصليين".

من جانبه، وصف أنيبال كابريرا، المدير التنفيذي لمنظمة حقوق الأطفال والمراهقين في باراجواي، ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال بأنها "وباء" مستشري تجاه الأطفال. وأفادت منظمته بأنه يتم تسجيل حالة عنف جنسي ضد القاصرين كل ساعتين، وقال كابريرا إن تلك الأرقام ازدادت أثناء إغلاق باراجواي بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد (Covid-19).

وقال "نحن في مجتمع استبدادي ينظر إلى الفتاة أو الفتى كهدف وليس كإنسان له حقوق".

وأضاف كابريرا إن الدليل الواضح على ممارسة هذا العنف الجنسي هو ارتفاع معدل حالات حمل الأطفال في باراجواي.

ففي 26 يونيو الماضي، أنجبت فتاة تبلغ من العمر 11 عامًا عقب إجراء عملية قيصرية لها بعد أن تم نقلها من منزلها في مدينة بيدرو خوان كاباليرو شمال شرق باراجواي إلى مستشفى في مدينة إيتوجوا.

وبحسب ما ورد تعرضت الفتاة، التي وُصفت حالة حملها بأنها "عالية الخطورة"، للاعتداء الجنسي من قبل صبي يبلغ من العمر 14 عامًا يعيش في نفس محل إقامتها، والذي اتُهم لاحقا بارتكاب هذا الجرم.

وتم الكشف عن أن السلطات على علم بحمل أربع فتيات أخريات تحت سن 14 عامًا في نفس المدينة.

ويشير تقرير صادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان، إلى أن فتاتين تتراوح أعمارهن بين 10 و 14 سنة تلد كل يوم في باراجواي. ويوجد في هذا البلد أحد أعلى معدلات حمل الأطفال والمراهقين في قارة أمريكا اللاتينية، وهي القارة التي تستحوذ، في مجملها، على ثاني أعلى معدل في العالم.

واستدعت حالة الحمل الجديدة هذه إلى الأذهان حادثة حمل فتاة أخرى تبلغ من العمر 11 عامًا- أصبحت معروفة لاحقا بالاسم المستعار "Mainumby"- والتي تناولت وسائل الإعلام حول العالم قصتها على نطاق واسع عام 2015، مما أثار جدلاً حادًا حول انتشار عمليات الإجهاض في باراجواي.

"Mainumby"- التي تعرضت للاعتداء الجنسي من قبل زوج والدتها- منعتها الدولة من إجراء عملية الإجهاض، على الرغم من مناشدات عائلتها والغضب الدولي.

ويبقى الإجهاض غير قانوني في باراجواي إلا عندما يُعتقد أن حياة الأم في خطر- وهو استثناء نادرًا ما يتم منحه وفقًا لـ كابريرا. وأُلقي القبض على امرأة في 20 يونيو الماضي بتهمة إقناع ابنتها البالغة من العمر 14 عاماً، التي تعرضت للاعتداء الجنسي، بإجهاض طفلها.

وقال كابريرا إنه في الوقت الذي يجب أن تكون فيه دراسة التربية الجنسية مفتاحًا لمنع العنف الجنسي، إلا أن ذلك غائب إلى حد كبير عن نظام التعليم الكاثوليكي في باراجواي. وفي عام 2017، تحركت وزارة التربية والتعليم لحظر جميع المواد التي يُعتقد أنها تشير إلى مفهوم "الأيديولوجية الجنسية" الغامض.

من جهتها، توافق تيريزا مارتينيز، وزيرة الطفولة والمراهقة في باراجواي، على الحاجة إلى تغيير تلك السياسة؛ وقالت: "يجب تضمين مواد التربية الجنسية في المناهج التعليمية مع بداية العام الدراسي الجديد".

وأضافت أن وزارتها حققت نتائج مشجعة من خلال برنامج تثقيفي جنسي للآباء. وأنهم استفادو من حالة "Mainumby"، مشيرة في نفس الوقت إلى أنه "لا يزال هناك طريق طويل علينا أن نسلكه" في هذا الشأن.

وقال كابريرا إن الدولة والمجتمع يجب أن يدفعا نحو التغيير، مضيفا أن الأمر "يبدو كما لو كان هناك صمت متعمد. نحن بحاجة إلى تكوين توافق اجتماعي بين الجميع، نحن بحاجة إلى مزيد من الحماية للأطفال واحترام حياتهم".

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً