اعلان

اتفاق تاريخي يعصف بـ"صفقة القرن".. كيف حققت الإمارات المعادلة "الصعبة"؟.. هل سيتحقق حلم السلام الفلسطيني بالفعل؟

ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان
ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان
كتب : سها صلاح

توصلت إسرائيل والإمارات إلى اتفاق لبداية حل الأزمة الفلسطينية، حيث وافقت إسرائيل على تعليق خططها المثيرة للجدل لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، وفي بيان مفاجئ للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي ساعد في التوسط فيها، وصف الاتفاق بين رئيس الوزراء نتنياهو وولي عهد أبوظبي محمد آل نهيان بأنه 'لحظة تاريخية بحق'، وتمثل اتفاقية السلام الثالثة فقط بين إسرائيل والعرب منذ إعلان استقلال إسرائيل عام 1948 ، بعد مصر والأردن.

وقال ترامب للصحفيين في المكتب البيضاوي 'الآن بعد أن تم كسر الجليد أتوقع أن تحذو المزيد من الدول العربية والإسلامية حذو الإمارات العربية المتحدة'، مضيفا أنه ستكون هناك مراسم توقيع في البيت الأبيض في الأسابيع المقبلة.

وفي وقت سابق، ردا على إعلان الرئيس ترامب على تويتر، كتب نتنياهو بالعبرية: 'يوم تاريخي'.

حتى الآن لا تقيم إسرائيل علاقات دبلوماسية مع دول الخليج العربية، لكن المخاوف المشتركة بشأن إيران أدت إلى اتصالات غير رسمية بينهما.

وأفادت الأنباء أن القادة الفلسطينيين قد فوجئوا، وقال متحدث باسم الرئيس محمود عباس إن الصفقة تصل إلى حد 'الخيانة'، وإنه تم استدعاء السفير الفلسطيني لدى الإمارات.

هل حركت الإمارات المياه الراكدة لحل الأزمة الفلسطينية؟

قال سفير الإمارات في الولايات المتحدة يوسف العتيبة، إن الصفقة مع إسرائيل كانت 'انتصارًا للدبلوماسية والمنطقة'، مضيفًا: 'إنه تقدم كبير في العلاقات العربية الإسرائيلية يخفف التوتر ويخلق طاقة جديدة للإيجابية. يتغيرون'.

فيما أكد جاريد كوشنر، كبير مستشاري ترامب، إنه لا يعتقد أن إسرائيل ستمضي قدماً في أي ضم قبل مناقشته أولاً مع الولايات المتحدة، مضيفا إنه يتوقع رؤية تفاعلات 'سريعة جدا' بين إسرائيل والإمارات.

السلطة الفلسطينية تعترض على قرار التطبيع الإماراتي الإسرائيلي.. فهل هي مخطئة؟

عقب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ' صفقة القرن' التي قضت بأن تكون القدس عاصمة إسرائيل، وأن يتم ضم الأراضي في الضفة الغربية للمستوطنات اليهودية، خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي ' بنيامين نتنياهو' يعلن بشكل غير مباشر أنه في حالة تطبيع دول الخليج مع إسرائيل سيتم وقف بعض بنود ' صفقة القرن' المعترض عليها من الجانب الفلسطيني وسيعود الجميع للطاولة مرة أخرى.

وبالرغم من أن جميع الدول العربية والخليجية اعترضت على بنود ' صفية القرن' شكلا وموضوعا وطالبت بالعودة إلى حل الدولتين، إلا أن دولة الاحتلال الإسرائيلي لم تأبه لتلك المعارضات بل مضت قدما في تنفيذ الصفقة 'المشؤومة'، إلى أن اتخذت الإمارات الخطوة الأولى بعد مناقشتها مع جميع الدول العربية للمضي قدما نحو السلام، ووفقا لشبكة 'البي بي سي' الأمريكية فإن الخطوة التي اتخذتها الإمارات أنقذت فلسطين من الضياع الي الأبد، لذا فاعتراض السلطة الفلسطينية ليس له داع.

اقرأ أيضاً: بيان أمريكي إسرائيلي إماراتي مشترك: تل أبيب ستتوقف عن خطة ضم أراضٍ فلسطينية

وقالت الشبكة الأمريكية إن ما فعلته الإمارات أمس يعيد إلى الأذهان ما فعله الرئيس المصري 'أنور السادات' عقب معاهدة كامب ديفيد، حيث طلب من الرئيس ياسر عرفات حينها أن يأخذ قطعة من الأرض إلا أنه اتهمه بالخيانة وآثار العالم حوله بأنه باع القضية الفلسطينية في 1979، إلا أنه بعد استشهاد الرئيس السادات، تأكدت السلطة الفلسطينية أنه كان على حق وأن ضياع القطعة أضاع الأرض بأكملها، لذا هل تكرر السلطة الفلسطينية نفس المشهد مرة أخرى بعد أن اتهمت الإمارات بالخيانة؟!، لا فالوضع هنا مختلف حيث إن الواقع على الأرض يختلف كليا لدولة الاحتلال الإسرائيلي الآن تمتلك معظم الأراضي الفلسطينية، وما فعلته الإمارات ليس رضوخا للأمر الواقع بل محاولة بحل الواقع المتواجد فعليا على الأرض.

خطوة مهمة - لكن الأسئلة تبقى!

إقامة علاقات دبلوماسية كاملة؛ تبادل السفارات، والعلاقات التجارية الطبيعية بين إسرائيل والإمارات خطوة دبلوماسية مهمة إلى الأمام، لكنه يثير تساؤلات لا محالة،هل سيتم تحقيق الوعد الكامل لهذه الاتفاقية؟ وهل قد تتبع دول الخليج الأخرى نفس المسار؟

من المهم أيضا معرفة أن اتفاقية أمس بعيدة كل البعد عن خطة السلام الشاملة لحل القضية الفلسطينية التي روج لها الرئيس ترامب منذ فترة طويلة، ومع ذلك، هناك فوائد قصيرة الأجل لجميع الأطراف.

البيت الأبيض كان أول من أعلن عن الصفقة، ربما تكون ريشة دبلوماسية صغيرة في قبعة الرئيس ترامب في وقت تبدو فيه احتمالات إعادة انتخابه أكثر صعوبة.

أما بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو المحاصر بالمظاهرات، فإن ذلك يخلصه من مأزقه، حيث إنه تأكد أن ضم أراضي الضفة الغربية بعيد المنال.

وبشأن دولة الإمارات، من الصعب تحديد الفوائد المباشرة على وجه الدقة، على الرغم من أن علاقاتها مع واشنطن ستتعزز، وقد تحقق الصفقة مع إسرائيل فوائد اقتصادية وأمنية وعلمية كبيرة.

وفيما يخص فلسطين ستحقق هذه الاتفاقية العودة إلى الطاولة ولكن بشروط الدول الخليجية والعربية، كما أنه تم الاتفاق بشكل حاسم على وقف ضم الأراضي في الضفة الغربية.

ما الذي تم الاتفاق عليه؟

ستجتمع وفود من إسرائيل والإمارات في الأسابيع المقبلة لتوقيع اتفاقيات ثنائية تتعلق بالاستثمار، والسياحة، والرحلات الجوية المباشرة، والأمن، والاتصالات، والتكنولوجيا، والطاقة، والرعاية الصحية، والثقافة، والبيئة، وإنشاء سفارات متبادلة، وغيرها من المجالات المشتركة.

وجاء في البيان المشترك أن 'فتح العلاقات المباشرة بين اثنين من أكثر المجتمعات ديناميكية في الشرق الأوسط والاقتصادات المتقدمة سيغير المنطقة من خلال تحفيز النمو الاقتصادي، وتعزيز الابتكار التكنولوجي، وإقامة علاقات أوثق بين الناس'.

في مقابل ذلك ستعلق إسرائيل إعلان السيادة على المناطق المحددة في رؤية الرئيس ترامب للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين، والتي أيد فيها خطة إسرائيلية لضم المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية ووادي الأردن الاستراتيجي، وإعادة النظر في أن تكون القدس عاصمة إسرائيل.

هل ينقذ الاتفاق القضية الفلسطينية حقا؟

يقول تقرير على قناة 'إن بي سي نيوز' الأمريكية، إن الإضافة الأكثر إلحاحًا من هذا الاتفاق هي إزالة خطة الضم الخطيرة من جدول الأعمال، وعلى الرغم من أن الدبلوماسية الفلسطينية (بمساعدة من الأردن ومصر ودول عربية وأوروبية أخرى) تمكنت من خلق إجماع دولي ضد خطة الضم الكارثية، إلا أن التهديد ظل واضحًا نظرًا لأن إدارة ترمب ظلت منفتحة على الفكرة واستمر نتنياهو في اعتبارها ضرورية من الناحية السياسية ووضع نفسه تحت الضغط لتنفيذ الاتفاق.

لكن الآن، التزمت إسرائيل بتجميد الضم إلى أجل غير مسمى، وهو التزام تعهدت به ليس فقط للإمارات العربية المتحدة ولكن الأهم من ذلك تجاه ترامب.

أيضا بعيدًا عن هذه الميزة على المدى القريب للفلسطينيين، أظهر التاريخ أن الدول العربية التي لها علاقات مع إسرائيل - وبالتحديد مصر والأردن - أكثر فاعلية في تعزيز المصالح الفلسطينية.

كيف كان رد فعل الآخرين؟

قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون: 'كنت آمل بشدة ألا يتم المضي قدمًا في الضم في الضفة الغربية، واتفاق اليوم على تعليق هذه الخطط هو خطوة مرحب بها على طريق شرق أوسط أكثر سلامًا'.

ورحب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالاتفاق، بينما قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، إن الاتفاق قد يساعد في دفع مفاوضات السلام المتوقفة.

لكن مسؤولة فلسطينية كبيرة هي حنان عشراوي، نددت بالصفقة، قائلة إن الإمارات 'خرجت علانية بشأن تعاملاتها السرية / تطبيعها مع إسرائيل' وقالت للأمير محمد: 'أتمنى ألا يباع أصدقاؤك أبدًا'.

ووصفت وزارة الخارجية الإيرانية الاتفاق بأنه 'مخز'، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، وفي غزة، وصفت جماعة حماس المسلحة الصفقة بأنها 'طعن في ظهر شعبنا'.

اليمين الإسرائيلي غاضب

وفي سياق آخر، فإن رد الفعل داخل إسرائيل جاء غاضبا حيث شعر بعض المستوطنين الإسرائيليين وحلفائهم السياسيين على الأقل بخيبة أمل، لأن نتنياهو سيتخلى عن خطته المطالبة بالسيادة على أراضي الضفة الغربية، في حين هاجم المنتفعون الأيديولوجيون من القضية الفلسطينية هذا الاتفاق دون تقديم بدائل حقيقية تمنع خطة الضم التي سوف تقضي على حلم الدولة الفلسطينية تماما.

ويعود ذلك جزئيًا إلى إجراء محادثات مباشرة مع إسرائيل، التي لا تريد أن تفقد علاقاتها بهاتين الجارتين، وستكون الإمارات إضافة قيّمة وفعّالة لهذا التجمع، لا سيّما أنها توسع الحوار العربي الإسرائيلي إلى منطقة الخليج ذات الأهمية الاستراتيجية.

ويرى التقرير أن تعثر عملية السلام العربية الإسرائيلية منذ سنوات عديدة أدخلت عملية السلام إلى حالة من الفراغ دفعت إلى تصلب المواقف بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بالإضافة إلى حدوث حالة من الجمود واليأس لدى العديد من الفاعلين الدوليين والإقليميين من احتمال حدوث أي تقدم بين الجانبين.

وكانت خطة الضم السيئة ستضع حداً لأية احتمالات للتقدم، لأنه كان سيجعل فلسطين المستقبل غير قابلة للحياة. ويمكن لهذا التطور الجديد إنشاء نافذة لبدء تحويل هذه الديناميكيات وجعل العرب أكثر تأثيرا على إسرائيل في أي تطورات مستقبلية.

وقد أعطى هذا الاتفاق الرئيس ترمب اختراقاً رحب به كثيراً في وقت كان يكافح فيه في الداخل مع وباء قاتل وانهيار اقتصادي وسط منافسة إعادة انتخابه تظهر استطلاعات الرأي تراجعه، حيث يعتزم الرئيس تنظيم حفل توقيع في البيت الأبيض في الأسابيع المقبلة.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً