عشماوي ومتهمي "الفيرمونت".. آخر نجاحات القاهرة في ملف تسليم المطلوبين على أراضيها
مساعد وزير الداخلية الأسبق: قطر وتركيا متورطتان فى حذف أسماء بعض المطلوبين دوليا من قوائم النشرة الحمراء
أكثر من 400 مصري مطلوبين على قوائم الإنتربول.. أبرزهم وجدي غنيم والقرضاوي ومعتز مطر.. وقطر ترفض التعاون
استخدمت وزارة الداخلية حقها في ملاحقة المتهمين لديها الهاربين خارج أراضيها، من خلال الإنتربول الدولي، وبدا ذلك جليا مؤخرا في عدد من القضايا الهامة كان آخرها "جريمة الفيرمونت"، إذ وضعت السلطات المصرية ثلاثة متهمين في القضية على قوائم النشرة الحمراء وخاطبت الإنتربول الدولي.
استجوبت النيابة العامة، المتهمين الثلاثة: أحمد حلمي طولان، 32 سنة، وعمرو حسين محمود إسماعيل، 30 سنة، وشقيقه خالد حسين، 33 سنة، في واقعة اغتصاب فتاة داخل فندق فيرمونت عام 2014، عقب وصولهم أواخر سبتمبر الماضي، على متن طائرة قادمة من لبنان برفقة مأمورية من الانتربول الدولي، بعد القبض عليهم فى بلدة "فتقا" اللبنانية.
وفي ضربة ناجحة أظهرت مدى قوة مصر دوليا، فقد تسلمت في 28 من مايو عام 2019، الإرهابي الخطير هشام عشماوي على متن طائرة حربية، والمتهم في عدد من القضايا الإرهابية بينها "بيت المقدس"، بعد ضبطه بواسطة قوات الإنتربول الدولي في ليبيا، بالتنسيق مع جهاز المخابرات المصرية، وذلك عقب وضعه على قوائم النشرة الحمراء.
طائرة حربية رافقت اللواء عباس كامل، رئيس المخابرات العامة، عقب قدومه من ليبيا، في زيارة رسمية، وكانت المفاجأة بظهور الإرهابي الخطير هشام عشماوي، الضابط السابق بقوات الصاعقة المصرية، رفقة رجال المخابرات العامة والأمن المصري، قادما من ليبيا عقب إعلان القوات المسلحة الليبية، القبض عليه في مطلع أكتوبر قبل الماضي، لتتسلم مصر رسميا واحداً من أخطر الإرهابيين.
خطوات محاصرة العناصر الإرهابية الهاربة خارج البلاد، حققت فيه مصر نتائج أمنية مُبشرة، تمثلت في تسلمها العديد من الإرهابيين الذين شكلوا خطرا دائما على مصر والمنطقة والعالم، وضاعفت مصر من خطواتها الساعية لتضييق الخناق على العناصر الهاربة في الخارج، التي تورطت في أعمال عنف وإرهاب داخل البلاد طيلة الأعوام الماضية، وتسلمت بعض الكوادر المتطرفة مؤخراً من بلدان عدة، في خطوة تؤكد تحولات في مواقف بعض الدول من احتضان تكفيريين وقيادات إسلامية مطلوبة جنائيا، ما يُضيق الخناق على الفارين إلى كل من الدوحة وأنقرة ممن يتنقلون بأريحية كاملة.
أعلنت السلطات الأمنية في أوكرانيا، في وقت ماضي، القبض على الإخواني معتز محمد ربيع، بناء على مذكرة ضبط صادرة من قبل الشرطة الدولية (الانتربول) لارتكابه جرائم خطيرة داخل مصر، وتحديداَ في محافظة الفيوم، عقب الإطاحة بنظام جماعة الإخوان المسلمين من الحكم في 3 يوليو 2013.
من جانبه يؤكد اللواء علي عبد الرحمن، مساعد وزير الداخلية الأسبق، في تصريحات خاصة لـ" أهل مصر" على مسألة أن الإنتربول الدولي هو صاحب القرار الأخير وهو من يلتزم به وحده، مشيرا إلى أن مصر تمكنت في وقت سابق من إدراج يوسف القرضاوي، الداعية الإسلامي، على قائمة المطلوبين دوليًا بالإنتربول، وتم تدوين أمام صورته أنه متهم بالاتفاق والتحريض والمساعدة على ارتكاب القتل العمد، ومساعدة السجناء على الهرب والحرق والتخريب والسرقة، فضلا عن إدراج وجدي غنيم وغيرهم من قوائم المطلوبين دولياً، وهو الأمر الذي تتداخل فيه ويطغى عليه توجهات سياسية بشكل كبير، لافتاً إلى تورط قطر وتركيا فى حذف أسماء هؤلاء المتهمين.
يرسل مكتب التعاون الدولي التابع لمكتب النائب العام الأسماء المطلوبة للشرطة الدولية بالتنسيق مع وزارتى الداخلية والعدل، يقول الخبير الأمني، مؤكدا في الوقت نفسه أنه بمجرد أن تطأ أقدام هؤلاء المطلوبين للأراضي المصرية، سيتم التحفظ عليهم وترحيلهم لتنفيذ الأحكام القضائية بحقهم.
اللواء خالد عكاشة، عضو المجلس القومي لمكافحة الإرهاب، ذكر في تصريحات خاصة لـ "أهل مصر" أن مصر بذلت جهوداً مضاعفة خلال ترأسها لجنة مكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة عام 2018، بغية إقناع المجتمع الدولي بضرورة تجفيف منابع الإرهاب عبر التضييق على عدد من العناصر الهاربة، وقطع خطوط الاتصال بينها وتحجيم عملية تنقلها من دولة إلى أخرى.
يؤكد "عكاشة" أن القاهرة استطاعت تأسيس شراكات أمنية فاعلة وضخ مزيد من الجهود في ملف مطاردة العناصر الإرهابية التكفيرية الهاربة خارج أراضيها، وذلك في إطار التعاون المشترك بينها وبين عواصم البلدان، ويكمن الهدف الأساسي من تحركات مصر في محاربة الإرهاب العابر للحدود والقارات على المستوى الدولي.
وطبقا لعضو المجلس القومي لمكافحة الإرهاب، فقد انعكست جهود مصر على جدية التعاون الإيجابي بين كثير من الدول كي تساهم في حصر الأدوار المتنوعة التي يجري تبادلها بين عناصر التنظيم الواحد، من حيث توفير التمويل واستغلال المنصات الإلكترونية في توزيع الأدوار، منوها باقتراب تسلم مصر خمسة عناصر من الهاربين إلى السودان، من التابعين لحركة "سواعد مصر" الإرهابية، ممن نفذوا عدة عمليات إرهابية ضد أهداف مدنية وعسكرية داخل الأراضي المصرية.
النشرة الحمراء، هي عبارة عن طلبات تعاون أو تنبيهات دولية تسمح للشرطة في الدول الأعضاء بتبادل المعلومات المهمة المتعلقة بالجرائم، وتنشر الأمانة العامة للإنتربول النشرات بناء على طلب أحد المكاتب المركزية الوطنية في الدول الأعضاء، ويجري توفيرها لجميع البلدان الأعضاء لديها .
تُمكِن النشرات الأممَ المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية والمحاكم الجنائية الدولية من استخدامها، بحثًا عن أفراد مطلوبين، لارتكابهم الجرائم بنطاق سلطتها القضائية، لاسيما منها جرائم الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، ومعظم هذه النشرات مخصصة لاستخدام أجهزة الشرطة فقط ولا تجري إتاحتها لعامة الناس، إلا في بعض الحالات، مثلا لتنبيه عامة الناس أو لطلب المساعدة منهم، حيث يجري نشر مقتطفات من النشرة على موقع الإنتربول الإلكتروني "الشرطة الدولية"
تنحصر أهداف الإنتربول في تأمين وتنمية التعاون المتبادل بين كافة سلطات الشرطة الجنائية فى إطار القوانين القائمة في مختلف البلدان وإنشاء وتنمية كافة المؤسسات القادرة على المساهمة الفعالة فى الوقاية من جرائم القانون العام ومكافحتها.
وتتمثل النشرة الحمراء في طلب يقدم إلى أجهزة إنفاذ القانون، بجميع أنحاء العالم لتحديد مكان المجرم واعتقاله مؤقتاً بانتظار تسليمه أو اتخاذ إجراء قانوني ضده وعند صدورها تستند على مذكرة توقيف وطنية سارية أو إلى قرار قضائي، قابل للتنفيذ يطلب بموجبها توقيف الشخص المطلوب تمهيدا لتسليمه، ولا يحق للأمانة العامة للإنتربول رفض طلب إصدار نشرة حمراء إلا إذا لم يشمل الطلب على جميع المعلومات الضرورية، لصياغة طلب توقيف مؤقت ساري المفعول، كما يحق للأمانة العامة أن تجري التدقيق في المعلومات التي تتضمنها طلبات إصدار النشرات، للتأكد من عدم مخالفتها لمواد قانون الإنتربول الأساسي.
جددت السلطات المصرية طلبها للإنتربول الدولي بتسليم الإرهابيين المطلوبين وعددهم 400 شخص، بينهم الـ 26 المدرجين على قوائم الإرهاب، وقالت مصر في طلبها إن المطلوبين صدرت ضدهم أحكام قضائية لتورطهم في عمليات عنف وإرهاب وتمويل عمليات إرهابية، وعلى رأسهم الداعية يوسف القرضاوي.
ذكرت مصادر أمنية في وقت سابق، أن الصادر بحقهم نشرات حمراء يبلغون نحو 400 متهما، يتواجد 50 منهم في قطر، موضحة أن السلطات القطرية لم تتعاون في تسليم المطلوبين أمنيا، خاصة من عناصر جماعة الإخوان، كما لم ترد على الرسائل الثنائية المتبادلة في هذا الشأن.
وأشارت المصادر الأمنية إلى أن شرطة الإنتربول نجحت في استعادة 100 شخص خلال عامي 2015 و2016، من بينهم عناصر إرهابية، مؤكدة أن هناك عناصر أخرى إرهابية متورطة ومطلوبة في عدد من القضايا، منهم الإعلامي بقناة الجزيرة أحمد منصور، والإرهابي مهاب قاسم، المتورط في تفجيرات الكنائس الأخيرة، إضافة إلى يحيى موسى المتحدث السابق باسم وزارة الصحة والمتورط في واقعة اغتيال النائب العام هشام بركات.
كما طلبت مصر عددا من الصحفيين المُحرضين على العنف والإرهاب على فضائيات قطر وتركيا وصدر بحق بعضهم أحكام قضائية مثل معتز مطر ومحمد ناصر والمذيعة آيات العرابي، إضافة إلى يحيى حامد وزير الاستثمار الأسبق، والقاضي السابق وليد شرابي، والمتحدث السابق باسم حزب الإخوان حمزة زوبع، والقيادي بجماعة الإخوان جمال حشمت.
نوّعت مصر من تعاونها الاستخباراتي مع العديد من الدول التي تتواجد بها عناصر مطلوبة على ذمة القضاء، وقدمت معلومات دقيقة بشأن أشخاص يتواجدون في دول مختلفة تورطوا في أحداث إرهاب داخلها، ووجدت تجاوباً مع كثير من المعلومات التي قدمتها لأنها صحيحة وموثقة، ويرجح تزايد الأعداد الفترة المقبلة مع تطور علاقات القاهرة مع عواصم عديدة في العالم، والتأكد من خطورة تحركات هذه العناصر على الدول التي تقيم فيها.
وتعتبر مصر من أوائل الدول في العالم التي انضمت لـ "الانتربول" عام 1923، وفي 21 فبراير 1951 اتحدت سوريا ومصر المتمتعتين بالعضوية الكاملة بالإنتربول وشكلتا الجمهورية العربية المتحدة التى حلت بتاريخ 28 سبتمبر 1961، واحتفظت مصر بذلك الاسم حتى 2 سبتمبر 1971 حيث غيرت اسمها إلى جمهورية مصر العربية، وتعتبر مصر استمرارا للجمهورية العربية المتحدة كعضو في الإنتربول، فيما التحقت قطر بالانتروبول بعد مصر بـ 51 سنة، فى 1974.
ويكمن دور إنتربول القاهرة فى استقبال وتوجيه الطلبات التى ترد من مختلف الدول لملاحقة المجرمين الفارين، المطلوب إلقاء القبض عليهم داخل البلاد، ومتابعة إجراءات محاكمة من يحمل منهم الجنسية المصرية، ولحين صدور الأحكام وتنفيذها، وقرارات تسليم لمن لا يحمل الجنسية المصرية إلى الدول الطالبة، واتخاذ الإجراءات التنفيذية حتى تمام تسليم من يصدر بشأنهم قرارات بالموافقة على التسليم.
ولا يتوقف دور الانتربول عند هذا الأمر، وإنما يقوم بالإجراءات القانونية لملاحقة المطلوبين سواء أكانوا مصريين أم حاملى أية جنسيات أخرى والصادر ضدهم أحكام قضائية من القضاء المصرى أو أوامر بالضبط والإحضار لمثولهم أمام جهات التحقيق المصرى، والتنسيق مع المكاتب المركزية فى مختلف الدول الأخرى لضبطهم، وحتى تمام استردادهم للبلاد.