العمل المناسب والزواج والاستقرار والمستوى الاجتماعي المرموق، جميعها أحلام بسيطة ومشروعة لخريجي دفعة 2020، خاصة الأوائل والمتفوقين منهم طوال فترة دراسته، لكن هناك معوقات قديمة ومتراكمة تحول بين تحقيق أحلام هؤلاء الخريجين، منها عدم احتياج سوق العمل، وندرة الحصول على وظيفة حكومية أو خاصة، وزيادة عدد الخريجين عن الوظائف المتاحة، وغيرها من العوامل التي يفاجأ بها الطالب عند تخرجه، ليأتي فيروس كورونا ويطفيء بصيص الأمل الذي يعيش عليه هؤلاء الطلاب حديثي التخرج، وتضمهم إلى طابور البطالة الطويل.
«أهل مصر» تواصلت مع عدد من خريجي دفعة 2020 والتي يطلق عليها «دفعة الكورونا»، لعرض مشكلاتهم ومدى تأثرهم من جائحة كورونا.
تروي هديرعبد المولى معاناتها وتقول إنها تخرجت من كلية الإعلام جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، والأولى على دفعتها، على أمل أن تصبح معيدة في الجامعة؛ لكنها اصطدمت بتأجيل تعيينها بسبب قرار تعطيل الجامعات، حرصاً على سلامة الطلاب.
وتبين سارة ماهر خريجة «كلية الآثار جامعة القاهرة» معاناتها من أزمة كورونا بأنها لجأت أن تعمل مدرسة، وتقوم بإعطاء دروس خصوصية للطلاب، ولكنها توقفت بسبب جائحة كورونا، مشيرة إلى أن هذه الدروس كانت مصدر رزقها الوحيد.
أما عن نور محمد خريجة «كلية الهندسة جامعة 6 أكتوبر» وهي أيضًا من الذين اضطروا للعمل في غيرمجالهم لقلة فرص العمل وبسبب هذه الجائحة اضطرت إلى أن تعمل سكرتيرة في إحدى الشركات، مما عرضها لنسيان ما درسته في كليتها رغم تفوقها طوال فترة دراستها، وأوضحت أنها تعاني من قلة الفرص للتسجيل في كورسات خاصة ببرامج هندسية لتقوية معلوماتها، بسبب فيروس كورونا.
وعن مأساة إحدى خريجات أكاديميات الصحافة، تشير أسماء عادل إلى أنها كانت تتدرب في إحدى الصحف، ولكن بسبب كورونا توقفت عن التدريب، إضافة إلى استغناء المؤسسة عن بعض العاملين بها، لتخفيف التكدس في الجريدة.
وتوضح إسراء سمير خريجة إحدى كليات الإعلام أنها وجدت صعوبة بالغة في الحصول على تدريب عملي خاصة بعد تخرجها، والحصول على فرصة للعمل كالدفعات السابقة من كليتها، ولكن هذا الأمر لم يتحقق، بسبب تزايد عدد المصابين بكورونا في الموجة الأولى وتعطيل الدراسة، ومن بعدها الموجة الثانية.
وتزداد هذه المأساة مع الخريجين الأوائل والمجتهدين ممن قرروا عمل دراسات عليا أو ماجستير، والذين وجدوا صعوبات في المضي قدمًا في الدراسات العليا بعد تخرجهم بسبب عدم قدرتهم على استكمال الدراسة "أون لاين"، ومن ضمن هؤلاء الطلاب بسنت حمدي خريجة كلية العلوم الطبية، التي أكدت ضياع فرصتها في استكمال الدراسات العليا بسبب كورونا.
ومن الجدير بالذكر أنه وفقًا لآخر نتائج توصل لها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن هناك ارتفاع كبير في نسبة البطالة في عام 2020، حيث ارتفع معدل البطالة في مصر خلال الربع الثاني من العام 2020 ليبلغ 9.6٪ من إجمالي قوة العمل مقارنة بـ7.7٪ في الربع الأول من العام.
فهناك نسب متفاوتة لارتفاع البطالة في العام نفسه، ناهيك عن ارتفاع نسبة البطالة مقارنة بالأعوام الماضية، فوفقًا لعام 2019 كانت نسبة البطالة متفاوتة على أساس فصلي، فخلال الربع الثاني من عام 2019 كانت النسبة 7.5% وارتفعت خلال الربع الثالث من نفس العام بمعدل 7.8%.
وارتفعت أيضًا نسبة العاطلين عن العمل حيث بلغ عدد الذكور حوالي 1.9 مليون ذكر، و 640 ألف أنثى، وهو ما يمثل 2.5 مليون عاطل وعاطلة، في الربع الثاني من عام 2020، أما في الربع الأول فوصل ل2.2 مليون متعطل، حيث أن معدل البطالة بين الذكور بلغ 8.5% من قوة العمل في هذا الربع، حيث بلغ معدل البطالة بين الإناث 16.2% من إجمالي الإناث في الربع الحالي.
وبالنسبة للمتعطلين عن العمل من المؤهلات المتوسطة وفوق المتوسطة 39.2% مقابل 37.2% في الربع الثاني من عام 2020، بينما كانت نسبة المتعطلين عن العمل من حاملي المؤهلات الجامعية 39.7% مقابل 31.7% في الربع الثاني من نفس العام.
أما المصريين العائدين من الخارج، فقد أوضحت بيانات سوق العمل في الربع الثاني من العام الحالي أكثر من سبب لهم، السبب الأول هو انخفاض المستجيبين للإحصاء الاستقصائي من قبل الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وهو ما أدى إلى عدم شمول العاملين في القطاع غير الرسمي بشكل كامل، أما السبب الثاني فهو عدم احتساب العمالة المصرية في الخارج حال عودتها إلى مصر، وتضمينها في عوامل قياس متغيرات سوق العمل المحلي، وهو ما يدعو للقلق نظرا لارتفاع عددهم بشكل كبير، ربما يفوق المتوقع بنحو 7 أضعاف، حيث يقدر عدد العاملين حاليًا في الدول العربية فقط بنحو 7 ملايين عامل مصري، أي ما يعادل نحو 70% من إجمالي المصريين العاملين بالخارج.
وهذه الإحصائيات تشير إلى ارتفاع في نسبة البطالة بشكل ملحوظ، كما أن هناك ارتفاع في نسبة البطالة بالنسبة للخريجين من الدفعات السابقة، ونسبة البطالة في الذكور والإناث ارتفعت أيضًا بشكل كبير، وبالنسبة لمعدلات البطالة بين المؤهلات المتوسطة وفوق المتوسطة والمؤهلات العليا فكانت المؤهلات المتوسطة هي الأكثر تأثرًا.
ووصل الأمر للمصريين العاملين في الخارج والذين عادوا إلى بلادهم تاركين ورائهم أسباب غربتهم، وتاركين أحلامهم وطموحاتهم التي لم تتحقق، وكذلك وظائفهم التي طالما حلموا بالحصول عليها.