'يا حظه وهناه، اللي يحب صنعته، ويرضى بالقليل منها، ياكل الشهد'.. هكذا قال الشاب العشريني 'محمد سمسم' الذي يحترف 'الرفة'، وهي مهنة صيانة الملابس الممزقة، بطريقة تجعل أنسجة الأقمشة كأنها لم تبلى أو تتمزق، ومنحه حبه لصنعته الصبر، فدام يمارسها لنحو ٢١ عاما وينوي أن يكمل حياته بها، رغم تحمله لمشاقها وقناعته بالقليل منها.
محمد سمسم البالغ من العمر ٢٨ عاما، يقيم في مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، ورث حرفة الرفة عن والده، وبدأ يتعلمها بحب منذ كان عمره ٧ سنوات، واعتاد مراقبة والده حينما كان يصطحبه لمكان العمل، وقرر والده أن يعلمه الصنعة، عندما وجده مصمما عليها وشغوفا بها.
يقول 'سمسم' لـ'أهل مصر': 'يا بخت من حب صنعته، وبالنسبة لي بحب الرفة، بحس إني بعزف موسيقى مش بس إني بنسج غرز'.
وتابع: 'بعد وفاة والدي ووالدتي، الصنعة دي سترتني بفصل ربنا، وفاتح بيت أبويا وبصرف على اخواتي ولد وبنت وبكمل تعليمهم، ولولا حبي فيها ما كنتش هكمل شغل'، لافتا إلى أنه يعمل ١٢ ساعة في اليوم، محافظا على أخذ قسط من الراحة كل يوم جمعة أسبوعيا.
'سمسم' ليس له محل وإنما يجلس في شارع المكاتب في مدينة الزقازيق على أحد جانبي الطريق، ولديه دولاب يحفظ فيه الملابس وبجانبه دولاب أو منضدة صغيرة يلقي عليها الملابس، ويعمل بأدواته المكونة من إبرة خرز لعمل غرز دقيقة كي لا تبدو التمزقات واضحة في نسيج الأقمشة، وخيط ومكواة لكي الملابس وفردها بعد الانتهاء من تصليحها.
ويوضح سمسم أن زبائنه من جميع فئات المجتمع: 'زبايني ضابط ودكتور وعامل نظافة، وأجري يبدأ من ١٠ جنيه ويختلف بحسب القماشة والقطع فيها بالإضافة للمجهود اللي ببذله فيها.
وأضاف: 'اللي بيتعبني في الشغلانة رغم حبي لها، القعدة لساعات طويلة بتسبب لي آلام في العمود الفقري، كما أنها تحتاج لتركيز عالي، بالإضافة للمشقة التي أجدها من بعض الزبائن وخاصة من يبدو أنهم أثرياء فهم الأكثر إرهاقا في المعاملة بالنسبة للأجر، أما اللي على قد حاله بيدفع وما بيغلبنيش'.
واختتم سمسم حديثه قائلا: 'هعلم ولادي الصنعة لو حبوا يتعلموها لأن الصنعة من غير حب ما تكملش ولا تجيب قرش لصاحبها، وهحببهم فيها وهعلمهم أفضل تعليم في المدارس، وقدوتي أبوي اللي اشتغلها أكتر من ٤٠ سنة واتجوز وخلف وعلمنا كمان'، لافتا إلى أنه يستطيع أن يتزوج منها وهي حرفة بعائدها تنفق على أسرة كاملة وتوفر حياة كريم لمشتغليها.