حشود عسكرية للنزاع على الفشقة.. هل يتطور الأمر لمواجهة عسكرية بين إثيوبيا والسودان؟

اشتباكات بين السودان وإثيوبيا
اشتباكات بين السودان وإثيوبيا

تعُد النزاعات بين السودان وإثيوبيا، طويلة الأمد حيث بدأت منذ سنوات عديدة، وتجددت الاشتباكات المسلحة على طول الحدود بين البلدين، رغم أنه من النادر أن يقاتل الجيشان بعضهما البعض بشكل مباشرة للسيطرة على الأراضي.

ونقلًا عن وكالة BBC البريطانية، خاضت إثيوبيا حربًا مع الصومال منذ 1977 على منطقة أوغادين، وفي عام 1998 حاربت أديس أبابا إريتريا على قطعة أرض تسمى بـ"بادمي"، واستشهد بالحرب نحو 80 ألف جندي، عانت البلدان تزعز عميق خاصة إثيوبيا ورفضت الانسحاب من بادمي رغم من أن محكمة العدل الدولية منحت معظم الأرضي لإريتريا.

وبعد حرب عام 1998، قام السودان وإثيوبيا بإحياء محادثات كانت دخلت في سبات منذ أمد طويل ليحددا بدقة حدودهما التي يبلغ طولها 744 كيلومترا، وكانت الفشقة هي أصعب منطقة لتسوية الخلاف حولها، فوفقا لمعاهدات الحقبة الاستعمارية لعامي 1902 و1907 تمتد الحدود الدولية إلى الشرق منها.

في ذات السياق بعد حرب 1998، أحيت السودان وإثيوبيا ملفات خاضت في سبات عميق لأمد طويل ليحددا حدودهما التي تبلغ 799كم، وفي نفس الإطار تعُد الفشقه من أصعب المناطق يتم تحديدها بينهما وفقًا لمعاهدة الحقبة الاستعمارية، أن المنطقة ملك للسودان لكن الإثيوبين استقروا بها للزراعه وكانوا يدفعون الضرائب للسيادة.

ويتبع الصراع على الفشقة الأمر ذاته، حيث يدور النزاع بين البلدين حاليا حول منطقة تعرف باسم الفشقة، حيث يلتقي شمال غرب منطقة أمهرة الإثيوبية بولاية القضارف في السودان، ورغم أن الحدود التقريبية بين البلدين معروفة جيدا، يحب المسافرون أن يقولوا إن إثيوبيا تبدأ عندما تفسح السهول السودانية الطريق للجبال الإثيوبية، ما يعني أن الأرض ملك للسودان، لكن الإثيوبيين استقروا في المنطقة حيث مارسوا الزراعة وهم يدفعون ضرائبهم للسلطات الإثيوبية.

وفي عام 2008 وصلت المفاوضات بين البلدين إلى حل وسط، حيث اعترفت إثيوبيا بالحدود القانونية، لكن السودان سمح للإثيوبيين بالاستمرار في العيش هناك، وكانت حالة الحدود هادئة وتمت إدارتها بطريقة سلمية حتى طالبت إثيوبيا بخط سيادي نهائي.

وترأس الوفد الإثيوبي المحادثات التي أدت إلى تسوية عام 2008 آبي تسيهاي، المسؤول الكبير في جبهة تحرير شعب تيجراي، وبعد الإطاحة بجبهة تحرير شعب تيجراي من السلطة في إثيوبيا في 2018، أدان زعماء عرقية الأمهرة الاتفاق، ووصفوه بأنه صفقة سرية، وقالوا إنه لم تتم استشارتهم بشكل صحيح بشأن ذلك الاتفاق.

وفي قمة إقليمية عقدت في جيبوتي في 20 ديسمبر الماضي، أثار رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، الأمر مع نظيره الإثيوبي آبي أحمد، واتفقا على التفاوض، لكن لكل منهما شروط مسبقة مختلفة، فإثيوبيا تريد من السودانيين تعويض المتضررين، فيما يريد السودان العودة إلى الوضع السابق، وبينما كان المندوبون يتحدثون، وقع اشتباك ثان ألقى السودانيون اللوم فيه على القوات الإثيوبية.

وقال الدكتور "تماضر الطيب"، محاضر بجامعة الخرطوم، إن النزاع حول الفشقة هو نزاع قديم بين السودان وإثيوبيا يتعلق باتفاقية تقسيم الحدود بين البلدين، مشيرا إلى أنه يعود إلى سنة 1902، بحسب الخلافات التي كانت قائمة في السابق، لافتا إلى أنه في سنة 1972، تم اتفاق كأنه ودي بين الدولتين للاحتفاظ بالحدود التي رسمت 1902 ما بين بريطانيا ومستعمرة السودان وبين إثيوبيا كأمبراطورية.

وأضاف الطيب لـ"أهل مصر"، أنه لم يكن هناك نزاعا بهذا الشكل الظاهر حاليًا خلال الفترة الأخيرة، متابعا: "وصل الصراع العسكري وتدخل الجيش الإثيوبي في الحدود السودانية وأدى إلى الانفلات الأخير، واشتد الصراع حتى وصل لدرجة المناوشات العسكرية ما بين الجانبين قبل أيام قليلة، في تحرك إثيوبي بالقرب من المعسكرات المسيطر عليها في الجيش السوداني".

وتابع: "في تقديري إن الأمر لن يصل للحرب وأن ما يحدث نوع من التوتر والاستفزاز، والتطورات الحالية لحدود هي ماتزال نوع من التوتر العسكري ولابد من تفعيل اللجنة المشتركة بين السودان وإثيوبيا خلال الفترة الأخيرة، لأن ما يحدث يشهد تهديدا لمجاعات ويزيد عدد اللاجئين ما يؤدي لحدوث صدام مع المدنين والقوات الإثيوبية".

وقالت أسمهان إسماعيل إبراهيم، الباحثة في العلوم السياسية جامعة الخرطوم، إن منطقة القرن الأفريقي تتميز بالنزاعات الحدودية كالنزاع بين الصومال وإثيبويا، حول إقليم أوغادين وبين إثيوبيا وإريتريا حول منطقة بادمي التي أدت لصراعات راح ضحيتها الآلاف، ومع ذلك يعتبر النزاع الإثيوبي السوداني هو الأكثر تعقيدا في المنطقة".

وأشارت أسمهان إلى أن في عام 1998، أحيا السودان محادثات حول الحدود توجت في 2008 بالاعتراف الإثيوبي القانوني، بمنطقة الفشقة للسودان ولم ترفض الحكومة السودانية بقاء الإثيوبيين في المنطقة، مضيفة أن الصدامات تحدث بين المزارعين السودانيين والمزارعين الإثيوبيين، أدت إلى مقتل العديد منهم من الطرفين واستمرت الاحتكاكات بين المزارعين لفترة طويلة، إلى أن وقع النزاع الداخلي في إثيبويا بين حكومة آبي أحمد وجبهة تحرير تجراي التي تقع حدودها مع منطقة الفشقة، وأدت الحرب الإثيوبية لدخول ما يقارب الـ60 ألف لاجىء إلى شرق السودان، ما عدا بالجيش السوداني لاعادة انتشارة في الشرق لحماية حدوده الشرقية التي تقع بالقرب من جبهة الاقتتال الإثيوبي.

وتابعت أن رئيس الوزراء السوداني "عبدالله حمدوك"، الرئيس الإثيوبي إلى استكمال ترسيم الحدود ودعا لضرورة الحوار لحل الأزمة بين البلدين، مشيرة إلى أن السودان يرفض التنازل عن شبر من أراضيه وفقا لاستحقاقه التاريخي.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً