حالة من الجدل أعقبها غضب سيطرت على كثيرين، جراء انتشار مقطع فيديو عبر مواقع التواصل الإجتماعي (فيس بوك)، يظهر استياء مصلين داخل مسجد المراغي في مدينة حلوان، جراء منع صلاتهم.
تزامنت حالة الجدل، أيضا نتيجة لقرار وزارة الأوقاف بمنع إقامة صلاة التهجد في المساجد تحت شعار 'صلوها في بيوتكم'، انهالت بعدها التعليقات الساخرة الرافضة لقرار وزير الأوقاف.
هجوم على القرار
طالب عمرو أديب، موظفي وزارة الأوقاف، بالتعامل بعقلانية وهدوء أكبر مع المصلين عند تطبيق قرارات الوزارة بخصوص صلاة التهجد أو الإطالة بصلاة التراويح، وقال: 'القضية إن دي مساجد الأوقاف، وأنت دخلت لقيت الناس مطوّلة في صلاة التراويح وتقيم شعائر أخرى ليلاً، يكمل صلاته وشعائره وبعد كدا موظف الأوقاف يجيب الإمام ويطلب منه ميكررش كدا بكرة'.
وجاء قرار وزارة الأوقاف في إطار استمرار تطبيق بعض الإجراءات الاحترازية المتعلقة بالوقاية من فيروس كورونا، وفقاً لبيان رسمي.
«أديب» تابع في حلقته: 'هذه المساجد تحت إدارة الأوقاف، لكن المفروض الناس تخلص صلاتهم آمنين، وبعد ذلك نتحدث مع الإمام أو تعاقبه بجزاء إداري، فهمنا واحترمنا قرارات وزارة الأوقاف إنما طريقة التطبيق أثارت الاستياء'.
عصر السوشيال ميديا
وأكمل: 'عارف إن دي ممكن تكون تصرفات فردية، لكن إحنا في عصر السوشيال ميديا، أي واحد من المصلين معاه موبايل وبيصوّر، أرجو استخدام العقل واللين والسماحة مع هذا الأمر، لأنه محصلش مصيبة كبيرة حتى لو صلاة تهجد، هي مش كارثة يعني فيه طرق ألطف من كدا'.
تحريات وزارة الداخلية
كشفت وزارة الداخلية، اليوم الإثنين، ملابسات مقطع الفيديو المتداول، والذي تضمن زعم إحدى الفتيات بأنها حال أدائها صلاة التراويح بأحد المساجد في حلوان، قام أحد الأشخاص بالدخول للمسجد وطلب من الإمام عدم استكمال الصلاة نظراً لتجاوز مواعيد انتهاء الصلاة.
قالت الوزارة إنه بفحص الواقعة تبين عدم صحة الادعاء، وتمثلت حقيقة ما حدث في غياب إمام المسجد، والمُعين من وزارة الأوقاف، ما أدى لقيام أحد الأهالي المتطوعين بأداء فريضة الصلاة بالمسجد كـ«إمام»، وأثناء مرور وكيل وزارة الأوقاف تلاحظ له ذلك، فقام باستدعاء مدير إدارة الأوقاف بالمنطقة، وتم استكمال الصلاة بالكامل بدلاً من المتطوع كإجراء إداري من جانب وزارة الأوقاف.
الأوقاف تتدارك الموقف
وزارة الأوقاف، وإزاء رودد الأفعال الغاضبة المتداولة، عقب الفيديو المنتشر، وما سبقه من قرار منع صلاة التهجد، خرجت في بيان رسمي ذكرت فيه أنها حريصة كل الحرص على إقامة صلاة التراويح بكل أريحية وهدوء للمصلين في ظل الأجواء الإيمانية للشهر الكريم.
وأكد القطاع الديني في بيان له، الإثنين، أن وزارة الأوقاف لم ولن تتخذ أي إجراء بشأن قطع الصلاة على أحد، ولم يصدر عن أي من قياداتها على أي مستوى أي توجيه بذلك، وفي حالة حدوث أي تجاوز يكون دور المفتش مجرد رصد التجاوز دون أي تدخل أو إجراء منه تجاه المسجد، وتقوم المديرية المختصة بدراسة الأمر ومعالجته بمعرفتها.
المسجد مفتوح وسيظل مفتوحًا
وأوضح البيان أن ما حدث في مسجد المراغي بحلوان هو ملاحظة مدير المديرية قيام شخص غير مُصرح له بالإمامة من المديرية، فاستدعى مدير الإدارة للوقوف على الأمر ومعرفة سبب غياب إمام المسجد في هذا اليوم، ولاحظ أحد الناس ممن لا علاقة لهم بالأوقاف ذلك، فقام بتوجيه حديثه للإمام الذي كان يصلي بسرعة إنهاء صلاته خوفًا من أن يتعرض المسجد للغلق، فقام الدكتور خالد صلاح، مدير مديرية أوقاف القاهرة بالتدخل مباشرةً، مؤكدًا أن «أحدًا لم يأمر على الإطلاق لا بإنهاء الصلاة ولا بقطعها، وأن المسجد مفتوح وسيظل مفتوحًا، وتقدم للقبلة بنفسه وأتم صلاة التراويح إمامًا بالناس.
إحالة إمام المسجد ومدير الإدارة للتحقيق
نوهت الأوقاف في بيانها إلى صدور قرار بإحالة إمام المسجد المتغيب في هذا اليوم للتحقيق، كما تمت إحالة مدير الإدارة للتحقيق في سبب سماحه لشخص غير مصرح له من الأوقاف بإمامة الناس.
وأكدت الوزارة أنها أعطت تعليماتها لجميع المفتشين بأن دورهم فقط هو رصد أي مخالفة دون الاحتكاك بالناس أو حتى العاملين بالمسجد في أوقات أداء الشعائر، وإنما يرفعون تقاريرهم بأي تجاوز لمدير الإدارة التابعين لها لإعمال شئونه في معالجة أي مخالفة بالطرق الدعوية والقانونية معًا.
وأكدت الوزارة على عدة أمور منها، أن دورها هو خدمة بيوت الله، ورواد بيوته، وتوفير المناخ والجو الملائم والمناسب لهم لأداء شعائرهم باطمئنان وسكينة، ولا أدل على ذلك من قيامها بهذا الدور العظيم في عمارة بيوت الله، تشييدًا وافتتاحًا وصيانة وفرشًا ونظافة وتجهيزًا بأعداد لا سابقة لها ومستوى شديد التميز، حيث افتتحت خلال الشهر الأخير وحده أكثر من 250 مسجدًا.
ليس قرار منفرد
وأكدت كذلك أنه عندما اضطرت لأخذ قرارها بشأن التهجد والاعتكاف، فإنه لم يكن أبدا قرارًا فرديًا أو اعتباطيًا إنما هو قرار مؤسسي من خلال لجنة إدارة أزمة الأوبئة والجوائح الصحية بمجلس الوزراء برؤية مشتركة دينية وصحية، وقد أكدنا أن الرأي الديني يبنى على الرأي الطبي ولا يسبقه، ولا يجوز لأي جهة أو مؤسسة أن تصدر أي قرار منفردة بذلك ما دامت هناك لجنة وطنية مشتركة منوط بها الأمر، فالرؤية هنا رؤية مؤسسية مبنية على المصلحة المعتبرة دينيًا ووطنيًّا، ولا يمكن أن تجتمع هذه المؤسسات إلا على ما يحقق الصالح العام.
واختتم البيان: «إن أبواب الخير واسعة فإذا أغلق باب منها لعذر معتبر فإن سائر الأبواب لم تغلق وأبواب الرحمة لم تغلق، والتهجد كما بين العلماء يمكن أداؤه في المنزل، بل قد استحب كثير من العلماء ذلك حتى في غير أوقات الجوائح، فما بالكم بأوقاتها وظروفها؟، فضلًا عن كل ما هو متاح من الذكر وقراءة القرآن، كما أن قيام الليل غير محصور في المسجد، فقم في بيتك واجتهد أقصى طاقتك، فضلًا عن واجب الوقت من التكافل والتراحم وإطعام الطعام وإغناء الفقراء في هذه الأيام، سائلين الله أن يبلغنا وإياكم ليلة القدر وأن يرزقنا فيها القبول وأن يعجل بزوال هذه الجائحة عن مصرنا العزيزة وسائر بلاد العالمين، وأن يرزقنا وإياكم حسن الفهم وحسن القبول.
صلاة التهجد في المساجد من الخميس المقبل
لم تترك وزارة الأوقاف، اليوم، يمر، دونما تتخذ قرارًا من شأنه تقليل حدة الهجوم على القرارات الأخيرة التي أصدرتها، وأعلنت في بيان رسمي لها، قبل ساعات، عن فتح جميع المساجد الكبرى والجامعة التي تقام بها صلاة الجمعة والتي بها أئمة من الأوقاف أمام المصلين في صلاة التهجد بدءًا من ليلة السابع والعشرين من رمضان، ليلة الخميس القادم حتى نهاية الشهر الفضيل، مع الاستمرار في عدم السماح بالاعتكاف بناء على ما قررته لجنة إدارة أزمة الأوبئة والجوائح الصحية، آملين أن يأتي رمضان القادم، وقد رفعت كل القيود عن المساجد وغيرها من جميع مفاصل الحياة.
أضافت الأوقاف في بيانها :«إننا نسأله سبحانه وتعالى أن يُعجل برفع البلاء عن البلاد والعباد حتى نتمكن من رفع جميع القيود عن المساجد وغيرها في القريب العاجل، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وذلك في ظل حرص وزارة الأوقاف على تهيئة الأجواء الإيمانية في هذا الشهر الكريم، وبناء على عرض وزارة الأوقاف على لجنة إدارة أزمة الأوبئة والجوائح الصحية وموافقة وزارة الصحة وجميع الجهات الممثلة في اللجنة.
وطالبت الوزارة في بيانها جميع المديريات والإدارات عمل اللازم في هذا الشأن وتكليف الأئمة الذين يقومون بصلاة التهجد بدءًا من ليلة الخميس السابع والعشرين من رمضان حتى نهاية الشهر الفضيل.