تتفاقم الأزمة الإنسانية في السودان يوماً بعد يوم، وسط تحذيرات متزايدة من أربع منظمات دولية بينها الأمم المتحدة، برنامج الغذاء العالمي، ومنظمة أطباء بلا حدود من أن الوضع بلغ مرحلة 'كارثية' خاصة في ولايات دارفور وكردفان، حيث يعيش المدنيون بين فكي الجوع والنزاع.
ففي أحدث بياناتها، وصفت المنظمات الوضع في الإقليمين بأنه 'الأسوأ منذ عقود'، مؤكدة أن ملايين السودانيين مهددون بالمجاعة بعد أن دُمرت سلاسل الإمداد وانعدمت الخدمات الصحية الأساسية. وأشارت التقارير إلى أن مناطق واسعة في غرب السودان أصبحت خارج نطاق المساعدات، بعد تصاعد المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع، ما جعل الوصول إلى المحتاجين شبه مستحيل.
الأمم المتحدة تحذر من وضع كارثي
أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، نقلاً عن المنظمة الدولية للهجرة، أن أكثر من 3000 شخص في ولاية شمال دارفور، ونحو 1200 شخص في ولايتي غرب وجنوب كردفان بالسودان، نزحوا من منازلهم خلال أسبوع بسبب العمليات القتالية.
وأكد مكتب الأمم المتحدة أن 'العنف يؤدي إلى موجات جديدة من النزوح في مختلف مناطق السودان'، موضحاً أن أكثر من 3000 شخص أُجبروا على الفرار من منازلهم في شمال دارفور خلال الأسبوع الماضي، بمن فيهم 1500 شخص من عاصمة الولاية المحاصرة الفاشر، و1500 آخرون من قرية أبو قمرة.
وأشار المكتب إلى أن 'المدنيين في السودان يتحملون وطأة العنف المستمر'، داعياً إلى 'وقف القتال الفوري وحماية المدنيين'، فضلاً عن ضمان وصول المساعدة الإنسانية إلى جميع المحتاجين.
وقد ذكرت منظمة الهجرة الدولية، أمس الاثنين، أن موجة النزوح الأخيرة وقعت خلال الفترة من 15 إلى 19 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، بسبب تفاقم الوضع الأمني واستمرار المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في المدينة ومحيطها.
وأوضحت أن النازحين توزعوا في مواقع متفرقة بمنطقتي الفاشر والطويلة شمال دارفور، مشيرة إلى أن 'الوضع لا يزال متوتراً ومتقلباً، ما ينذر بتفاقم الأزمة الإنسانية'.
من جانبها، قالت المنسقية العامة للنازحين واللاجئين في دارفور (أهلية)، الأحد، إن مئات الأسر الفارة من الفاشر وصلت منطقة طويلة شمال الولاية، تحت 'أوضاع إنسانية مأساوية'.
الوضع في كردفان
كشف تقرير صادر عن Office for the Coordination of Humanitarian Affairs (OCHA) يحذر من “أزمة إنسانية متفاقمة” في مناطق شمال وجنوب وغرب كردفان، تشارك فيها خطوط القتال المتغيرة والحصار على ممرات الإغاثة.تتحدث المنظمات عن انهيار شبه كامل للنظام الصحي، ونقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، فيما تسجل المستشفيات الميدانية أعداداً متزايدة من الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد. أما في دارفور، فالوضع الأمني يزداد سوءاً مع تجدد الاشتباكات التي أجبرت آلاف العائلات على النزوح نحو تشاد وجنوب السودان.
وقالت الأمم المتحدة إن أكثر من 25 مليون سوداني يحتاجون إلى مساعدات عاجلة، بينهم نحو 5 ملايين يواجهون خطر المجاعة الفعلية، محذّرة من أن استمرار القتال سيؤدي إلى 'كارثة إنسانية غير مسبوقة في المنطقة'.
تقرير منظمة أطباء بلا حدود
من جانبها، حذّرت منظمة أطباء بلا حدود من أن فرقها لم تعد قادرة على الوصول إلى بعض المناطق في دارفور وكردفان، بسبب الهجمات المتكررة على القوافل الإنسانية، بينما أكد برنامج الغذاء العالمي أنه اضطر لتعليق عملياته مؤقتاً في عدد من المدن بسبب انعدام الأمن.
وتشير تقديرات المنظمات إلى أن أكثر من 10 مليون شخص نزحوا داخلياً منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، في أكبر موجة نزوح في العالم حالياً. ومع غياب أفق سياسي للحل، يبدو أن معاناة السودانيين مرشحة للتفاقم، وسط صمت دولي متزايد وعجز إقليمي عن احتواء المأساة.