عقد الرئيس الصيني، شي جين بينغ، اليوم، اجتماعا حكوميا طارئا أخبر خلاله المسؤولين أن البلاد تواجه "وضعا خطيرا" لأن الفيروس التاجي الجديد "ينتشر بشكل متسارع"، وذلك في وقت يقضي أكثر من 50 مليون شخص العطلة الأكثر أهمية في الصين تحت الحجر الصحي الكامل، حيث توسع بكين من قيود السفر في محاولة لمنع انتشار فيروس كورونا القاتل.
وأكد المسؤولون اليوم السبت، رأس العام القمري الجديد، أن عدد القتلى من جراء تفشي الفيروس قد بلغ 41 شخصا، فيما أصيب أكثر من 1200 آخرون. وكان من بين الضحايا الطبيب الذي عالج الأشخاص المصابين بـ كورونا؛ فقد ذكرت وسائل الإعلام الحكومية أن ليانج وودونج، 62 عاماً، توفي صباح اليوم. ووفقا لموقع "تشاينا جلوبال تايمز" أيضا، فقد توفي طبيبا آخرا كان يعالج المرضى في ووهان متأثرًا بنوبة قلبية في وقت لاحق من اليوم.
وفي بكين، تم تأكيد خمس حالات جديدة، وفقا للإذاعة الوطنية الصينية، بما في ذلك اثنين من المرضى الذين لم يسافروا مؤخرا إلى مقاطعة هوبى، مركز تفشي المرض. ولكن في جميع الحالات السابقة التي سُجلت في العاصمة، قيل إن المرضى زاروا المقاطعة.
وتأكد الآن أن الفيروس وصل إلى أستراليا وماليزيا، في حين أكدت فرنسا أمس الجمعة أن هناك ثلاثة أشخاص أصيبوا أيضا. فيما تخطط كل من فرنسا والولايات المتحدة لإجلاء المواطنين المحاصرين في ووهان، عاصمة مقاطعة هوبى، مركز تفشي المرض.
إلى ذلك، أعلنت هونج كونج، التي أكدت خمس حالات إصابة بالفيروس، عن بداية حالة الطوارئ اليوم، وقالت إنها ستُبقي المدارس الابتدائية والثانوية مغلقة لمدة أسبوعين إضافيين بعد الإجازة.
وأجرى عدد متزايد من المطارات في جميع أنحاء العالم فحوصات لتحديد هوية المتضررين، على الرغم من أن فعالية مثل هذه التدابير قد تم التشكيك فيها؛ فقد أشار مقال نُشر في مجلة "لانسيت" الطبية، استنادًا إلى عائلة كانت قد زارت مؤخرًا ووهان، المدينة الواقعة في وسط الإقليم مركز تفشي المرض، إلى أنه من الممكن أن تُصاب بالمرض بينما لا تعاني من أي أعراض له.
وفي جميع أنحاء الصين، ألقت إجراءات منع السفر المفروضة على ما لا يقل عن 17 مدينة، وإلغاء الأحداث الاحتفالية الكبرى، في جميع أنحاء الصين، بظلالها على عطلة العام القمري الجديد. وفي محاولة لمنع المرض من الانتشار أكثر، تم إغلاق جزء من سور الصين العظيم، وتم إلغاء معارض معبد بكين، وهو تقليد يمارس خلال هذه العطلة. فيما أعلن منتجع شنجهاي ديزني لاند أيضا أنه سيُغلق إلى أجل غير مسمى.
وتتصاعد المخاوف من أن يكون العام القمري الجديد، الذي يخرج خلاله مئات الملايين من الناس في إجازة أو لزيارة أقاربهم، قد ساهم في انتشار الفيروس في جميع أنحاء الصين وخارجها؛ حيث تأثرت حتى الآن 29 مقاطعة ومدينة في الصين بالفيروس، وتم الإبلاغ عن حالات أخرى في كوريا الجنوبية واليابان وسنغافورة وماكاو وتايوان وتايلاند وفيتنام. بينما أبلغت أمريكا أنها سجلت حالة ثانية.
وفي ووهان، تم تشديد القيود اليوم، فقد حظر المسؤولون سير معظم المركبات على الطرق. وتم إغلاق محطات القطارات والمطارات ومحطات السكك الحديدية منذ بدء الحجر الصحي صباح الخميس أمس الأول.
من جانبها، ذكرت وكالة أنباء الصين الرسمية (شينخوا)، أن مستشفيات المدينة (ووهان) تواجه نقصا في الأسِرّة ومعدات الاختبار ولوازم أخرى، وأن 450 طبيبا عسكريا وصلوا في وقت متأخر أمس الجمعة للمساعدة في علاج المرضى.
وقالت "شينخوا" إن وزارة التجارة تشرف على عملية تزويد ووهان بأكثر من مليون كمامة وما إلى ذلك من المنتجات من أماكن أخرى في البلاد.
وتظهر لقطات مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي يبدو أنها التقطت داخل مستشفيات المدينة، انهيار الموظفين وقوائم الانتظار الطويلة للسكان الذين ينتظرون إجراء الفحوصات.
ونقلت صحيفة "الجارديان" البريطانية، عن مرضى قولهم إن المستشفيات قد رفضت الناس وأن أقاربهم لم يتمكنوا من إجراء اختبار لمعرفة ما إذا كانوا أصيبوا بالفيروس أم لا.
ووفقا للصحيفة البريطانية، فقد أُعلن اليوم أنه سيتم بناء مستشفى ثان لعلاج مرضى الفيروس التاجي. ولقد بدأ العمل بالفعل في بناء مستشفى يضم 1000 سرير في 10 أيام.
كانت شوارع ووهان مهجورة لعدة أيام، مع بقاء معظم السكان في منازلهم يتابع الكثير منهم وسائل التواصل الاجتماعي، حيث كانت هناك الكثير من مقاطع الفيديو والتكهنات، التي لم تخلو من المعلومات الخاطئة.
ونقلت "الجارديان" عن أحد سكان ووهان، ويدعى "وانج"، الذي تحدث لها قبل تطبيق حظر المرور، قوله: "عند النظر من النافذة كل يوم، أستطيع أن أرى فقط سيارة أو اثنين أو أحد المارة في الشارع؛ فالشوارع أصبحت مهجورة نسبيًا، مضيفا "الآن، وفي الليل، تحولت ووهان أشبه ما يكون إلى مدينة أشباح".
وبحسب الجارديان، فقد واجه السكان الذين غادروا المدينة قبل فرض الحجر الصحي، العداء في أماكن أخرى من الصين، حيث يُنحى باللائمة عليهم في انتشار الفيروس.
وقال "وانج" إنه من المفهوم أن الناس فكروا بهذه الطريقة، لكنه أضاف أن سكان ووهان كانوا "أكبر ضحايا البيروقراطية"، مشيرا إلى أن "المعلومات كانت مخفية عن الجميع"، معتبرا أنه "ولأن معظم الناس يعتقدون أن المعلومات الرسمية صحيحة، فإنهم عندما يتم الإعلان عن ظهور المرض المفاجئ والمدينة مغلقة، يشعرون بالهلع بسهولة من الوضع".
من جهته، قال شي تشن، أستاذ في كلية الصحة العامة بجامعة ييل لـ"الجارديان": "لا نعرف إلا القليل عن أصل هذا الفيروس، وكذلك نعرف القليل جدًا عن سرعة انتقال العدوى ومتى يبدأ انتقالها".
يذكر أن هذا الفيروس يندرج ضمن فصيلة الفيروسات التاجية، والتي تشمل "السارس" وكذلك الفيروسات التي لا تسبب أسوأ من نزلة برد.