"جواز وخراب بيوت".. "جهاز العروسة" بالغربية يُكلف الأهالي ملايين الجنيهات.. "زفة العِزال" آخر التقاليع.. و50 ألف جنيه لـ"الصباحية والسبوع والأربعين"

جهاز العروسة بالغربية
جهاز العروسة بالغربية

هناك عادة دأب أهالي محافظة الغربية على فعلها مع الفتيات اللاتي يُقدمن على الزواج، وتسمى «زفة العِزال»، وهذه العادة تتسبب فى الكثير من الخلافات والضغائن بين الفتيات فى الكثير من قرى المحافظة، والتى مازالت متمسكة بالكثير من الطقوس القديمة المتعلقة بـ«شوار العروس»، حيث يختلف الاحتفال باقتراب موعد الزفاف من مكان إلى آخر؛ إلا أن أهل الريف مازالوا متمسكين بهذه العادة رغم محاولات البعض التخلص منها لأنها مكلفة، كما أن معظم الأهالى لاسيما الطبقات المتوسطة والأقل تعليمًا يحرصون عليها.

جهاز العروسة بالغربيةزفة العِزال

«زفة العزال»، هي عادة يستعرض فيه العروسان مقتنيات عش الزوجية من خلال زفة كبيرة يخرج فيها الأهالي وعدد ضخم من السيارات أو الجرارات الزراعية وربما العربيات الكارو، مصحوبة بفرقة موسيقية تلف أرجاء الحى أو ربوع القرية.

يقول محمد عزام، أحد أهالى قرية الجابرية بمركز المحلة الكبرى: «يسير في زفة العفش أو العِزال، مجموعة سيارات تمتلئ بجهاز العروس وأثاث مسكن الزوجية، إضافة إلى سيارات أخرى مكتظة بالسيدات اللاتي يرددن الأغانى التراثية ويطلقن الزغاريد، ويكون برفقتهم فرقة موسيقية، ويتقدم هذا الموكب فى الريف العريس وهو يمتطى الحصان؛ أما في المدينة فغالبًا ما يتقدم الموكب فرقة المزمار، ويمتزج صوت الزغاريد بأصوات الكلاكسات وأغانى النساء خلف الفرقة الموسيقية، وتمتلئ شرفات المنازل بالنساء والأطفال الذين يتابعون عفش العروس، ويتأملون في اشكال وأعداد المفروشات والأواني وأنواع الأجهزة الكهربائية».

جهاز العروسة بالغربية

«عزام»، أكد أن التقليد هو الكارثة؛ حيث «تنظر كل عروس إلى صديقاتها وشوارهن، وتتباهى كل فتاة مقبلة على الزواج بما أتت به من منزل أبيها، وبالتالي تتفنن الأخريات فى التفوق على من سبقتها حتى وصل الحال للمغالاة فى الجهاز والشوار، ووصل ثمن جهاز العروسة وحدها لمئات الآلاف من الجنيهات، وهو ما تسبب في تفشي ظاهرة الغارمين والغارمات، وغالبية هؤلاء يكونوا من الآباء والأمهات الذين يضطرون إلى شراء متطلبات بناتهم عن طريق التوقيع على ايصالات أمانة لعدم امتلاكهم المال الذي يمكنهم من دفع نفقات المتطلبات المبالغ فيها التي يحتاجها زواج البنات، ولا يستطيعون السداد فيما بعد فيلقون في السجون».

جهاز العروسة بالغربيةتكاليف باهظة

فاطمة نواس، إحدى الأمهات، تشير إلى أن متطلبات الزفاف تغيرت عن الماضي، وأصبح الأمر مكلفًا بدرجة جعلت الأسر تشعر بالرعب عند اقتراب بناتهن من سن الزواج؛ قائلًة: «زمان كان الشوار حلتين وصنية عشاء وكام طبق ومعالق سنبلة من سوق النحاس فى السيد البدوى، والبندرية تشترى ألمونيا، وبنت العمدة كانت الوحيدة اللى عندها طقم الشربات المذهب، وأنا لما تزوجت دفع زوجي مهرًا لوالدي قيمته 200 جنيه، وهو المبلغ الذي اشترينا به كافة مستلزمات منزل الزوجية، وبدل البوتجاز كان وابور الجاز الصغير والكبير، وطشت نحاس بديل للغسالة، ومصفاة بأرجل ألمونيوم تقوم بعمل الخلاط، والشباك كان بديل صحي للثلاجة؛ فكنا نطهو الطعام ثم نغطيه بقطعة شاش من قماش الغزل ونتركة فى الهواء كي لا يفسد».

جهاز العروسة بالغربية

السيدة فاطمة، أوضحت: «في الوقت الحالي الفتيات تتسارع على الشراء، وظهرت الغسالة الأتوماتيك والفول أتوماتيك، والثلاجة النوفروست، وغيرها من الأدوات، ومنذ أيام فوجئت بابنتى نجوى، والتي تستعد الآن للزفاف، وهي منهارة من البكاء أثناء حزم جهازها، والسبب أنها نسيت شراء طاقم فناجين القهوة بودن شمال، وهو ما أثار غضبى، حيث أنها لم تراعي أن والدها تكلف مصاريف لا طاقة له بها في شراء مسلتزمات جهازها، ومازال أمامنا مصاريف إطعامها وجميع من يقطنون في بيت حماها لمدة 10 أيام، ويأتي بعد ذلك موسم السبوع والأربعين يوم، وتخزين مسكن الزوجية والحبوب وغيرها من طيور وما إلى ذلك».

جهاز العروسة بالغربية

واختتمت حديثها قائلة: «نريد من كبار العائلات مراعاة ظروف الشباب وارتفاع الأسعار، والاقتصاد في نفقات الزواج، ولابد من تربية بناتنا على القناعة وعدم المغالاة، فبعض الفتيات قد يصل جهازها لأكثر من 200 ألف جنيه، إضافة إلى تكاليف الصباحية والسبوع والأربعين، والتى تصل إلى ما يزيد عن 50 ألف حسب عادات كل قرية؛ ففي المحلة الكبرى - على سبيل المثال - لابد وأن تقدم العروسة هدايا لوالدة ووالد العريس وأشقائه وكل أفراد الأسرة، كما تقدم صينية العشاء أو "حلة الاتفاق" لوالدة العريس مماثلة لعشاء العروس، والتى يغالي البعض فيها وتصل تكلفت الأطعمة التي عليها لآلاف الجنيهات، ولا يتحمل كل هذا إلا أهل العروس».

جهاز العروسة بالغربية

مبادرات لا تنفذ

أما أحمد بركات، أحد شباب قرية محلة حسن؛ فيقول: «بسبب التكاليف الباهظة التي يتكلفها الشاب المقبل على الزواج، اضطر نصف شباب القرية إلى السفر للدول العربية، ليكون نفسه ويبني مستقبله، ويستطيع بناء عش الزوجية، ومن هنا تأتي المشكلة؛ فكل عروس تحلم بأن يكون عندها مثل الجهاز الذي شاهدته فى منزل صديقتها أو جارتها دون مراعاة لظروف أسرتها، وهو ما لا نستطيع توفيره وخاصة فى ظل الظروف الراهنة من ارتفاع الأسعار».

جهاز العروسة بالغربية

«بركات»، يؤكد: «منذ قرابة العام أطلق إمام المسجد بالقرية مبادرة لتقليل نفقات الزواج للتيسير على الشباب وخاصة مع ارتفاع نسبة العنوسة، ولكن لم تلقى هذه المبادرة أى رواج أو ترحيب من الأهالي، حيث اكتفى الكثيرون إبداء إعجابهم بها إلا أنها لم تدخل فى حيز التنفيذ وما زالت العقول متحجرة، ويضطرون للإقتراض من أجل شراء مسلتزمات تجهيز الفتاة، كما أن الشاب يظل سنوات بعد زواجه يسدد تكاليف الأثاث لكي يرضى أهل العروس».

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
غزيرة تؤدي لـ تجمعات المياه.. التنمية المحلية تحذر من سقوط الأمطار على المحافظات