من الملك فاروق حتى عدلي منصور.. حكايات المصريين مع 12 حظرا للتجوال

حظر التجوال في مصر
حظر التجوال في مصر

كان الأمر وقتها يقتصر على الإذاعة لاستقاء أخبار البلاد، النار تلتهم المحال التجارية والمنشآت الحيوية، صارت القاهرة قطعة من الرماد، فقدت القوات الأمنية قدرتها على السيطرة، السادس والعشرين من يناير من عام 1952 كانت مصر تعيش الفوضى، والملك فاروق لا يبالي، حريق القاهرة الذي عجل بقيام ثورة يوليو من العام ذاته إضافة إلى الأسباب الأخرى والأهداف التي أعلنت عنها الثورة.

تاريخ حظر التجوال في مصر

وقتها كانت مصر على موعد مع فرض حظر تجوال في التاريخ الحديث، عندما أصدر الملك فاروق مرسوما يطالب فيه المصريين بالتزام البيوت حتى تستطيع قوات الأمن التعامل مع الوضع القائم، وسط غضب عارم من المصريين على ما آل إليه حال البلاد والعباد.

ورغم ما كتب وقيل في السير التاريخية عن أول من طبق حظر التجوال في التاريخ الإسلامي وهو زياد ابن أبيه الوالي في عهد يزيد بن معاوية خلال حقبة الدولة الأموية، إلا أن مصر لم تعرف المعنى الحقيقي والحديث لحظر التجوال إلا مع هذه الحادثة.

ويعرف الخبراء الأمنيون حظر التجوال بأنه حظر حركة الناس في سكك منطقة ما أو بلد لظروف استثنائية والتي تكون عادةً ضمن مدى زمني معين؛ كأن يفرض على سبيل المثال حظر التجوال من بعد المغرب إلى بعد الفجر. وفي العادة يفرض حظر التجوال من قبل الحكومة، وقد تلجأ السلطات إلى فرض حظر التجوال عند التهاب الموقف الميداني.

مع اندلاع ثورة يوليو عام 1952، كانت مصر على موعد مع حظر التجوال للمرة الثانية في تاريخها رغم أنه لم يكن بشكل رسمي، ولكن وقتها كانت قوات الثورة تلقي القبض على كل من يعارضها أو يقف في طريق ثورة الشعب حتى استقرت الأوضاع الأمنية في البلاد، بعدها ظلت مصر تدخل في أحداث متتالية، حتى انتهى عهد الرئيس جمال عبد الناصر بوفاته إثر أزمة قلبية، ورغم تعرضه لمحاولة اغتيال فاشلة من جماعة الإخوان إلا أنه لم يفرض حظر التجوال نهائيا، حتى رحل إلى بارئه في عام 1970 ويأتي نائبه محمد أنور السادات ليكون رئيسا للبلاد، فيحكم 7 سنوات ويكون في بداية حكمه نصر أكتوبر الذي أعاد للمصريين كرامتهم، بعدها يتجه إلى محاولة الإصلاح الاقتصادي، فيرفع الدعم عن رغيف الخبز ولكن يقابل ذلك بمظاهرات عارمة من المواطنين انتهت بأن يفرض حظر التجوال ليكون مسيطرا عن الوضع.

بعد أربع سنوات من هذا الحظر، كانت مصر على موعد مع حظر رابع ولكن هذه المرة بسبب اغتيال من فرض الحظر المرة السابقة، إذ اغتالته الجماعات الإسلامية أثناء احتفاله بذكرى نصر أكتوبر في حادث المنصة الشهير، لتتحول وقتها البلاد إلى ثكنة عسكرية قبل أن يأتي نائب السادات محمد حسني مبارك رئيسا للبلاد.

كانت الحقبة المباركية أقل أحداثا من الحقب السابقة، إذ مرت الست سنوات الأولى بأحداث قليلة، سارت الأمور نحو الاستقرار، حتى جاءت هزة عنيفة في نظام مبارك عندما انتشرت شائعات بزيادة مدة الخدمة العسكرية لضباط الأمن المركزي من 3 إلى 5 سنوات ليعلن الجنود عصيانهم ويبدأون في مظاهرات عارمة أحدثت الفوضى في البلاد، قبل أن ينزل الجيش إلى الشارع ويحكم سيطرته على الوضع، ويفرض وقتها مبارك حظر التجوال حتى هدأت الأمور مرة أخرى.

ويبدو أن هذا الحدث الضحم استفاد منه مبارك في أن يثبت أركان حكمه، وبالفعل كانت الأمور هادئة تماما في عهده إلا بعض المناوشات مع الإسلاميين الذي في الغالب كان ينتصر عليهم بإيداعهم في السجون واعتقالهم، حتى بدأ الأمر يتفكك من تحت يده في انتخابات البرلمان عام 2010 ومشاهد التزوير الشهيرة التى دفعت البعض إلى إحراق مقار للحزب الوطني ليعلن وقتها مبارك سادس حظر تجوال في تاريخ مصر الحديث، وبعدها تبدأ سلسلة من الفوضى التي بدأت بأحداث 25 يناير عام 2011، ليكون الموعد مع جمعة الغضب في الثامن والعشرين من يناير، وتعم الفوضى أنحاء البلاد اعتراضا على حكم مبارك ونظامه ليجد وقتها الرئيس الأسبق نفسه أمام فرض حظر تجوال للمرة السابعة في تاريخ مصر، ولكن لم يفلح هذا الحظر في إزاحته عن الحكم في 11 فبراير من العام ذاته.

وفي الغالب تفرض الحكومات حظر التجول لفرض السيطرة ووأد الفتن التي تنجم عن صراعات داخلية، إذ أنه في السابع من مايو عام 2011 تدخلت الحكومة لإعلان حظر التجوال في منطقة إمبابة بسبب ما سمي وقتها بالسعي إلى فتنة طائفية بسبب فتاة ارتدت عن دينها وزعم أنصارها أنها عذبت داخل الكنيسة، فازداد الأمر اشتعالا، وتتدخل الحكومة لإعلان حظر التجوال الثامن في تاريخ مصر.

الوضع في مصر هذه الفترة كان غير مستقر، إذ أنه بعد هذا الحادث بشهور وقعت أحداث ماسبيرو، وراح ضحية هذه الأحداث عددا من المواطنين، مما اضطر المجلس العسكري حينها إلى فرض حظر التجوال للمرة التاسعة في تاريخ المصريين.

وفي مايو عام 2012، احتشد متظاهرون أمام مقر وزارة الدفاع بالعباسية، حاولوا وقتها زعزعة الاستقرار واستغلال الظرف الذي تشهده البلاد من فوضى سياسية وأمنية في ذات الوقت، ما جعل المجلس العسكري يفرض حظر التجوال للمرة العاشرة بعدها هدأت الأمور قليلاً وأجريت انتخابات رئاسية أتت بالرئيس المعزول محمد مرسي، ولكن أصبح عام حكمه 'على كف عفريت' حتى وصل الأمر إلى مظاهرات عارمة في بورسعيد احتجاجا على محاكمات أحداث استاد بورسعيد ليعلن الرئيس المعزول وقتها حظر التجوال للمرة الحادية عشر.

انتفض المصريون في الثلاثين من يونيو عام 2013 ضد الاحتلال الإخواني، لينتهي الأمر بعزل محمد مرسي في الثالث من يوليو، لتعم الفوضى أنحاء البلاد مرة أخرى وحاول الإخوان الفساد في البلاد وإشاعة الفوضى، حتى حرقوا الكنائس وقتلوا الأبرياء، ومحتلين لميداني رابعة والنهضة، حتى صدر قرار بفض الاعتصامين، وبعدها على الفور حظر تجول ولكنه لم يستمر طويلا حتى عادت الأمور إلى نصابها الصحيح، وبذلك يصبح هذا الحظر هو الحظر الثاني عشر في تاريخ مصر.

واتخذت الحكومة المصرية اليوم قراراً بحظر تجوال جزئى يبدا من الساعة السابعة مساءً حتى السادسة صباحاً.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
برلماني متهمًا الحكومة بالتخبط: قسمت الشعب لطبقتين «نجيب ساويرس ونجيب منين»