المغامرات الروحية هى طريقة من طرق الاستبصار التي يقوم بها أشخاص بغرض التأكد من يقين إيمانهم بالله تعالى، وعلى الرغم من أن مصطلح المغامرة الروحية أو التجربة الروحية مصطلح حديث النشأة لم يظهر إلا على يد عالم النفس والفيلسوف الأمريكي ويليام جيمس في عام 1902 م ، إلا أن التجارب الروحية ليست جديدة على البشر بل أن ما يصلنا من الكتب المقدسة أن التجارب الروحية كانت دوما لصيقة بهؤلاء الباحثين عن اليقين وأن معظم من قاموا بتجارب روحية وجاء ذكرهم في الكتب المقدسة أصبحوا بعد ذلك من الأنبياء والرسل، ولعل أشهر من قام بتجربة روحية هو نبى الله إبراهيم عندما كان نبى الله إبراهيم يبحث عن الحقيقية في الكون وعن علاقة الكون بخالق موجود منذ الأزل، يقول المولى سبحانه وتعالي في سورة الأنعام عن تجربة نبي الله إبراهيم الروحية : ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ . وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ . فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ. فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ . فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ . إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ )
ففي سياق الصراع النفسي الذي عاشه نبي الله إبراهيم وهو يبحث عن حقيقة الكون ولم يكن قد تنبى بعد أو يرسل الله سبحانه وتعالي له الرسالة افترض نبي الله إبراهيم أنه قد لا يصل للحقيقة وقد لا يهديه ربه اليه، فقال نبى الله إبراهيم عن نفسه في هذه الحالة : ( لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ). لم يخف نبى الله إبراهيم من المغامرة الروحية التي قرر خوضها، بل لم يخاف من التفكير والبحث عن الحقيقة، بل أن الله سبحانه وتعالى قد كافئ إبراهيم على مغامرته الروحية بالبحث عن الحقيقة بأن جعله نبيا مرسلا بل وجعله خليل الرحمن . حسنا ماذا لو أن شخصا آخر خاض مغامرة نبى الله إبراهيم الروحية ولم يصل لحقيقة وجود الله . ماذا سيحدث له ولعلاقته مع العالم ، يقول الطب النفسي إن الشخص الذي يختار أن يكون ملحدا يجد نفسه في نهاية المطاف ضحية وساوس نفسية ويدخل في دائرة من الشك في كل ما حوله من حقائق أو أشخاص، بل أن الطب النفسي يشير في كثير من الدراسات التي تنتمي إلى فرع علم نفس التدين إن الملحد هو شخص لديه اضطرابات ويعانى من الحزن والاكتئاب والضياع، بسبب خبرات حياتية مر بها فى حياته أدت بدورها تشكيل فكرته عن الدين بأنها فكرة غير واقعية وأنه لا يوجد يقين في العالم وهو ما يجعل مثل هذا الشخص يتشكك فى كل شىء وفي كل الناس من حوله نتيجة ضعف الإيمان وعدم رسوخ العقيدة بداخله. وهذه المشاعر نفسها هى التي قد يكون نبى الله ابراهيم قد عبر عنها عندما قال عن تجربته في البحث عن الحقيقة : ( لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ)