يقول المولى سبحانه وتعالي في كتابه العزيز : أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ. وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ ۚ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ . فهل يحاسب الله سبحانه وتعالى الناس على النوايا التي تكمن في الصدور ؟ أم أم يحاسبهم على الأفعال التي تتعدى النوايا الكامنة في الصدور إلى الأفعال ؟ في كل التفاسير الشهيرة التي تعرضت لتفسير هذه الأية الكريمة توسع المفسرون في شرح ما يتعلق بهذه الآية من ألفاظ ومعاني، ولكن تفسير ابن كثير كان الأقرب لتفسير ما جاء في الآية بما يزيد عن تفسير معنى الألفاظ، فيقول ابن كثير : اعتقد المنافقون أن الله لا يكشف أمرهم لعباده المؤمنين ؟ بل سيوضح أمرهم ويجليه حتى يفهمهم ذوو البصائر ، وقد أنزل تعالى في ذلك سورة ' براءة ' ، فبين فيها فضائحهم وما يعتمدونه من الأفعال الدالة على نفاقهم ; ولهذا إنما كانت تسمى الفاضحة . والأضغان : جمع ضغن ، وهو ما في النفوس من الحسد والحقد للإسلام وأهله والقائمين بنصره .
اقرأ أيضا .. مغامرة روحية .. هل هناك دليل علمي واحد على أن الله غير موجود ؟
ولكن مع ذلك فإن هذه الآية تظهر أن السلوك البشري هو الهدف الرئيسي لآيات القرآن وكيفية تعديله وإصلاحه وتحويله للسلوك القويم الذي يتماشى مع شريعة الإسلام، ومن خلال شريعة الإسلام ومدرسة القرآن وآياته المحكمات والسنة النبوية الشريفة أصبحنا نحلل ونفسر ونتعلم منها ونستوضح معالم المنافقين وسماتهم وشرح لنا ماهية العلاقة العكسية التي نشأت بين الإسلام والمنافقين. ويتصل بذلك أيضا الغلو والتكفير وما تأتى منه من المساوئ عبر التاريخ سبب تشويها في معالم الأمم وكيف أنه كان إثم على كل من اقترفه وكيف أن الغلو كان ولا يزال عند البعض نظام حياة ووتيرة ومنهج ينتهجونه معتقدين أنهم يسيروا على الشريعة والدين الصحيح ولكنهم يحذون حذو الجهلاء ومنذ العصور القديمة للصحابة وأتباع النبي عليه أفضل الصلاة والسلام وقد اتبع البعض الغلو والتكفير وما نتج عنه من مصائب وكوارث جسيمة وهو غلو في الفكر والعمل والاعتقاد والحياة بأكملها، هو نمط يسير عليه الإنسان طوال حياته يفسد عليه محللاته ويدخل عليه الهم والحزن واليأس بدون جدوى.