يقول المولى سبحانه وتعالى في سورة الأنفال قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِن يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ . فما سبب نزول هذه الآية ؟ وما هى سنة الأولين التي تقصدها الآية ؟ جاء في تفسير هذه الآية : إن ينتهوا: الانتهاء عن شيء معلوم دل عليه وصف الكفر هنا وآثاره من الإنفاق للصد عن سبيل الله. سلف: أي مضى والسلف المتقدم وأصل سلف تقدم وسبق. وإن يعودوا: العود الرجوع إلى ما هم فيه من مناوأة الرسول وقتال المسلمين.قوله تعالى: {لِلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ}: في هذه اللام وجهان: الأول: التبليغُ، أَمَرَ أن يبلِّغهم معنى هذه الجملةِ المحكيةِ بالقول، وسواءً أوردها بهذا اللفظ أم بلفظٍ آخرَ مؤدٍ لمعناها. والثاني: أنها للتعليل. وبه قال الزمخشري ومنع أن تكون للتبليغ فقال: 'أي: قل لأجلهم هذا القولَ إن ينتهوا، ولو كان بمعنى خاطبهم به لقيل: إن تَنْتَهوا يغفر لكم وهي قراءةُ ابن مسعود. خاطبوا به غيرَهم [لأجلهم] ليسمعوه. وجملة 'إن ينتهوا' مقول القول في محل نصب، و'ما' اسم موصول نائب فاعل. وقرئ 'يَغْفر' مبنياً للفاعل، وهو ضمير يعود على الله تعالى
أما سبب نزول هذه الآية فلما كان من مشركي قريش من الصد عن دين الله تعالى وقتال المسلمين والمكابدة والعناد وإنفاق الأموال في الصد عن سبيل الله والمسجد الحرام وتجهيز الجيوش لقتال المسلمين، حيث استأجر أبو سفيان يوم أحد ألفين من الأحابيش لقتال المسلمين، وكذلك كانوا يطعمون الجيش اللحم يوم بدر حتى تكون لهم الغلبة على جيش المسلمين، فقد بين الله تعالى ضلالهم وما سيحل بهم يوم القيامة من حشرهم في النار وجعلهم فيها، لكنه مع ذلك الترهيب بالعقاب والعذاب أعقب ذلك بالترغيب في التوبة والرجوع لله تعالى وأرشدهم إلى طريق الصواب والرشد. فقد فتح الله لهم باب الإنابة لبيان أنهم متمكنون من التدارك وإصلاح ما أفسدوا بالكفر والعناد بأمر نبيه بأن يخبرهم بهذا