حرص القرآن الكريم على أن يبين للمسلمين طرق معالجة الأمراض القلبية، ومن هذه الکبر وحقد وعجب وحسد ورياء ، وهذه المعالجة هي ما يعبر عنه الكتاب الكريم بالتزكية في مثل قوله تعالى : ( كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ویزکيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون وفي مثل قوله : ( قد أفلح من تز کی وذكر اسم ربه فصلى . ) . ويتصل بهذا ما شرعه الله تعالى لذلك ، کالاكثار من العبادات والذكر والتسبيح والنوافل وقيام ساعات من الليل ، فكل ذلك من شأنه أن يساعد المؤمن في محاولة سوق أهوائه في طريق الشريعة وأحكامها ، ويز کي النفس من الأمراض العالقة بها ، ومن أجل هذا يذكر الله عز وجل رسوله بتحقيق هذه الأحكام ، كلما اطلع منه على ما قد يعتور البشر من ضيق نفسي بسبب ما كان يعانيه من شأن الدعوة ، كقوله : ( فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ومن الليل فسبحه وأدبار السجود).
ومن الأحكام التي تحقق أعلم قسط من حاجة الروح ، ضرورة الإيمان نفسه . اذا في ايصال للروح إلى بغيته المنشودة وهي التعرف على القوى المسخرة للكون لتدين لها بالعبادة والخضوع . وتلك مصلحة كبرى لا توازيها مصالح توفير الطعام والشراب و اللذائذ والأموال ، وإن كانت هي نفسها تعبد الطريق للوصول إلى هذه المصالح الجسمية الأخرى، وهو ما يمكن اعتباره مصلحة هامة قطعا في حياة الإنسان إذا ، أن يستطيع نفض ما يعلق بفطرته الصالحة الأولى من الأمراض والأوبئة ، بقطع النظر عما يلزم ذلك من النفع المادي وهذا هو المراد بالحاجات الروحية لدى الإنسان. والتي تكفلت بها مصالح الشريعة الإسلامية . هذا كله عدا مصلحة الثواب والأجر الأخروي، فقد عده أناس في المصالح الروحية ، غير أني أرى أن شأن الثواب لا يختلف عن شأن أي ثمرة نافعة من ثمرات سعي الإنسان في هذه الحياة ، ما دمنا اعتبرنا الوحدة الزمنية التي يلتقي فيها بذر الوسائل مع حصاد النتائج ، مكونة من الدنيا والآخرة معا . والإنسان ينتظر السعادة الأخروية . سواء المادية منها أو الروحية بنفس الهوى والشهوة التي ينتظر بهما السعادة الدنيوية ما دام أنه آمن بالحياة الآخرة ايمانا لاشك فيه