يثور الجدل في أوساط فقهية حول حقيقة مذهب الأشاعرة، وسبب هذا الجدل هو أن بعض فقهاء الأشاعرة خلطوا بين أصول الفقه الإسلامي وبين بعض المسائل الفلسفية. كما أن أصول المذهب الأشعري نفسها لا تخلو من أن تتأثر في كثير من جوانبها بفكر المعتزلة، خاصة وأن مذهب الأشاعرة ينتسب إلى أبي الحسن الأشعري رحمه الله ، وقد مر أبو الحسن الأشعري بمراحل ، كان في الأولى منها معتزليا وبقي عليها نحوا من أربعين سنة ، ثم رجع عن الاعتزال، والمعتزلة فرقة إسلامية تنتسب إلى واصل بن عطاء الغزال، وقد اعتبر جمهور العلماء أن المعتزلة ليسوا من أهل السنة والجماعة وإن لم يعتبروهم خارجين عن الملة ، واختلف العلماء هل رجع الأشعري عن قول ابن كلاب إلى مرحلة ثالثة فوافق أهل السنة والجماعة موافقة تامة ، أم بقي على ذلك ولم يرجع ؟ فطائفة رأت أنه رجع إلى قول أهل السنة ، قال ذلك الحافظ ابن كثير,
والقول الثاني هو أن : أن الأشعري لم يرجع عن مذهب الاعتزال رجوعا كاملا ، وإنما اقترب من أهل السنة والجماعة في كثير من المسائل، ورجح هذا القول : ابن تيمية وابن القيم وغيرهما وأغلب الفقهاء المعاصرين من الأشاعرة ، لا يلتزمون مذهب أبي الحسن الأشعري ، بل خلطوا مذهبهم بكثير من أصول الجهمية والمعتزلة ، بل والفلاسفة أيضا ؛ وخالفوا الأشعري في كثير من أقواله ، فهم ينفون صفة الاستواء لله والعلو والنزول واليد والعين والقدم والكلام وهذه الصفات كلها يخالفون فيها الأشعري نفسه وعلى الرغم من أن للأشاعرة عقائد تخالف عقيدة أهل السنة والجماعة في القضاء والقدر ، وفي حكم صاحب الكبيرة ، وفي رؤية الله تبارك وتعالى ، ومع ذلك هم أقرب الناس إلى أهل السنة ولذا يقرر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن الأشاعرة إذا كانوا في بلد ولا يوجد غيرهم فإنهم هم أهل السنة في ذلك البلد .