نشأ الفقه في المدينة المنورة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك مصداقا لقول الله تعالى : ما كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ ، وكان النبى صلى الله عليه وسلم يعيش بين ظهراني المسلمين يرجعون له في كل كبيرة وصغيرة، الباحث في تاريخ الفقه الإسلامي محمد محفوظ يقول في دراسته بعنوان : نشأة الفقه الإسلامي أنه بعد أن مر عصر الصحابة وجاء عصر التابعين ظهر من بين هؤلاء التابعين من هم فقهاء في الدين ممن نبغوا في استنباط الأحكام، ولم تظهر بدايات الفقه إلا في القرن الثاني الهجري، ولم تتأسس مدارس الفقه إلا في القرن الرابع الهجري، كما لم تكتمل المذاهب الفقهية على ما وصلت لنا الان وهى مذهب الإمام أبوحنيفة النعمان بن ثابت (ولد80 هـ وتوفي 150هـ) ، ومذهب الإمام مالك بن أنس الأصبحي (ولد 93هـ وتوفي 179هـ).، ومذهب الإمام محمد بن إدريس الشافعي (ولد 150هـ وتوفي 204هـ). ومذهب الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (ولد 164هـ وتوفي 241هـ). بما يعني أن أحدا من صحابة النبى صلى الله عليه وسلم لم يكن شافعيا ولا مالكيا و لاحنبليا.
ويشير الباحث في دراسته إلى أن المذاهب الفقهية الأربعة ليست تجزئة للإسلام ولا إحداث تشريع جديد، وإنما هي مناهج لفهم الشريعة، وأساليب في تفسير نصوصها، وطرق في استنباط الأحكام من مصادرها الكتاب والسنة والإجماع والقياس. كما أشار إلى أن تلامذة الأئمة الأربعة بالاستمرار في تدوين كتبهم، وشرحها ونشر علمهم بين الناس، وظهر علماء آخرون في مختلف الأمصار الإسلامية وآراؤهم محفوظة في الكتب الفقهية، وأن أصول المذاهب تتميز عن بعضها بسبب اختلاف أصحابها في مناهج الاجتهاد والاستنباط، وليس في الأصول الكلية أو الأدلة الإجمالية. إذ المنهج الاجتهادي الخاص، واختيارات كل إمام فيما يأخذ به من الأدلة التبعية، هو الذي يميز بين "أصول المذهب" و"أصول الفقه".