عادت التظاهرات للجزائر من جديد، برغم ان السلطة القديمة تقبع في السجن وبات هناك رئيسا جديدا للبلاد، ودستور جديد قادم، وهنا كان علينا إعادة النظر فيما يحدث بالشقيقة الجزائر.
كي يتضح لنا أن أخطر أعراض الخريف العربي ظهرت على الجزائر، بعد أن كشفت المخابرات الفرنسية عن لقاءات رسمية تمت بين قيادات من المخابرات التركية وكوادر من حركة رشاد(تسعى السلطات بالجزائر لتصنيفها كحركة إرهابية) مؤخرا، والعمل على دمجهم في شبكة الإخوان العرب التي تحركها المخابرات التركية، وجمعهم بالمصري أيمن نور رئيس قناة الشرق، والليبي على الصلابي رئيس قناة أحرار الليبية، وكذلك تواصل كل من محمد العربي ومراد دهينة زيتوت بإمبراطور الآلة الإعلامية الإخوانية عزمي بشارة.
بعد أن تبنت تركيا تدريب وتمويل تلك الكوادر لتمكينها من الشارع الجزائري مستقبلا، وهنا صار الأمر واضحا ان من يحرك الشارع الجزائري الأن هي المخابرات التركية.
فحال العلاقة بين تركيا والجزائرأمام الشاشة شئ وبالحقيقة شئ أخر تماما، كحال توددها لمصر الأن، فأردوغان تتسلل لقلب عبد المجيد تبون من باب العداوة بين الجزائر والمغرب، وأعلن كامل دعمه للجزائر، وفي الحقيقة ما هو إلا طعم وليس دعم، لإصطياد الفريسة به، كحال العلاقات بين أردوغان وبشار الاسد قبل 2011م، والتي كانت في ظاهرها ممتازة، وفي حقيقتها خبيثة ومعادية لسوريا.
والان تسعى تركيا لضمان وجودها في غرب ليبيا، فكان عليها تأمين الظهير الغربي لليبيا (الجزائر)، بعد أن ضمنت إن عبد الحميد الدبيبة لن يخلع عباءة فايز السراج، عبر زيارته لتركيا الأثنين الماضي، بصحبة 15 من وزرائه وتسليم كامل كعكة إعادة الإعمار في غرب ليبيا على الأقل لتركيا حصرا، وتأكيده على عدم المساس بالاتفاقات العسكرية واتفاقات ترسيم الحدود البحرية التي تمت بين تركيا والسراج.
والأدهى من ذلك وصف أردوغان خلال مؤتمره الصحفي مع الدبيبة للمشير حفتر بالإنقلابي، في الوقت الذ كان يعد فيه الدبيبة مزايا الاتفاقات التي وقعت مع الترك لصالح أردوغان، بينما لم يتطرقا للمعضلة الأكبر في ليبيا والتي سببها تركيا، وهو مصير المرتزقة السوريين والتركمان، كي يذهب أردوغان لما هو أبعد من ذلك ليصرح، قائلا: "قد نرسل قوات الى ليبيا في حال طلب حكومة طرابلس ذلك"
وكل ما سبق ليس مفاجئ، فالدبيبة معروف بميوله لتركيا، وكذلك تأثير أبن عمه إبراهيم علي الدبيبة عليه، وعلاقة إبراهيم بالسراج أولا، والمخابرات التركية ثانيا، فآل الدبيبة وفايز السراج عجينة واحدة، وابراهيم علي الدبيبة ووالده الملياردير علي الدبيبة لديهم اكثر من 25 شركة مسجلة في بريطانيا وحدها، وعدد قد يكون أكبر في قضايا غسيل الأموال، وعلاقته قوية جدا مع الصديق الكبير وعلي الصلابي المتورطين في إهدار أموال الشعب الليبي ودعم الإرهاب هناك.
كما أن زيارة الدبيبة الخارجية الأولى بعد توليه سلطته الجديدة في البلاد جائت لتركيا أولا بشكل سري، قبل العلنية لمصر 18 فبراير الماضي.
لذلك كان تحرك مصر على رقعة شطرنج شمال أفريقيا لجذب الظهير الغربي الأخر لليبيا (تونس) خطوة ذكية جدا، كي لا تنفرد تركيا بالظهير الغربي للدولة الليبية تماما، في ظل حالة الضبابية السياسية لدى القيادة الجزائرية في التعامل مع الملف الليبي ومصر، بالتزامن مع استمرار حلقات المسلسل التركي الباهت "التطبيع مع مصر"، ومن هنا أيضا كان سر حضور وزير الخارجية اليوناني ببنغازي في نفس وقت حضور الدبيبة بتركيا.