يتواصل الصراع المسلح في إثيوبيا بين قوات حكومة رئيس الوزراء، أبي أحمد، وقوات إقليم تيجراي المتمردة على السلطة المركزية، مخلفا آلاف القتلى ونحو مليون مشرد، فماذا يجري هناك؟
لا يعرف الكثيرون تفاصيل وخلفيات القتال العنيف المتواصل داخل إثيوبيا منذ عدة أشهر بين قوات حكومة أديس أبابا المركزية وقوات "جبهة تحرير تيغراي الشعبية" لأسباب عديدة، إلا أن أنباء تورط إريتريا في هذا الصراع، وسقوط أعداد كبيرة من القتلى، علاوة على تواصل أزمة سد النهضة بين بلد المنبع إثيوبيا، ودولتي المصب، السودان ومصر، زاد من الاهتمام الدولي بهذا الصراع والقلق من اتساعه.
يشار إلى أن تيجراي هي منطقة تقع أقصى شمال إثيوبيا، على الحدود مع إريتريا، ويبلغ عدد سكانها نحو 7 ملايين نسمة.
وتوصف المجموعة العرقية التي تقطن المنطقة بأنها تمثل حوالي 6٪ من سكان إثيوبيا، وأنها تتميز بأن لها دور كبير في الشؤون الوطنية.
وكانت قوات حكومة الإقليم التي تسيطر عليها الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، قد شنت هجوما واسع النطاق باستخدام الدبابات والمدافع الثقيلة أوائل نوفمبر العام الماضي، وطوقت قاعدة "سيرو" قرب الحدود الشمالية للبلاد مع إريتريا.
وبعدها تفجر الصراع المسلح، بعد أن أمر رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، الذي وصف هجوم الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي بـأنه "خيانة لن تنسى أبدا".
وكانت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي قد تأسست في الأصل في سبعينيات القرن الماضي بهدف الضغط لحصول منطقة تيغراي على حق تقرير المصير.
وفي وقت لاحق أصبحت الجبهة من اللاعبين الرئيسين في تحالف الأحزاب السياسية العرقية المعروف باسم "الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية للشعب الإثيوبي" التي قادت الحكومة الإثيوبية لما يقرب من ثلاثة عقود.
يشار إلى أن رئيس الوزراء الإثيوبي الذي وصل إلى السلطة في عام 2018، كان قد حلّ حزب الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية للشعب الإثيوبي، بهدف القضاء على الانقسام العرقي، وسعى لدمج التحالف في حزب جديد، إلا أن الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، رفضت الخطوة، وعادت إلى قواعدها في مناطقها.
وبعد اندلاع القتال في نوفمبر، استولت قوات الدفاع الوطني الإثيوبية الحكومية بسرعة على العديد من المدن الرئيسية في تيغراي، بما في ذلك ميكيلي العاصمة الإقليمية، التي يبلغ عدد سكانها حوالي نصف مليون نسمة.
وعقب ذلك أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي انتهاء المرحلة الرئيسة من الصراع، إلا أن الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي لا تزال تسيطر على مساحات واسعة من منطقة تيغراي، فيما تقول أديس أبابا إنها تشن هجومها الأخير على هذه الجماعة.
ظهر التصدع بين الحكومة المركزية وسلطات منطقة تيغراي، باتهام أبي أحمد الجبهة الشعبية لتحرير تيغري بأنها تسعى إلى زعزعة استقرار إثيوبيا من خلال تنظيم عنف عرقي في جميع أنحاء البلاد.
أما الحدث الذي أشعل فتيل الصراع، فتمثل في تأجيل إجراء أول انتخابات ديمقراطية في البلاد كان قد وعد بها رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، وذلك على خلفية جائحة "كوفيد – 19".
بالمقابل، اعترضت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي على تأجيل الانتخابات واعتبرتها تمديدا غير دستوري لولاية أبي أحمد، وذهبت أبعد بإجرائها انتخابات في منطقتها، وأعلنت أنها فازت بها، فيما عدت حكومة أبي هذه الانتخابات باطلة، وتبادل الطرفان رفض شرعية الآخر، قبل أن ينفجر الصراع بهجوم قوات الجبهة على قاعدة سيرو الحكومية في المنطقة.
اللافت أن هذا الصراع اشتد وأصبح يهدد بتمدده بتدخل قوات جمهورية إرتيريا المجاورة فيه ضد قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، وشنها هجمات وصفت بالعنيفة والدموية داخل المنطقة المحاذية لحدودها.
حدث ذلك بعد أن تحالفت أسمرة (عاصمة إرتيريا) مع أديس أبابا، بعد حرب استقلال خاضتها إريتريا، وعقود من العداوة بعد ذلك، وحربين كبيرتين بين البلدين خلفت آلاف القتلى.
وفيما تنفي أسمرة وأديس ابابا تدخل قوات إريترية في القتال، تحدثت تقارير عما وصفت بمذابح ارتكبتها قوات أريتريا خلال هجماتها على إقليم تيغراي، دعما للحكومة المركزية الإثيوبية