أخبار سارة بالتأكيد، حملتها دراسة لجامعة ساوث هامبتون البريطانية عن فعالية الجرعة المعززة للقاحات المضادة لفيروس كورونا، لكل من حصل على جرعتين من اللقاح أصلا، وهم أقلية في العالم حسب الإحصاءات.
الدراسة التي شملت حوالي 3 آلاف متطوع، وأجريت قبل ظهور المتحور أوميكرون، بينت أن لقاحي فايزر ومودرنا هما الأعلى تأثيرا، من بين سبعة لقاحات أخرى شملتها وثبت أنها جميعا تعزز المناعة وإن اختلفت الدرجة.
الجرعات المعززة كانت ناجحة أيضا في تعزيز المناعة، بين المشاركين في الدراسة، فوق سن السبعين أو دونه.
وحسب ما خلصت إليه الدراسة فإن الجرعات المعززة من شأنها أن تحد من خطر الإصابة بفيروس كورونا بنسبة تزيد عن 93% بين البالغين، لكن مصادر طبية حذرت من الإفراط في تأويل نتائج الدراسة، لأنها ستعني أيضا أن الجرعات المعززة قد تصبح أمرا سنويا لحين الوصول لعلاج دائم من فيروس كورونا بمتحوراته.
ماذا عن أوميكرون ؟
في مقابلة مطولة مع 'بي بي سي' قال البروفيسور ساول فاوست، قائد فريق الدراسة التي صدرت عن مستشفى جامعة ساوث هامبتون:
'هذه الدراسة كشفت لنا أن استجابة الخلايا المناعية ، أي T cell التي تهم بالتصدي للفيروسات، لمتحورات كورونا بيتا ودلتا ومتحور ووهان الأصلي، كانت استجابة متنوعة. فاللقاحات الحالية - موضع الدراسة- تعمل كلها بكفاءة ضد متحورات كورونا. هذا الأمر يغمرنا بالأمل في أن تكون الاستجابة مماثلة عندما يتعلق الامر بأوميكرون، أرسلنا عينات المتطوعين إلى وكالة الصحة البريطانية، لكننا لا نعرف حتى الآن ما إذا كانت الجرعات المعززة ستنجح في التصدي لأوميكرون أم لا. فنحن لا نعرف حتى اللحظة، كيف سيكون تفاعل أوميكرون بين الذين تلقوا التطعيمات'.
رحلة البحث عن لقاء المتحور الجديد لم تبدأ لأن التجارب لا تزال مستمرة لتخليقه معمليا ومن ثم إخضاعه للقاحات الموجودة أولا، وحسب القائمين على الدراسة الأخيرة فإن مختبرات الحكومة البريطانية ستستخدم عينات الدم التي قدمها المتطوعون في هذه الدراسة لاختبار المتحور عليها بعد تخليقه.
وكان رئيس شركة مودرنا قد أعلن في وقت سابق عن تشاؤمه إزاء إمكانية تصدي اللقاحات القائمة لمتحور أوميكرون مرجحا ضرورة تصنيع لقاح جديد.
لكن نتائج هذه الدراسة ستعزز ثقة صناع القرار والساسة في الدول التي قطعت شوطا طويلا في تطعيم مواطنيها بجرعتين من اللقاح وأغلبها دول صناعية ومتقدمة، فيما لا تزال غالبية السكان في الدول النامية دون أي لقاحات، ما يمنح شرعية جديدة للنقاش الدائر عن 'تمييز اللقاحات'.
هل هناك خوف حقيقي من فشل اللقاحات في التصدي لأوميكرون؟
أنتجت اللقاحات كلها بناء على دراسات وأبحاث أجريت على تركيب فيروس كورونا بشكله الأصلي ومكوناته التي جرى التعرف عليها. ورغم ظهور بعض المتحورات مثل ألفا ودلتا ظل الشكل الأصلي للفيروس وبروتينه المميز على حاله في أغلب الأحيان أو طاله تغير لا يكاد يذكر.
لكن التغير الجديد في تركيب المتحور أوميكرون كان كبيراً للغاية بشكل لا يصدق، لدرجة أن عدداً من العلماء - وبينهم ويندي باركلي ، خبيرة فيروسات الجهاز التنفسي في إمبريال كوليدج لندن - قالوا إنهم يواجهون فيروسا آخر من نوع مختلف، ما يعني أن تركيب البروتين الشوكي الذي ينتج الجسم أجساما مضادة له قد تغير، وهو ما قد يشير إلى أن اللقاحات المتوفرة حاليا والتي كانت تعتمد على نسخة معينة من تركيب mRNA لفيروس كورونا والمسؤولة عن إنتاج البروتين الفيروسي سينتج عنها أجسام مضادة غير فعالة.
ونقلا عن حديث لويندي باركلي إلى صحيفة الغارديان فإن الأجسام المضادة تحمي الجسم البشري من الفيروسات عن طريق التهامها ومنعها من إصابة الخلايا البشرية. وللقيام بذلك ، يجب أن تتعرف هذه الأجسام المضادة (الناتجة عن التلقيح بأحد لقاحات كورونا) على أجزاء معينة من الفيروس.
وتلتصق معظم الأجسام المضادة للفيروس بواحد من ثلاثة مواقع على الفيروس، وهي الأماكن التي تغيرت جميعها في متحور أوميكرون Omicron ، ما يعني أن الأجسام المضادة التي تنتجها اللقاحات أو العدوى السابقة قد تكون أقل فعالية، إذ لن تتعرف على الأماكن التي يجب عليها أن تلتصق بها لتمنع الفيروس من الالتصاق بالخلايا البشرية.
كأنه فيروس جديد
وقالت باركلي : 'الشيء المختلف قليلاً حول هذا المتحور الجديد هو أنه يحتوي على متغيرات عدة، لدرجة أن جميع مواقع البروتين الشوكي التي نعرف عنها تقريبًا كل شيء قد تغيرت في هذا الفيروس'، وأَضافت أن 'هذا يشير إلى أن الأجسام المضادة التي تنتجها اللقاحات 'ستضعف قدرتها على تحييد الفيروس'، بينما أكدت أن هناك حاجة لمزيد من البحث لإثبات هذه النظرية.
وهذه النقطة بالتحديد هي ما يعمل العلماء اليوم على دراستها للتأكد من مدى فعالية اللقاحات وما ينتج عنها من دفع الجسم البشري لإنتاج أجسام مضادة ربما تكون قادرة على التصدي لأوميكرون وبروتينه الشوكي المختلف، وهو ما يتوقع أن يتم خلال الأيام القادمة.