تُعدّ التحديات الاقتصادية هي الملف الأهمّ الذي سيواجه رئيس الوزراء الباكستاني الجديد شهباز شريف، الذي يعمل حاليًّا على تجهيز كبينته الوزارية مِن خلال إجراء مناقشات مع أحزاب التحالف التي تمكّنت مِن سحب الثقة مِن رئيس الوزراء السابق عمران خان، عقب المسألة البرلمانية.
وفي أول خطاب له أمام البرلمان، قال شهباز شريف إن البلاد تتجه لتسجيل أكبر عجز في الموازنة في تاريخها، إضافة إلى عجز غير مسبوق في الميزان التجاري وميزان المعاملات الجارية، ثم عاود الكتابة على موقع "تويتر"، قائلًا "القطاعات الاقتصادية كلّها تقريبًا بقيت راكدة في عهد عمران خان".
أرقام مقلقة
أدّى عدم الاستقرار السياسي خلال الفترة الماضية إلى تقلبات غير مسبوقةٍ في المؤشّرات الاقتصادية، فخلال شهر مارس، قفزت الأسعار بنسبة 12.2%، واتّسع عجز الحساب الجاري، وبالكاد يمكن لاحتياطيات البنك المركزي حاليًّا أن تُغطّي شهرين من مدفوعات الواردات في البلاد.
وانخفضت احتياطات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي (إس بي بي) إلى 11.3 مليارات دولار بحلول الأول من أبريل، مقارنةً بـ16.2 مليار دولار في الشهر السابق، ما أدّى ذلك إلى إضعاف السوق بشكل عام، وشهد الأسبوع الأول من شهر أبريل انخفاض العملة إلى مستوى قياسي بلغ 188 روبية مقابل الدولار الأميركي، قبل أن يعود إلى مستوى 181 بعد تنصيب شهباز شريف.
ونظرًا لتوقّع معدل تضخم سنوي إجمالي يبلغ 11 بالمئة للسنة المالية الحالية، فقد رفع بنك التخطيط الاستراتيجي معدل سياسته بمقدار 250 نقطة أساس إلى 12.25 بالمئة، وستؤدّي هذه الخطوة إلى تباطؤ النمو الاقتصادي الكُلّي، وسيعاني نمو الناتج المحلي الإجمالي أيضًا، حيث من المتوقع أن تؤدّي بعض التخفيضات في استثمارات القطاع العام إلى تقليص عجز الميزانية.
زيادة التضخم
المحلل الباكستاني، السياسي رعاية الله فاروقي، يقول إنّه يُمكنك النظر في الأوضاع الاقتصادية في عهد عمران خان، الذي استمر قرابة 4 سنوات، فقد كان زيت الطهي بـ150 روبيةً للكيلوغرام عام 2018، بداية عهد خان في رئاسة الوزراء، وهو الآن بـ500 روبية للكيلوغرام.
وأضاف فاروقي، خلال تصريح خاص لـ"اقتصاد سكاي"، أنّه في جميع الخطب التي ألقاها خان في الشهر الماضي، لم يتمكّن من تقديم أي مِن إنجازاته، لأنّه لا يملك واحدًا، وفي ظل هذه الظروف، ليس لدى السيد خان ما يُعرضه للناس في الانتخابات القادمة، لذا فقد ابتكر دراما المؤامرة الأميركية، لكن 64 في المائة من المشاركين في استطلاع جالوب رفضوا هذه الدراما.
روشتة الإصلاح
الخبير الاقتصادي الباكستاني، الدكتور فقار أحمد، يقول إن الدولة تحتاج إلى العودة إلى الاحتياطات المالية التي وعدت بها في مشاوراتها مع صندوق النقد الدولي، وهو ما يعني إلغاء الإجراءات الشعبوية المختلفة بما في ذلك الإعانات غير الموجّهة المسموح بها في الكهرباء والغاز والإمدادات الغذائية.
بعد ذلك، يجب إلغاء العديد من أشكال العفو في قطاعات العقارات والبناء والقطاعات الأخرى.
ويضيف الخبير الباكستاني، في تصريح خاص لموقع "اقتصاد سكاي"، أن الشركات المملوكة للدولة في قطاع الطاقة تمتلك نصيبًا كبيرًا من إجمالي الخسائر التي تتكبدها الكيانات الحكومية، ولهذا السّبب يجب إعطاء الأولوية لإصلاحات الحكومة في هذه الشركات المملوكة للدولة، ويجب أن تمثل التعريفات في كلّ من قطاعات النفط والطاقة والغاز التكلفة الاقتصادية الحقيقية. وهذا يعني أيضًا أن الدعم في قطاع الطاقة يجب أن يكون حصريًّا للمستهلكين الذين هم شريان الحياة.
وتابع: "لن يكتسب إصلاح هذا القطاع جذورًا قويّةً إلا إذا تم السماح للهيئة الوطنية لتنظيم الطاقة الكهربائية وهيئة تنظيم النفط والغاز بالاستقلالية الواجبة، نظرًا للاعتماد المتبادل، ومِن المهمّ دمج جميع المنظّمين في مجال الطاقة. وتتمثّل إحدى طرق الحماية مِن صدمات أسعار الطاقة في تعزيز جهود الحفاظ على الطاقة وتغيير مزيج الطاقة في الوقت نفسه".
وأشار إلى أنه يجب أن يسمح البنك المركزي بسياسة نقدية ذات معدلات فائدة حقيقية إيجابية وأسعار صرف محددة من قبل السوق، ويجب على الحكومة الامتناع عن اللجوء إلى البنك المركزي لسد احتياجات الاقتراض، وسيحتاج البنك المركزي إلى ضمان تنفيذ الإجراءات التنظيمية والإشرافية، بما في ذلك تعزيز مكافحة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، والتي بدورها ستدعم الخروج من القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي، كما يعد زيادة احتياطيات النقد الأجنبي مهمًّا أيضًا لدعم احتياجات الاستيراد للاقتصاد المتنامي والحماية من صدمات الأسعار العالمية.