في خطوة قد تُقرأ على أنها محاولة لتعزيز موقفه المتأرجح داخليًا، دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس، اليوم الأحد، حركة حماس إلى التخلي عن حكم قطاع غزة وتسليم الأسرى المحتجزين لديها، مؤكدًا أن ذلك سيوقف 'هدر الدماء' في القطاع. تأتي تصريحات عباس في وقت تتزايد فيه التكهنات حول مستقبله السياسي في ظل تصاعد المعارضة ضده داخل حركة فتح وخارجها.
مطالبة حماس بالتخلي عن السلطة لإنهاء "الانقلاب"
خلال اتصال مرئي مع اللجنة الوزارية العربية الإسلامية، صرح الرئيس عباس بوضوح: 'على حماس التخلي عن حكم قطاع غزة، الذي استولت عليه بالقوة من خلال انقلابها على الشرعية الفلسطينية في عام 2007. فهذا الانقلاب يجب أن ينتهي، وأن تنتهي معه آثاره السلبية التي أضرت بالقضية الفلسطينية.' هذه المطالبة الصارمة، التي تعيد التأكيد على شرعية السلطة الفلسطينية، قد تكون محاولة من عباس لإظهار قدرته على فرض رؤيته في التعامل مع غزة، في وقت تتضاءل فيه سيطرته الفعلية على القطاع.
وقف إطلاق النار وتسليم الأسرى: شرط أساسي لـ"هدر الدم"
وأضاف عباس أن 'لا بد من تسليم الأسرى لوقف هدر الدم الفلسطيني والإفراج عن أسرانا. يجب وقف إطلاق النار بأي ثمن، وتوفير إدخال المساعدات الإغاثية والإنسانية وتولي فلسطين مسؤولياتها المدنية والأمنية في قطاع غزة.' ربط عباس بين وقف إطلاق النار وتسليم الأسرى، وهي نقاط محورية في المفاوضات الجارية، قد يُفسر على أنه مسعى لإعادة ترتيب الأوراق في المشهد الفلسطيني، وتقديم نفسه كلاعب لا غنى عنه في أي حل مستقبلي للقطاع.
شروط الانضمام لمنظمة التحرير ودلالات على التوتر الداخلي
كما جدد الرئيس عباس مطالبة حركة حماس 'بضرورة الالتزام بالتزامات منظمة التحرير الفلسطينية وسياساتها، وفق مفهوم دولة واحدة وقانون واحد وسلاح شرعي واحد، إذا أرادت أن تصبح عضوا كفصيل سياسي في منظمة التحرير الفلسطينية، وبدون هذا فإننا لا يمكن أبدا أن نقبل بعضويتها.' هذه الشروط الصارمة، والتي تضع حماس أمام خيارات واضحة، قد تكون جزءًا من استراتيجية عباس لفرض نفوذه على الساحة الفلسطينية، خاصة في ظل التقارير التي تشير إلى تزايد الضغوط الداخلية عليه، ورغبة بعض الأطراف في فتح في إحداث تغييرات قيادية.
وتابع عباس، في محاولة للتأكيد على جاهزية السلطة: 'نحن مستعدون لأن نستلم مسؤولياتنا مباشرة، بالتعاون مع الأشقاء العرب والأطراف الدولية ذات العلاقة، لأنه يهمنا أن يعم السلام والأمن في قطاع غزة، وهو شيء مهم جدا ونتمنى النجاح الكامل لجهودكم'.
الضغط على حكومة الاحتلال والأموال المحتجزة
لم يغفل عباس التأكيد على ضرورة 'الضغط على حكومة الاحتلال للإفراج عن الأموال الفلسطينية المحتجزة، والتي تبلغ حوالي ملياري دولار، وكذلك بذل الجهود الفلسطينية والعربية والدولية لتوفير الدعم المالي والاقتصادي وفق برنامج الحكومة الذي قدمته.' هذه المطالب المالية، إلى جانب المطالب السياسية، تشكل جزءًا من محاولات السلطة الفلسطينية لتأكيد وجودها ودورها كجهة وحيدة قادرة على إدارة الشأن الفلسطيني، في خضم مخاوف عباس المتزايدة من تآكل شرعيته وفقدان منصبه.