تواجه إسرائيل ضغوطًا داخلية وإعلامية متزايدة لإنهاء حربها في غزة، فبينما تستمر العمليات العسكرية تحت مسمى 'عربات جدعون'، تظهر مؤشرات واضحة داخل المؤسسة العسكرية والسياسية على أن القيادة تبحث عن مخرج من الصراع. يأتي هذا في ظل تصاعد حدة الاستنزاف البشري والمادي، وتفاقم الضغوط السياسية والإعلامية التي تهدد استمرارية العمليات وتحول الساحة الدولية إلى ساحة نفوذ تنتقد الرواية الإسرائيلية.
نقاشات داخلية حول إنهاء العمليات لا توسيعها
وفقًا لما نقله مراسل الشؤون العسكرية في القناة 13 العبرية، أور هيلر، لم يعد الحديث داخل الدوائر الأمنية والعسكرية يدور حول توسيع نطاق العمليات، بل عن كيفية إنهائها أو على الأقل تعليقها لفترة من الزمن. وقد أبلغ رئيس الأركان، إيال زامير، المجلس الوزاري المصغر (الكابينيت) خلال اجتماع مغلق بأن الجيش قد يكون قريبًا من مرحلة إعادة تنظيم. وهو موقف أكدته لاحقًا مصادر مقربة من المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إيفي دفرين، مما يشير إلى تحول في الأولويات الاستراتيجية.
تناقضات بين الإنفاق العسكري الضخم والواقع اللوجستي في الميدان
على الجبهة الداخلية، كشفت التقارير الميدانية عن تناقض صارخ بين حجم الإنفاق العسكري الكبير، الذي تجاوز حتى الآن 250 مليار شيكل (نحو 75 مليار دولار)، وبين الواقع اللوجستي المتدني الذي يعيشه الجنود في الميدان. ففي الوقت الذي يُفترض فيه توفر الآليات المدرعة بوفرة، يلجأ بعض الجنود إلى استخدام الحبال لتثبيت أبواب المدرعات، مما يعكس نقصًا حادًا في المعدات الأساسية.
مراسلة صحيفة 'يسرائيل هيوم'، ليلخ شوفال، أشارت بعد زيارات متكررة إلى مواقع القتال، إلى أن معظم الوحدات لا تملك سوى عدد محدود من السيارات المدرعة، وتضطر للتنقل في مركبات غير مصفحة مثل 'هامر' المفتوحة في مناطق تمثل خطوطًا ساخنة. وشددت على أن النقص في آليات مثل دبابات 'ميركافا 4' ومدرعات 'النمر' بات واضحًا، مما يحتم تركيز هذه الإمكانات فقط على الخطوط الأمامية، بينما تتعرض الوحدات الأخرى لخطر كبير. كما لفتت إلى أن وقوع إصابات حتى في المواقع الإدارية يدل على وجود خلل عام في التنظيم والانتشار داخل القطاع.
الحاجة الملحة لإعادة التسلح ووقف القتال
ترى شوفال أن الجيش الإسرائيلي قد بلغ درجة متقدمة من الإرهاق، وأن استمرار العمليات بهذا الشكل ليس ممكنًا. وتشير إلى أن الحاجة أصبحت ملحة لإيقاف المعارك لفترة تتيح للوحدات إعادة التسلح، وإصلاح المعدات المتضررة، وتوفير راحة ضرورية للجنود بعد أشهر طويلة من التوتر والقتال المستمر.
تحول في الرأي الإعلامي الدولي ونقد متصاعد للرواية الإسرائيلية
على الصعيد الإعلامي، سلطت قناة 'كان 11' العبرية الضوء على التحول الملحوظ في موقف الإعلامي البريطاني بيرس مورغان، الذي كان يُصنف سابقًا ضمن المتعاطفين مع الرواية الإسرائيلية. لكن القناة أشارت إلى أن مورغان بدأ بتبني لهجة أكثر حدة وانتقادًا، وخاصة في مقابلاته مع مسؤولين إسرائيليين.
من أبرز تلك الحالات، اللقاء مع وزيرة المساواة الاجتماعية ماي جولان، التي بدا عليها الحرج حين طُلب منها تحديد عدد الأطفال القتلى في قطاع غزة، وبدأت بالنفي قبل أن يعاود مورغان طرح السؤال بشكل متكرر. وفي مقابلة أخرى مع الناطقة باسم الحكومة الإسرائيلية فلور حسن ناحوم، والتي أدلت فيها بتصريح قالت فيه إن الجيش قادر على تحويل غزة إلى 'موقف سيارات خلال 12 ساعة'، رد عليها مورغان بالقول إن 70% من القطاع قد دُمر بالفعل، ومع ذلك لم تتحقق الأهداف الرئيسية التي أعلنت عنها إسرائيل. هذا التحول في الإعلام الدولي يزيد من الضغط على إسرائيل لتغيير سرديتها ونهجها في غزة.