كثيرا ما يطالب المحامون من المحكمة إخلاء سبيل موكليهم لانتفاء ما يعرف بـ«القصد الجنائي» ويستشهدون في سبيل ذلك بعدد من الأدلة والبراهين التي تثبت صحة حديثهم، ويكون الأمر بيد المحكمة إما يستجيب بعد التحقيق من صحة تلك الأدلة وجديتها من عدمه، ويصدر ما يراه مناسبا بشأن المتهمين.
تستعرض «أهل مصر» عبر السطور المقبلة ما هية القصد الجنائي وأنواعه وشروطه وفقا لنصوص القانون؟.
يتعدد القصد الجنائي ليشمل (عام وخاص)، أما القصد العام فيتمثل في انصراف إرادة الجاني للقيام بفعل وهو على علم بأن القانون ينهى عنه، ويمكن وصف القصد الجنائي العام بعبارة أخرى فهو إرادة مخالفة القانون، يستند إلى القصد العام التمييز بين الجرائم العمدية وغير العمدية.
ينص قانون الإجراءات الجنائية على أن القصد الجنائي العام قصدًا من الدرجة الأولى، ويجب أن يتوافر في جميع الجرائم العمدية بلا استثناء، ففي جريمة القتل مثلا يكون غرض الجاني هو إزهاق روح المجني عليه، وعلى سبيل المثال مثلا في جرائم السرقة يكون غرض الجاني حيازة المال المسروق.
أما فيما يتعلق بالقصد الجنائي الخاص فهو انصراف نية الجاني إلى غرض معين، فالباعث الخاص هو الدافع النفسي لتحقيق سلوك معين بالنظر إلى غاية محددة.
لا يكون القصد الجنائي الخاص إلا في الجرائم العمدية، مثلما يتطلب توافر القصد إلى جانب القصد الجنائي العام، وقسم الفقهاء القانونيون القصد أيضا إلى قصد جنائي مباشر بأن تنصرف إرادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة مع علمه بتوافر أركانها القانونية، واعتقاده اليقيني بأن نتيجة محررة بعينها بقصدها ستحقق أو قصدًا مباشرًا، إذا كانت النتيجة محققة قد توقعها الجاني كأثر أكيد لسلوكه ورغب في حدوثها.
وضرب المحامي محمود حسني، الخبير القانوني، مثالًا للقصد الجنائي المباشر بقيام الجاني بإطلاق النار على خصمه بهدف قتله، فإذا كان يتوقع نتيجة محددة يعينها وهي إزهاق روح المجني عليه، يعتبر قصده هنا قصدًا جنائيًا مباشرًا.
وتابع موضحا أن القصد الجنائي فى جريمة القتل أو السرقة واحد وهو ازهاق روح الانسان او إختلاس مال الغير، بينما تختلف الغاية وهى الهدف النهائي فى الجريمة الواحدة فقد تكون إشباع شهوة الانتقام أو تحقيق مغنم، فالغاية لا يعتد بها القانون ولا تأثير لها على قيام الجريمة تماماً كالبواعث وإن كانت تدخل ضمن تقدير العقوبة.
ولفت المحامي إلى أن التكييف القانوني للواقعة من اختصاص النيابة العامة، وقد يطالب المحامي في مرافعاتهم إعادة تكييف الوقائع من جنحة إلى أخرى أو جنحة إلى مخالفة أو من جناية الى جنحة بحسب مضمون وأسباب الواقعة وقد يوافقه القاضي ويعيد فعلا التكييف.
أضاف «حسني» في تصريحات لـ«أهل مصر» أن القصد الجنائي غير المباشر فهو أن الجاني كان يتوقع احتمال وقوعها ويقبل هذا التوقع، وهو أمرًا وسطًا بين القصد المباشر وغير المباشر، وفيه يريد الجاني إحداث نتيجة معينة لكن ينشأ عن فعله نتائج أخرى غير التي يقصدها وتسمى بالنتائج غير المقصودة أو غير المتوقعة، واستشهد مثلا بقيام الجاني إلى ضرب المجني عليه، ويؤدي هذا الضرب إلى وفاته ففي هذا المثال أقدم الجاني على فعل الضرب ولكن تحققت نتيجة أشد جسامة مما قدر لجريمته ولكن هذه النتيجة كانت في نظر المجني ممكنة الوقوع فيصبح القصد هنا غير مباشر.
وأشار المحامي إلى أن كل الجـرائم تشترط لقيامها توافر ركنًا معنويًا، فأما الجرائم العمدية فيأتي ركنها المعنوي في القصد الجنائي ويقصد به العلم بعناصر الجريمة وإرادة ارتكابها، أما الجرائم غير العمدية فيتمثل ركنها في الخطأ غير العمدي وهو اتجاه إرادة الشخص إلى إتيان سلوك خطر دون القيام بما هو واجب عليه من أخذ الحيطة.
تابعوا آخر أهل مصر على Google News
