قال الدكتور حسام غايش الخبير الاقتصادي، إن مصر تقدمت بطلب إلى صندوق النقد الدولي، لبدء مفاوضات حول برنامج جديد، يهدف إلى دعم خطط الدولة المصرية للإصلاح الاقتصادي الشامل.
وأضاف أن البرنامج الذي يأتي في ظل تأثير الأزمة الروسية الأوكرانية على الاقتصاد العالمي، يشمل تمويلا إضافيا لمصر، حيث يتعرض الاقتصاد العالمي وخاصة الاقتصادات الناشئة، لصدمات خارجية متزامنة، تتمثل في ارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع والخدمات وزيادة تكلفة التمويل، في ظل قيام العديد من البنوك المركزية العالمية برفع أسعار الفائدة.
وأضاف أن الانعكاسات الاقتصادية السلبية للأزمة الروسية الأوكرانية، ساهمت في زيادة ارتفاع أسعار الطاقة والسلع الغذائية والمعادن، فضلا عن تزايد حالة عدم اليقين والذعر بين المستثمرين، موضحا أن مصر لجأت إلى صندوق النقد الدولي عدة مرات، بما في ذلك اقتراض 2.8 مليار دولار و5.2 مليار دولار في مايو ويونيو 2020 على التوالي، بالإضافة إلى 12 مليار دولار في عام 2016.
وأشار غايش إلى أن مصر تلجأ إلى الاقتراض مع كل أزمة اقتصادية داخلية أو خارجية، لأن متخذي قرارات السياسات الاقتصادية المصرية، يعتمدون على ما يسمى باقتصاد الدين، ويتمثل في طريقة الاستثمار هذه على إصدار السندات وأذون الخزانة التي تصدرها الدولة، سعيا إلى ضخ سيولة من النقد الأجنبي في اقتصادها بشكل مباشر وغير مباشر، في المقابل يستفيد المستثمر عبر جني عائد مادي مرتفع على أمواله، عن طريق الفائدة المرتفعة في فترة زمنية وجيزة.
وأشار إلى أن هذه الآلية تشكل واحدة من أبرز طرق سد عجز الموازنة التي اعتمدتها الدولة في السنوات الأخيرة، على الرغم من حجمها الصغير للناتج المحلي الاجمالي، ولكنها كبيرة بالنسبة لحجم وقدرة التدفقات النقدية الأجنبية، الداخلة في أزمات متلاحقة خلال عامين فقط.
وأضلف أن مصر كانت خلال السنوات الماضية، تقدم واحدة من أعلى معدلات الفائدة الحقيقية على الديون في العالم، وانعكس هذا في الحجم الكبير من الاستثمار في سوق الدين المصري، من قبل المستثمرين الأجانب الذين كانوا يجنون ثروة من هذا النوع من الاستثمار في مصر، لكن حجم هذه الاستثمارات، بدأ بالتراجع في الشهور القليلة الماضية، التي شهدت خروج كثير من المستثمرين من سوق الدين المصري.
وتابع: يرجع ذلك إلى مجموعة من العوامل؛ كان آخرها الحرب في أوكرانيا، وأيضا توجه البنك الفيدرالي الامريكي بدءًا من أواخر العام الماضي، وعدد من كبرى البنوك المركزية في العالم، إلى رفع أسعار الفائدة لديها.
وأكد أن هذه القرارات شكلت ضغطا على أسواق الدين في الاقتصادات الناشئة ومن بينها مصر، إذ أن رفع أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية في الاقتصادات الكبرى، التي ينظر إليها على أنها أكثر استقرارا، يجعل الاستثمار في سوق الدين، في هذه الاقتصادات أكثر جاذبية، فهو يمثل درجة خطورة أقل، في حين يضمن رفع سعر الفائدة عائدا ماليا أكبر لهذه الاستثمارات.
وأكد أن هذا ما يدفع المستثمرين إلى سحب أموالهم من أسواق الدين في الاقتصادات الناشئة كمصر، وهو ما حدث بالفعل، حيث أن هذه الديناميكية تشير إلى الخطورة الكبيرة للاعتماد على هذا النوع من الاستثمارات كمصدر للتدفقات المالية على المدى البعيد، لأن مشكلة هذه التدفقات أنها قصيرة الأمد، لهذا يطلق عليها اسم الأموال الساخنة، التي تخرج عند حصول أي هزة.
واختتم بقوله إنه على الرغم من عدم وجود بيانات دورية، توضح حجم الاستثمار الأجنبي في سوق الدين المصري، تشير البيانات المتاحة، إلى أن قيمة هذا النوع من الاستثمارات، انخفض بمقدار النصف خلال شهر واحد تقريبا.