توقع تقرير صادر عن بنك جولدمان ساكس، انخفاض سعر الجنيه أمام الدولار إلى ما يتراوح بين 45 و50 جنيها، على أن يسبق الخفض إعلان نتائج مراجعات صندوق النقد الدولي مع مصر للقرض البالغ 3 مليارات دولار.
أوضح التقرير أنه هناك توقعات بتراجع الدولار إلى مستوياته السابقة في غضون 6 إلى 12 شهرا.
يقول بنك جولدمان ساكس في تقريره، غن الاستثمار الإماراتي في مدينة “رأس الحكمة” كان نقطة انعطاف مهمة، ويتوقع أن يؤدي حجم وسرعة الاستثمار إلى توفير سيولة كافية من العملات الأجنبية لتلبية احتياجات مصر التمويلية على المدى القريب والمتوسط، والسماح للبنك المركزي المصري بتسوية فجوة تمويل العملات الأجنبية، المقدرة بما يترواح بين 5 إلى 10 مليارات دولار، وفقا لمعظم الأشخاص الذي تحدث معهم بنك جولدمان ساكس في التقرير.
وقعت مصر الأسبوع الماضي مع شركة القابضة الإماراتية “ADQ” اتفاقية استراتيجية بإجمالي استثمارات 35 مليار دولار، تتحصل عليهم على مدى الشهرين المقبلين، منها 24 مليار دولار تمويل خارجي جديد، و11 مليار ودائع إماراتية لدى البنك المركزي المصري.
توقعات برنامج الصندوق
توقع التقرير أن يتم الإعلان عن نتائج مراجعات برنامج صندوق النقد الدولي قريبا.
وأضاف: “على الرغم من أن الاستثمار الإماراتي يقلل من حاجة مصر الفورية إلى حزمة تمويل من صندوق النقد الدولي، ووفقا للتقرير فإن مصر لا تزال تسعى إلى الانتهاء من برنامج كبير الحجم ونتوقع الإعلان عن اتفاقية خلال الشهر المقبل بحد أقصى أسبوعين”.
أشار التقرير، إلى أن مصر ستظل ملتزمة بالركائز الأساسية للبرنامج الاقتصادي، بما في ذلك تعزيز الاستدامة المالية، والانتقال إلى نظام سعر صرف أكثر مرونة، وتعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد.
اعتمدت الحكومة المصرية بعض التدابير لدعم أهداف البرنامج، بما في ذلك التباطؤ المعلن في الإنفاق على المشاريع والدمج المزمع لـ57 هيئة اقتصادية إضافية ضمن إطار ميزانية الحكومة العامة على مدى السنوات الخمس المقبلة.
“نتوقع المزيد من هذه التدابير، بما في ذلك الأهداف المالية الجديدة الأكثر صرامة، والتي سيتم الكشف عن تفاصيلها مع الإعلان عن حزمة صندوق النقد الدولي”.. قال البنك في تقريره.
ولا يتوقع المسؤولون أن يؤدي الاستثمار الإماراتي المعلن إلى تغيير جوهري في حجم البرنامج أو تصميمه، لكن من المرجح إجراء بعض التعديلات على المعايير الكمية، خاصة هدف صافي الاحتياطيات الدولية وافتراضات الديون قبل التوصل إلى اتفاق نهائي بين الطرفين.
“نتوقع تمويلا يترواح ما بين 15 و20 مليار دولار من خلال برنامج صندوق النقد الدولي، بما في ذلك التمويل من طرف ثالث من الاتحاد الأوروبي وغيره من الدول غير الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي”، بحسب جولدمان ساكس.
من المرجح أن يزود هذا البنك المركزي المصري، بالوسائل اللازمة لاستعادة السيولة في الاتجاهين في سوق العملات الأجنبية، وتخفيف الاختناقات الرئيسية على النشاط الاقتصادي التي كانت موجودة على مدى العامين الماضيين، وفقا للتقرير.
ثلاث مصادر محتملة لتدفقات الدولار
يرى البنك أنه هناك ثلاثة مصادر محتملة لزيادة تدفقات العملات الأجنبية، أحدهما تدفقات الدولار للبنك المركزي المصري، إذ من شأن استعادة سيولة العملات الأجنبية في الاتجاهين، وانخفاض قيمة الجنيه، وارتفاع أسعار الفائدة الاسمية أن يعجل بعودة التدفقات إلى سوق الديون المحلية.
والمصدر المحتمل الآخر هو التحويلات المالية من العاملين بالخارج التي تراجعت في الأشهر الأخيرة بسبب ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية والتوقعات بحدوث انخفاض كبير في قيمة العملة، وأخيراً المزيد من الاستثمارات العقارية المشابهة لصفقة رأس الحكمة.
“سمعنا من المسؤولين الحكوميين وغيرهم أن هناك المزيد من الاستثمارات المماثلة من قبل شركاء آخرين في مجلس التعاون الخليجي في طور الإعداد، مما يوفر سيولة إضافية كبيرة في العملات الأجنبية في الأشهر المقبلة، ومن وجهة نظرنا، يمثل هذا نقطة انعطاف واضحة لأصول المخاطر المصرية”، بحسب التقرير.
يرجح البنك أن يؤدي التخفيف الوشيك المتوقع لضغوط عرض العملات الأجنبية إلى انخفاض حاد في الطلب على المضاربة والتحوط على العملات الأجنبية، مما يؤدي إلى انخفاض سعر الصرف الموازي، وبالفعل انخفض من أكثر من 70 إلى أقل من 50 جنيهًا للدولار.
“من غير المرجح أن يؤدي انخفاض بهذا الحجم إلى تضخم على المدى القريب، نظرًا للارتفاع الحاد في قيمة الجنيه في السوق الموازية خلال الأسبوعين الماضيين، علاوة على ذلك، نعتقد أن التحسن الكبير في سيولة العملات الأجنبية من المرجح أن يؤدي إلى إعادة تقييم هبوطي لتوقعات التضخم ويعجل بعكس سلوك الاكتناز في قطاعات معينة من الاقتصاد، مما يقلل الطلب ويحسن العرض ويخفف ضغوط الأسعار”، قال جولدمان ساكس.
وفيما يتعلق بالائتمان الخارجي، أدت التطورات إلى الحد بشكل كبير من مخاوف المستثمرين فيما يتعلق بآفاق التمويل الخارجي على المدى المتوسط، وأدت إلى ارتفاع الدين الخارجي لمصر، مع انخفاض العائد على سندات اليورو لأجل 10 سنوات بما يزيد عن 200 نقطة أساس منذ الإعلان عن الاستثمار.
“على الرغم من التطورات الإيجابية، أثيرت مخاوف بشأن تحركات الحكومة المصرية على التطورات الأخيرة وآفاق الإصلاح على المدى الطويل، وعلى المدى القريب، أثيرت أسئلة بشأن استخدام عائدات الاستثمار الإماراتية، بالإضافة إلى المخاوف من أن تخفيف ضغوط التمويل الخارجي قد يؤدي إلى تراجع عزم مصر على الالتزام ببرنامجها”، وفقا للتقرير.
“لا نرى أي مؤشر حالي على مثل هذا الانزلاق في السياسات، وتشير محادثاتنا مع الحكومة المصرية إلى التزام واضح بمواصلة مسار الإصلاح، ومع ذلك، فإننا نعتبر أن سجل الأداء مختلط في هذا الصدد، ونعتقد أن برنامج صندوق النقد الدولي سيكون بمثابة مرتكز خارجي مهم لعملية الإصلاح في المستقبل”، كما ذكر التقرير.