تشهد مصر حالة من الترقب والقلق مع تزايد المخاوف من هروب الأموال الساخنة، وهو ما يهدد باستعادة شبح الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالبلاد في العام الماضي، فهل تستطيع مصر الصمود أمام هذه العاصفة المالية؟".
يؤكد الدكتور رمزي الجرم الخبير الاقتصادي، أن الأموال الساخنة ليست بالأمر السئ على الدوام، موضحاً في تصريح خاص لـ " أهل مصر"، أنها قد تكون أسرع البدائل المتاحة للحصول على موارد دولارية لسد الفجوة التمويلية الطارئة في الأزمات.
وأكد أنها قد تكون لها تداعيات سلبية وكارثية على الاقتصاد الوطني، خصوصا إذا كان هذا الاقتصاد يندرج تحت طائفة الاقتصادات الناشئة، والتي من بينها الاقتصاد المصري، نظراً لضعف أدوات الإنتاج وعدم مرونة الاقتصاد الوطني لمواجهة التحديات الشديدة.
وأضاف أن ذلك قد يؤدي إلى إحداث أزمة جديدة، بسبب عدم قدرة الاقتصاد الوطني على تدبير الموارد الدولارية للمستثمرين الدوليين في حالة التخارج المفاجئ، سواء كان بسبب أزمة مالية او اي أسباب أخرى.
وأشار إلى أنه قد اعتمدت الحكومة على الأموال الساخنة بشكل كبير خلال مرحلة الإصلاح الاقتصادي الذي بدأ في 2016 ، إلا أن اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية، قد أدى إلى خروج نحو 22 مليار دولار أمريكي من البلاد خلال الأربع شهور الأولى من عام 2022، والذي أحدث أزمة شديدة.
ولفت إلى أن تلك الأزمة استمرت تداعياتها السلبية لفترة طويلة، ولم ينتهي الأمر عند هذا الحد، ولكن اعتمدت الحكومة أيضاً على تلك السياسة مرة أخرى بعد قرارات مارس الماضي ،بعدما أصبح الاستثمار في السوق المصري له جاذبية خاصة، بعد تحرير العملة المحلية بشكل كامل، على الرغم من اعتراف وزير المالية السابق، بالخطأ الفادح في الاعتماد على سياسة الاموال الساخنة بعد اندلاع الحرب الأوكرانية الروسية.
وأكد الخبير الاقتصادي، أن انهيار أكبر البورصات العالمية في هذا الوقت، سوف يخلق العديد من التحديات الشديدة أمام صانعي السياسة الاقتصادية والنقدية في البلاد، نظراً لتوقع نزوح المزيد من الأموال الساخنة خارج البلاد بشكل سريع.
وأوضح أن هذا الأمر سيؤثر على سعر صرف العملة المحلية أمام الدولار الأمريكي، والذي بدأ في التحرك في حدود بسيطة إلى حد ما، ولكن حدوثها في هذا التوقيت ينذر ببوادر أزمة عاتية، قد تتجاوز ما حدث في بداية الربع الأول من عام 2022.
واستكمل:" أن ما قد يقلل من حدة تلك التطورات، هو وجود تصريحات تشير بتنازل الجانب السعودي عن ودائعه المودعة في البنك المركزي المصري بمبلغ 10 مليارات دولار ، مقابل تنفيذ صفقات استثمار مباشر في مصر، فضلا عن وجود توقعات تشير إلى قيام الفيدرالي الأمريكي بعقد اجتماع استثنائي لتخفيض سعر الفائدة الأمريكية لأكثر من 50 نقطة أساس".
وواصل:" أن وهذا الأمر ربما يدفع الأمور إلى حالة من الهدوء المصحوب بالترقب ، مما قد يعطي الفرصة لصانعي السياسة الاقتصادية والنقدية في البلاد في تدبير العديد من البدائل للخروج من الأزمة".